تتجه الأنظار إلى كوريا الجنوبية الأسبوع المقبل، حيث يُنتظر أن يلتقي الرئيس الأميركي دونالد ترمب نظيره الصيني شي جينبينغ على هامش قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (أبيك)، في لقاء يأتي وسط تصاعد التوتر التجاري بين أكبر اقتصادين في العالم، ومحاولات لتهدئة واحدة من أعقد الأزمات الاقتصادية الدولية.
البيت الأبيض يؤكد… وبكين تتحفظ
وأكد البيت الأبيض، الخميس، أن الرئيس ترمب سيعقد اجتماعاً ثنائياً مع الرئيس الصيني صباح الخميس المقبل بالتوقيت المحلي في كوريا الجنوبية، ضمن جولته الآسيوية التي تشمل أيضاً ماليزيا واليابان.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولاين ليفيت، إن ترمب «سيشارك في اجتماع ثنائي مع الرئيس شي جينبينغ قبل عودته إلى واشنطن مساء اليوم ذاته»، مشيرة إلى أن الجولة الآسيوية تبدأ الجمعة بزيارة إلى ماليزيا ثم اليابان قبل أن يختتمها في كوريا الجنوبية.
من جانبها، أكدت وزارة الخارجية الصينية، الجمعة، أن الرئيس الصيني سيزور كوريا الجنوبية بين 30 أكتوبر (تشرين الأول) و1 نوفمبر (تشرين الثاني) لحضور قمة «أبيك»، وإلقاء كلمة خلال الجلسة الافتتاحية، لكنه لم يؤكد لقاء ترمب بشكل مباشر.
وحين سئل عن القمة مع الرئيس الأميركي، قال المتحدث باسم الوزارة، غو جياكون، في مؤتمر صحافي: «سيعقد الرئيس شي اجتماعات ثنائية مع عدد من القادة، وسنصدر المزيد من المعلومات في الوقت المناسب».
مفاوضات جديدة في ماليزيا
ويتزامن الإعلان عن اللقاء المرتقب مع جولة جديدة من المحادثات التجارية بين بكين وواشنطن بدأت يوم الجمعة في كوالالمبور، ويقودها من الجانب الصيني نائب رئيس الوزراء هي ليفنغ، ومن الجانب الأميركي الممثل التجاري جاميسون غرير الذي سيرافق ترمب في جولته الآسيوية.
وقال وزير التجارة الصيني، وانغ وينتاو، إن «الجولات الأربع السابقة من المشاورات أظهرت أن البلدين قادران على إيجاد حلول مشتركة»، مؤكداً أن «الصين والولايات المتحدة يمكنهما تعزيز التنمية المستقرة والمستدامة للعلاقات الاقتصادية من خلال الاحترام المتبادل والتشاور المتكافئ».
توترات لا تتوقف
وتأتي هذه التحركات بعد أشهر من تصعيد متبادل بين الجانبين. فمنذ عودة ترمب إلى البيت الأبيض مطلع العام، اندلعت موجة جديدة من الحرب التجارية، تمثلت في فرض قيود متبادلة على الصادرات وخصوصاً في مجالات التكنولوجيا والمعادن النادرة.
وفي أكتوبر الحالي، أعلنت الصين تشديد القيود على صادرات المعادن الاستراتيجية والتقنيات الحساسة، في خطوة أثارت ردود فعل غاضبة في واشنطن، التي اتهمت بكين «باستخدام سلاسل الإمداد سلاحاً سياسياً».
وقال ترمب من جانبه إنه «يتطلع إلى اجتماع مثمر» مع الرئيس الصيني، لكنه أشار إلى أنه «سيبدأ الحديث حول قضية الفنتانيل»، وهو مخدر صناعي قوي تتهم واشنطن الصين بأنها مصدر رئيسي له في السوق الأميركية.
أجندة مزدحمة في «أبيك»
وسيشارك في القمة التي تستضيفها مدينة جيونغجو الكورية الجنوبية قادة ووفود من 21 اقتصاداً عضواً، بينهم اليابان وماليزيا وكندا وأستراليا، إلى جانب الولايات المتحدة والصين.
وأكد مستشار الأمن الوطني الكوري الجنوبي، وي سونغ لاك، أن الرئيس الكوري لي جيه ميونغ سيعقد محادثات قمة مع ترمب في 29 أكتوبر، ومع شي في الأول من نوفمبر، مشيراً إلى أن هناك استعدادات أيضاً لاجتماع ثلاثي يضم اليابان وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة.
ورغم أن القمة تركز على قضايا الاقتصاد الإقليمي والتعاون التجاري، فإن اللقاء الأميركي الصيني المرتقب سيخيم على الحدث، إذ يعتبر اختباراً جديداً لقدرة القوتين على تجاوز الخلافات المتفاقمة حول الذكاء الاصطناعي وسلاسل التوريد وأمن التكنولوجيا، فضلاً عن النزاعات الجيوسياسية في بحر الصين الجنوبي وتايوان.
ترقب دولي
ويرى مراقبون أن أي تقارب محتمل بين واشنطن وبكين، ولو محدوداً، قد ينعكس إيجاباً على الأسواق العالمية التي تعاني من تباطؤ النمو وارتفاع معدلات التضخم. غير أن المحللين يشيرون أيضاً إلى أن الهوة الآيديولوجية والاستراتيجية بين الجانبين أعمق من أن تُجسر بلقاء واحد، ما يجعل قمة كوريا الجنوبية أشبه بـ«هدنة دبلوماسية مؤقتة» أكثر من كونها انفراجة حقيقية.


