وصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، صباح اليوم الجمعة، إلى العاصمة بيروت، في أول زيارة له إلى لبنان منذ انتخاب جوزيف عون رئيسًا للبلاد، بعد فراغ رئاسي استمر لأكثر من عامين.
وهبطت طائرة الرئيس الفرنسي قرابة الساعة السابعة صباحًا بالتوقيت المحلي في مطار رفيق الحريري الدولي، حيث كان في استقباله رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وعدد من المسؤولين، وفق ما أفادت به وسائل إعلام لبنانية.
“مساعدة لبنان”
وتهدف زيارة ماكرون التي تستمر يومًا واحد إلى “مساعدة” نظيره اللبناني الذي انتخب قبل أسبوع، ورئيس الحكومة المكلّف نواف سلام، على “تعزيز سيادة لبنان وضمان ازدهاره وصون وحدته”، بحسب ما أعلنت الرئاسة الفرنسية.
وهذه هي الزيارة الأولى لماكرون منذ عام 2020 وضمن أهدافها المساعدة في تسريع تشكيل حكومة، يمكنها تنفيذ الإصلاحات على وجه السرعة، وفتح المجال لإعادة الإعمار، وفق بيان قصر الإليزيه.
وقال مصدر في الرئاسة الفرنسية في إفادة للصحفيين قبل الرحلة، إن الهدف هو التأكيد على أهمية سيادة لبنان، ومساعدته على تحقيق إصلاحات اقتصادية هيكلية من شأنها استعادة الثقة الدولية، وضمان وجود حكومة موحدة قادرة على تحقيق التغيير.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، الذي وصل لبنان مع ماكرون، في البرلمان خلال مناقشة حول السياسة الفرنسية في الشرق الأوسط: “خلال ثلاثة أشهر، ساعدنا لبنان على الانتقال من التصعيد إلى التعافي، وفتح صفحة جديدة من الأمل”.
وأضاف قائلًا: “بفضل الدعم الشعبي والإجماع الداخلي الواسع والدعم الدولي، يمكن للسلطة التنفيذية اللبنانية الجديدة أن تعمل بشكل حاسم لاستعادة سيادة الدولة وإعادة بناء لبنان”.
تحفظات حزب الله والاتفاق مع إسرائيل
وترى الدبلوماسية الفرنسية في انتخاب رئيس جديد للبنان وتكليف رئيس حكومة أصيلة بدلًا من حكومة تصريف الأعمال “انتصارًا” يكّرس جهودها لأن القاضي الدولي الذي يحظى باحترام كبير كان مرشّحها للمنصب، لكنّ تسمية سلام بقيت تواجه تحفّظات من حزب الله الذي شكل القوة السياسية والعسكرية الأبرز في البلاد.
ولم يحظ سلام الذي نال تأييد غالبية نيابية، بدعم حزب الله وحليفته حركة أمل بزعامة رئيس البرلمان نبيه بري.
ومنذ الهدنة التي توسطت فيها فرنسا والولايات المتحدة في نوفمبر/ تشرين الثاني بين إسرائيل وحزب الله، لعبت باريس دورًا رئيسيًا في المساعدة في كسر الجمود السياسي في لبنان، إلى جانب نظيرتيها الأميركية والسعودية، مما أسفر عن انتخاب رئيس ورئيس وزراء جديدين.
وتشمل لقاءات ماكرون أيضًا خلال الزيارة التي تستمر 12 ساعة قادة اللجنة المشرفة على تطبيق وقف لإطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل، إثر مواجهتمها الأخيرة.
وينصّ الاتفاق على انسحاب إسرائيل من المناطق التي دخلتها في الجنوب، بحلول 26 يناير/ كانون الثاني، ويشمل الالتزام بقرار مجلس الأمن الدولي 1701 الصادر في عام 2006 والذي من بنوده ابتعاد حزب الله عن الحدود، ونزع سلاح كل المجموعات المسلحة في لبنان وحصره بالقوى الشرعية دون سواها.
وبحسب مصادر مقرّبة من الإليزيه، سيشدّد الرئيس الفرنسي خلال زيارته على ضرورة “التزام المهل المنصوص عليها في اتفاق وقف إطلاق النار”. كذلك، سيدعو حزب الله إلى “التخلّي عن السلاح” بغية “الالتحاق بالكامل بالمعادلة السياسية”.
وتتزامن زيارته مع زيارة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي وصل مساء أمس الخميس وقد يلتقيان في لبنان على ما أفاد مصدر دبلوماسي فرنسي لوكالة فرانس برس.
ولبيروت روابط تاريخية قوية مع باريس، لكن العلاقة شهدت تعقيدات في السنوات الأخيرة، فيما تنوّه دوائر الإليزيه بالتطوّرات الأخيرة في البلد المتوسطي الصغير والذي يكتسي “قيمة رمزية وأخرى إستراتيجية خاصة في الشرق الأوسط الحالي”.