طوَّر باحثون من جامعة كوين ماري في بريطانيا أداة ذكاء اصطناعي مبتكرة، قادرة على إنشاء نماذج رقمية دقيقة لأنسجة القلب المتليفة، بهدف تحسين علاج مرضى الرجفان الأذيني الذي يعد أحد أكثر اضطرابات ضربات القلب شيوعاً.
وأوضح الباحثون -حسب النتائج المنشورة الجمعة بدورية «Frontiers in Cardiovascular Medicine»- أن هذه الأداة توفر محاكاة طبية واقعية تسهم في تخصيص العلاج لكل مريض على حدة، ما يرفع من فرص نجاح التدخلات الطبية، ويقلل من معدلات فشل العلاج.
ويُعد الكي القلبي من العلاجات الشائعة لحالات الرجفان الأذيني؛ حيث يُحدث الأطباء ندوباً صغيرة وموجهة بهدف حجب الإشارات الكهربائية غير المنتظمة. ولكن تباين معدلات النجاح، وصعوبة التنبؤ بنجاح العلاج لكل حالة على حدة، يمثلان تحدياً حقيقياً.
ويعتمد النموذج الجديد على صور حقيقية بالرنين المغناطيسي للقلب، تُستخدم للكشف عن وجود ندوب أو تليفات تؤثر على النظام الكهربائي للقلب. ويُقصد بالتليف القلبي ظهور أنسجة ندبية في القلب، غالباً بسبب التقدم في السن، أو الإجهاد المزمن، أو الرجفان الأذيني. وتؤدي هذه الندوب لتعطيل النظام الكهربائي بالقلب، مسببة اضطرابات في النبض.
وقام الفريق البحثي بتدريب نموذج الذكاء الاصطناعي على مائة صورة طبية حقيقية، ثم أنتج النموذج مائة توزيع اصطناعي لأنماط التليف القلبي، تحاكي بدقة البيانات السريرية الواقعية. ودُمجت تلك الأنماط في نماذج ثلاثية الأبعاد رقمية للقلب، ما مكَّن الباحثين من اختبار فاعلية استراتيجيات مختلفة لعلاج الرجفان الأذيني، مثل الكي القلبي.
وأظهرت النتائج أن الذكاء الاصطناعي قدَّم توقعات دقيقة وقريبة من الواقع، ما يجعل هذه الأداة بمنزلة «مُحاكٍ طبي» يسمح للأطباء بتجربة وتقييم خطة العلاج المثلى قبل إجرائها فعلياً.
وقال الباحث الرئيسي للدراسة بجامعة كوين ماري، الدكتور ألكسندر زولوتاريف، إن الهدف من هذه التقنية ليس الاستغناء عن قرار الطبيب؛ بل تزويده بأداة متقدمة تحاكي الواقع، تمكِّنه من اختبار خطط العلاج على نموذج رقمي يعكس بنية قلب المريض، قبل اتخاذ القرار النهائي.
وأضاف على موقع الجامعة، أن الأداة تساهم في التغلب على مشكلة ندرة البيانات الطبية، وتحافظ على خصوصية المرضى، ما يجعلها خياراً واعداً لبحوث القلب المستقبلية. ومع معاناة 1.4 مليون شخص من الرجفان الأذيني في المملكة المتحدة، وفشل نصف حالات الكي في تحقيق النتائج المرجوة، يتوقع الباحثون أن تسهم هذه التقنية في تقليل عدد الإجراءات المتكررة، وتوفير رعاية صحية أكثر كفاءة وخصوصية.
يشار إلى أن الرجفان الأذيني يحدث عندما تكون الإشارات الكهربائية التي تنظم ضربات القلب مشوشة أو غير منتظمة، مما يسبب تداخلاً في الإيقاع الطبيعي للقلب. ويمكن للرجفان الأذيني أن يزيد من خطر الإصابة بالسكتات الدماغية وأمراض القلب الأخرى، وغالباً ما يتطلب علاجاً متخصصاً، مثل الأدوية لتنظيم الضربات، أو إجراءات مثل الكي القلبي لإعادة تنظيم النشاط الكهربائي للقلب.