يسدل عام 2024 ستاره تاركًا وراءه آلامًا وجراحًا لن تغادر الذاكرة الفلسطينية في ظل أهوال العدوان المستمر على غزة منذ أكثر من سنة، وتبعاته على الضفة الغربية المخنوقة بجزر المستوطنات.
وبدأ الاحتلال عام الاغتيالات الكبرى باغتيال نائب رئيس حركة حماس صالح العاروري في 2 يناير/ كانون الثاني، بعد قصف مسيرة إسرائيلية مكتبًا لحماس في ضاحية بيروت الجنوبية، في سياق ما سمته تل أبيب تصفية حساب مع من اتهمته مرارًا بإدارة عمليات الضفة خلال السنوات الماضية.
وفي 31 يوليو/ تموز، اغتالت إسرائيل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران خلال زيارة أجراها للمشاركة في مراسم تنصيب الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان.
سلسلة اغتيالات
ثم قتلت خليفته في رئاسة المكتب السياسي للحركة يحيى السنوار، في 17 أكتوبر/ تشرين الأول، خلال اشتباكات في رفح جنوبي قطاع غزة، بعد ملاحقة طويلة لمن تعده إسرائيل العقل المدبر لهجوم السابع من أكتوبر.
وزعم الاحتلال أيضًا اغتيال القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف في 13 يوليو، بعد قصفه خيام النازحين بمواقع خانيونس، كما أعلن اغتيال العديد من القيادات العسكرية للحركة بالقطاع.
وفي عام 2024، أمعن الاحتلال في القتل الجماعي بغزة فتجاوزت حصيلة الشهداء والمفقودين 56 ألفًا إلى جانب أكثر من 100 ألف جريح، كما واصل تدمير المنازل والبنى التحتية والمؤسسات الصحية، خاصة شمال القطاع الذي يشهد عملية عسكرية متواصلة لتفريغه ممن تبقى من السكان ودفعهم للنزوح جنوبًا.
وشهد قطاع غزة هذا العام حدثًا بارزًا تمثل بسيطرة الاحتلال على معبر رفح ومحور صلاح الدين الحدودي مع مصر في 7 مايو/ أيار، بالتزامن مع شن عملية واسعة في مدينة رفح، محولًا إياها إلى ركام ودمار.
وسط ذلك، تفاقم المشهد الإنساني في القطاع يومًا بعد آخر، في ظل منع الاحتلال وصول المساعدات خاصة إلى شماله، وتدميره مقومات الحياة، فاستشهد كثيرون جوعًا أو مرضًا في ظل منع الاحتلال إدخال الدواء واستهداف المستشفيات ومنع علاج المرضى في الخارج.
واستدعى هذا الأمر تحركًا منمالمحكمة الجنائية الدولية تجلى بإصدار مذكرة اعتقال في حق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير أمنه السابق يؤاف غالانت لمسؤوليتهما عن حرب الإبادة في غزة، وهي خطوة تعد سابقة منذ قيام إسرائيل.
حرب على الضفة وجهود لوقف النار في غزة
سياسيًا تواصلت الجهود الإقليمية والدولية لإبرام صفقة لوقف إطلاق النار في غزة، لكن تعنت بنيامين نتنياهو أفشلها في المرات السابقة، غير أن الآمال تجددت بعقد الصفقة المنشودة على وقع ضغوط تمارسها الإدارة الأميركية الحالية، وكذلك الرئيس المنتخب دونالد ترمب لبلورة اتفاق لتبادل الأسرى.
وضمن الحرب على كل شيء، استكملت إسرائيل عدوانها باستهداف وكالة الأونروا في محاولة لإنهائها وإسقاط قضية اللاجئين من الأجندة الأممية، وذلك بتصديق الكنيست على قانون يحظر أنشطة الوكالة الأممية.
وإلى الضفة الغربية، حيث تحتدم معركة كسر العظام، وتسابق حكومة اليمين الإسرائيلي الزمن لفرض تغييرات إستراتيجية للواقع، بالترافق مع تصعيد قمعها للسكان من خلال الاقتحامات والاغتيالات والتدمير، خاصة في شمال الضفة، مع تقطيع أوصال مناطقها بالحواجز والمستوطنات.
ووفق تقارير متخصصة، شهدت القدس والضفة تسونامي استيطانيًا، إذ صادرت إسرائيل 250 ألف دونم، وهجرت عشرات التجمعات السكنية، وصدقت على 182 مخططًا استيطانيًا، وسط أفق ضبابي لمستقبل الضفة ومخاوف التهجير وتغيير الواقع ديمغرافيًا واستيطانيًا وأمنيًا.