سمح انسحاب قوات نظام بشار الأسد المخلوع، من مطار المزة العسكري عند مشارف العاصمة دمشق، لمعتقل سوري سابق باستعادة ذكرى المعاناة التي تكبدها داخله، بعد تكشف الفظائع البشعة التي كانت تمارس بحق المعتقلين.
ولم تكن المزة قاعدة عسكرية للمقاتلات والمروحيات الهجومية فحسب بل أيضًا سجنًا يديره فرع الاستخبارات في القوات الجوية.
وأمس الأربعاء، عاد رياض حلاق البالغ 40 عامًا والأب لثلاثة أبناء، إلى “مسرح الجريمة” بحقه ليفتش بين أنقاض قاعة مؤتمرات ضمت في فترة من الفترة 225 معتقلًا.
واعتقل حلاق في عام 2012 خلال مشاركته في تشييع متظاهرين قتلوا برصاص القوى الأمنية.
وقد أوثق هذا الخياط وضرب واحتجز مدة شهر في غرفة تدريب للطيارين قبل أن ينقل إلى منشأة أخرى اعتقل فيها لشهرين و13 يومًا إضافيًا.
تفاصيل مؤلمة
وعند سماع حماية مطار المزة من فصائل المعارضة السورية عند مدخله قصة المعتقل حلاق، سمحوا له بالعودة إلى مسرح معاناته ليحصل على أدلة يأمل في أن تساعد عائلات أخرى في إيجاد أحباء مفقودين.
ويروي حلاق كيف أنه لم يكن يُسمح له بالخروج من القاعة خلال شهر كامل إلا مرتين في اليوم لاستخدام المرحاض في مجموعة من ثلاثة معتقلين كانوا ينامون متلاصقين على الأرض الخرسانية الباردة.
في أحد الأيام، سمع دوي انفجار في الخارج، ففرح مع المعتقلين الآخرين أملًا في أن تكون الفصائل تقتحم المطار إلا أن ضابطًا رفيع المستوى سخر منهم وكذلك فعل جنود استرسلوا بالضحك.
وقال حلاق في المكان: “لو كان أحد منا يشتكي من الظروف يقول الضابط لنا إننا نتلقى معاملة خمس نجوم مهددًا بنقلنا إلى مكان آخر”.
وأنجب حلاق مع زوجته ثلاثة أطفال وبات بإمكان العائلة الآن أن تأمل بالعيش بحرية أكبر في سوريا التي تخلصت من حكم عائلة الأسد الذي استمر لنصف قرن.
وفيما كان يفتش عن ملفات آملًا بأن تساعده في إلقاء الضوء على معاناته ومصير أصدقاء مفقودين، واجه صعوبة على غرار كثيرين في سوريا في التعبير عن مشاعره.
ويقول: “من الصعب التفسير. لا أجد كلمات لأوصف ذلك. لا يسعني الكلام”.
وفرّ رئيس النظام المخلوع بشار الأسد فجر الثامن من ديسمبر/ كانون الأول الجاري إلى روسيا، حيث استطاعت الفصائل والأهالي فك السجون وتحرير المعتقلين الأحياء وخاصة في سجن صيدنايا قرب دمشق والذي شهد جرائم بشعة بحق المعتقلين منها كبس أجساد المعتقلين بمكبس حديد لسحب السوائل من أجسادهم ليسهل نقلهم ودفنهم بمقابر جماعية بأماكن مجهولة.
وقد خرج الآلاف من المعتقلين من سجون نظام الأسد منذ 27 من الشهر الماضي حينما أعلنت فصائل سورية معارضة بدء عملية عسكرية تحت اسم “ردع العدوان” لإسقاط نظام الأسد.
وإلى الآن ما يزال الآلاف من المعتقلين لم يتم العثور عليهم في سجون نظام الأسد، حيث يرجح مراقبون أن يكونوا داخل سجون سرية لم تعرف بعد أو قد يكونوا في عداد الموتى.