بعد أكثر من ثلاثة عشر عامًا من الثورة في سوريا، وما رافقها من حرب أدّت إلى مقتل أكثر من 300 ألف شخص، وتهجير ملايين آخرين. يبحث السوريون اليوم، بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، عن ذويهم المفقودين.
وتقول الشبكة السورية لحقوق الإنسان إن عدد المفقودين في سوريا يبلغ أكثر من 112 ألف شخص، لم يتم العثور عليهم بعد فتح سجون النظام.
وتشير الشبكة إلى أن غالبية المختفين قضوا تحت التعذيب، أو بسبب الإهمال الطبي، بالإضافة إلى ظروف الاحتجاز وعمليات الإعدام.
وأوضحت رابطة المحامين السوريين الأحرار، أن نظام الأسد صنّف المفقودين في سوريا على أنهم في عداد الموتى، مضيفة أن النظام كان قد أصدر شهادات وفاة لكثير من هؤلاء، على اعتبار أنها نتيجة موت طبيعي.
وأوضحت أن الشهادات تظهر تباينًا واضحًا في تواريخ الوفاة والتسجيل، ليصل الفارق أحيانًا إلى ثلاث أو خمس سنوات.
وتؤكد الرابطة أيضًا أن ذوي المتوفين لم يتسلموا جثامين أبنائهم، ما يطعن في صحة شهادات الوفاة.
هيئة وطنية لملف المفقودين
ودعا المحامي حسين عيسى إلى الإسراع في إنشاء هيئة وطنية أو مكتب خاص تكون مهمته الحفاظ على الوثائق الخاصة التي عُثر عليها في معتقلات النظام، سواء في سجن صيدنايا أو غيره من سجون وفروع أمنية، لمعرفة مصير المفقودين، وتحديد أماكن وجودهم واختفائهم لاحقًا.
وحذّر عيسى في إطلالة على شاشة التلفزيون العربي من دمشق، مما وصفها بمحاولات لطمس الأدلة.
وقال إن هناك وثائق يتم إحراقها أو التعامل معها بدون اكتراث فتتعرّض للضياع، مشيرًا إلى وجود مقابر جماعية يتم التعامل معها بدون إجراءات نظامية، مثل أخذ العينات من الجثامين لمطابقتها فيما بعد مع حالات بعض المخفيين قسريًا.
وأفاد عيسى بأن التوثيق للمرحلة السابقة بالغ الأهمية فيما يتعلق بإرساء العدالة الانتقالية، التي يفترض أن تمر بها البلاد، ولمحاسبة المتورطين في الجرائم في الحقبة السابقة.
مهمة ضخمة
وكانت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر ميريانا سبولياريتش، قد أكدت قبل أيام أن معرفة مصير المفقودين في سوريا تطرح “تحديًا هائلًا” بعد أكثر من 13 عامًا من حرب مدمرة، وأن الأمر قد يتطلب سنوات.
مطالبات بإنشاء هيئة وطنية خاصة لمتابعة ملف المفقودين-غيتي
وقالت سبولياريتش خلال زيارتها إلى دمشق إن منظمتها تعمل حاليًا “مع السلطات، والمؤسسات الوطنية المختلفة، والمنظمات غير الحكومية، وخاصة مع جمعية الهلال الأحمر الوطني، لبناء الآليات التي ستسمح بالحصول على صورة أوضح”.
لكنها أضافت: “تحديد هوية المفقودين وإبلاغ عائلاتهم بمصيرهم يمثل تحديًا كبيرًا، وسيستغرق وقتا لاستيعاب حجم المهمة. ما يمكنني قوله الآن هو أن المهمة ضخمة”.
وأشارت إلى أن الأمر “سيستغرق سنوات لتحقيق الوضوح وإبلاغ جميع المعنيين، وستكون هناك حالات قد لا نتمكن من تحديدها أبدًا”. وأوضحت أن “جمع البيانات، وحمايتها، وإدارتها، وتحليلها جزء من التحدي الذي نواجهه في ما يتعلق بالمفقودين”.
وقالت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن منظمتها كانت تتابع حتى “وقت قريب 35 ألف حالة”، وأضافت: لكن “منذ أن أنشأنا خطًا ساخنًا جديدًا في ديسمبر/ كانون الأول، أضيف 8 آلاف طلب آخر” للبحث عن مفقودين.
واعتبرت أن “هذا يشكل فقط جزءًا محتملًا من الأرقام الموجودة والتي يمكننا مواصلة العمل عليها”.