رحلة فريدة قطعها الفنان الإيطالي ماركو كونتي شيكيتش، نقلته من تخصُّص الهندسة بحساباته الدقيقة والمعقّدة إلى رحاب الفنّ وحيويته الإبداعية. وفي أحد الأعمال التي أنجزها خلال إقامة فنّية استمرَّت أسابيع في العاصمة السعودية، عكس هذه الرحلة بصورة مُبتكرة تُبرز انتقاله من عالم الأرقام إلى عالم البصريات.
وشارك الفنان الإيطالي ماركو كونتي شيكيتش ضمن برنامج الإقامة الفنّية «مساحة» في دورته العاشرة، الذي تنظّمه مؤسّسة «مسك للفنون»؛ إذ يقضي الفنانون 12 أسبوعاً في بحث معمَّق حول الإدراك والذاكرة والحقيقة. واختتم البرنامج بعرض الأعمال خلال «أسبوع مسك للفنون» الذي أقيم في الرياض بصالة الأمير فيصل بن فهد للفنون لـ6 أيام متتالية.
وكشف ماركو، البالغ 47 عاماً، عن رحلته من الهندسة إلى الفنّ، وعن العمل الذي عكف عليه خلال إقامته في الرياض، مركّزاً فيه على استعراض فنّي وهندسي لأسماء الله الحسنى عبر لوحات بصرية متحرّكة، مستخدماً خبرته الهندسية والفنّية وتقنيات الرسم الحاسوبي في إنجازه.
وماركو يعتمد على الرياضيات الدقيقة والتأمّل البصري؛ إذ عمل على تحليل أسماء الله الحسنى من منظور هندسي ولغوي، مستخدماً أدوات حاسوبية متقدّمة، من بينها البرمجة بلغة «بايثون» وأجهزة «بلوترز» متطوّرة، لتطبيق القواعد الرياضية والهندسية وتحويلها إلى تشكيلات مرئية تتحرّك باستمرار. وتعكس هذه التكوينات البصرية رحلة بحثه العميقة حول الروحانية والمعرفة. وأشار ماركو إلى أنّ هدف أعماله هو توثيق تجربة التأمّل في التناغم الكوني داخل الهندسة الإسلامية، وفَهْم كيفية إدراك الإنسان لهذا النظام الروحي البصري عبر الذاكرة والتجارب المتراكمة.

وقال ماركو، الذي اعتنق الإسلام قبل 5 سنوات، إنّ «التحولات البصرية في العمل تمثّل رحلة من الفوضى إلى الوضوح، ومن التشوّش إلى الانسجام الداخلي، وهو ما يعكس تجربتي الشخصية أكثر من أي شيء آخر. ويُعدّ هذا المشروع امتداداً لسلسلة أعمالي السابقة التي عُرضت في باريس و(آرت بازل) و(غاليري ساتشي)؛ إذ وضعتُ نفسي في موقع الباحث والمتعلّم لهذا الإرث الهندسي».
وجمع معرض هذا العام، إلى جانب ماركو، 12 فناناً آخر، منهم: أحمد حداد، والحسن عنقاوي، وأليونا فولكوفا، وأسما الشريهي، وفابيو دارتيزيو، وجود فهمي، ولولو الغفيلي، وغفار رزاييف، وسارة الإدريسي، وشادن هشام، وشي نينغ. وقد أتاح «أسبوع مسك للفنون» فرصة التفاعل المباشر مع الأعمال الفنّية من خلال المعارض، والورشات، وسوق الفنّ، والتصميم والبرامج العامة، في تجربة فنّية متجدّدة تعكس التزام «معهد مسك للفنون» بدعم الإبداع وإتاحة الفنّ للجميع، وتعزيز المشهد الفنّي في السعودية وخارجها.



