بكين ترد على واشنطن: تصريحات بيسنت «مشوهة»… وقيود المعادن ليست حظراً
اتهمت وزارة التجارة الصينية الولايات المتحدة بـ«تشويه الحقائق»، و«تضليل الرأي العام»، وذلك ردّاً على تصريحات وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، الذي وجّه انتقادات حادة للسياسات التجارية الصينية هذا الأسبوع خلال منتدى اقتصادي في واشنطن.
وقالت الوزارة في بيان رسمي إن الجانب الأميركي «حرّف الوقائع» بشأن مواقف الصين ونائب وزير تجارتها، مؤكدة أن بكين «تتخذ موقفاً بنّاءً، وتسعى إلى تعزيز التعاون في القضايا التجارية»، في إشارة إلى المحادثات الثنائية التي جرت بين وفدي البلدين في وقت سابق من الأسبوع.
وأضاف البيان: «نأمل أن تُقدّر الولايات المتحدة التقدم الذي تحقق في المحادثات السابقة، وأن تصحح أخطاءها بدلاً من إطلاق تهديدات جديدة بفرض رسوم جمركية».
تهديدات الرسوم الأميركية
وجاء الرد الصيني بعد ساعات من تصريحات بيسنت التي قال فيها إن بلاده «لن تتهاون مع الممارسات التجارية غير المتكافئة»، ملمحاً إلى احتمال فرض رسوم جمركية إضافية على السلع الصينية إذا استمرت «القيود غير العادلة».
وأكدت وزارة التجارة الصينية أن تصريحات بيسنت تنطوي على تناقض واضح، إذ «تدعو إلى الحوار من جهة وتطلق تهديدات من جهة أخرى»، مضيفة أن بكين «لن تتردد في حماية مصالحها المشروعة إذا اتخذت واشنطن خطوات أحادية جديدة».
قيود المعادن النادرة
وفي ملف المعادن النادرة، أوضحت وزارة التجارة الصينية أن القيود التي أعلنتها مؤخراً لا تعني حظر التصدير، بل تهدف فقط إلى «ضمان الاستخدام السلمي والمعايير البيئية» في هذا القطاع الاستراتيجي.
وقالت الوزارة إن «التفسير الأميركي لهذه القيود مبالغ فيه ومشوّه للحقائق، وقد تسبب في حالة غير مبررة من الهلع في الأسواق العالمية». وأضافت أن «جميع طلبات تراخيص التصدير ذات الأغراض المدنية سيتم الموافقة عليها وفق القواعد المعمول بها»، مؤكدة أن الصين «تلتزم بتوريد مستقر ومسؤول للمواد الخام الحيوية للصناعات العالمية».
رفض التدخل في شؤون الشركات
وفي ردّها على قضية شركة «نيكسبيريا» الهولندية المملوكة لمستثمرين صينيين، التي تواجه ضغوطاً في أوروبا بسبب مخاوف تتعلق بالأمن القومي، قالت وزارة التجارة إن الصين «تعارض أي تدخل سياسي في الشؤون الداخلية للشركات الخاصة»، وتدعو إلى «بيئة أعمال منفتحة وعادلة وغير تمييزية».
كما انتقدت الوزارة الدعم الأميركي لصناعة المركبات الكهربائية (NEV)، عادّة أنه «ينتهك قواعد منظمة التجارة العالمية»، ويؤدي إلى «تمييز ضد المنتجات الصينية». وأضافت أن «الولايات المتحدة لا يمكنها المطالبة بالتجارة الحرة بينما تمارس سياسة حمائية تُقيد دخول السلع الصينية إلى أسواقها».
وشدّدت وزارة التجارة على أن الصين تتخذ موقفاً بنّاءً في الحوار الاقتصادي، وقدّمت بالفعل «اقتراحات محددة لتعزيز التعاون التجاري والاستثماري مع الولايات المتحدة»، لكنها أكدت في الوقت نفسه أن بكين «لن تقبل بسياسات الإكراه أو ازدواجية المعايير». وقالت الوزارة إن «الصين لا تسعى إلى صراع، لكنها لن تخشى المواجهة إذا فُرضت عليها».
تصعيد متبادل وقلق الأسواق
يأتي هذا التراشق اللفظي بعد أيام من تحذير واشنطن من قيود صينية جديدة على تصدير المعادن النادرة، التي تُستخدم في صناعة أشباه الموصلات والطائرات والتقنيات الخضراء، وهي مواد تُعدّ حيوية لسلاسل الإمداد العالمية.
وكان بيسنت قد قال في وقت سابق إن «البيروقراطية الصينية لا يمكنها إدارة سلاسل التوريد للعالم بأسره»، داعياً إلى «إعادة التوازن الصناعي في مواجهة اقتصاد غير سوقي».
وتحاول بكين، من جهتها، تهدئة الأسواق والتأكيد على أن سياساتها «تستند إلى الأمن القومي والاستدامة»، لا إلى «الانتقام الاقتصادي».
انتقادات أميركية حادة
وانتقد مسؤولون أميركيون كبار، يوم الأربعاء، التوسع الكبير الذي قامت به الصين في ضوابط تصدير المعادن النادرة، ووصفوه بأنه يُشكّل تهديداً لسلاسل التوريد العالمية، لكنهم قالوا إن بكين لا تزال قادرة على تغيير مسارها وتجنب خطوات واشنطن للانفصال عن ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وصرح الممثل التجاري الأميركي، جيمسون غرير في مؤتمر صحافي، بأن قيود التصدير الصينية الجديدة تُمثل «استحواذاً على سلسلة التوريد العالمية»، وأن الولايات المتحدة وحلفاءها لن يقبلوا بهذه القيود. ومع ذلك، أكد غرير ووزير الخزانة سكوت بيسنت أيضاً أن واشنطن لا ترغب في تصعيد الصراع، الذي عكّر صفو الأسواق المالية، ودفع العلاقات الأميركية الصينية إلى حالة من الاضطراب.
وحتى مساء الثلاثاء، كان الرئيس الأميركي دونالد ترمب لا يزال يتوقع لقاء الرئيس الصيني شي جينبينغ في كوريا الجنوبية في وقت لاحق من هذا الشهر، وفقاً لبيسنت.
وأضاف غرير أن الصين لم تُطبّق بعد النظام التنظيمي المُعدّل للمعادن النادرة، ولا يزال بإمكانها التراجع، تماماً كما لم تُطبّق الولايات المتحدة زيادةً انتقاميةً بنسبة 100 في المائة في الرسوم الجمركية على الواردات الصينية. وقال غرير: «هذه مسودة، أو في طور الصياغة، لذا فالأمر واقعي تماماً، لكن توقعاتنا هي أنهم لن يطبقوا هذا وأننا سنتمكن من العودة إلى ما كنا عليه قبل أسبوع، حيث كانت لدينا مستويات التعريفات الجمركية التي اتفقنا عليها، ولدينا تدفق المعادن النادرة الذي اتفقنا عليه».
ولم يناقش أيٌّ من المسؤولين النتائج المحتملة للمفاوضات الرامية إلى تجنب القيود والرد الأميركي الانتقامي، التي تشمل تهديد ترمب بزيادة التعريفات الجمركية على الواردات الصينية بنسبة 100 في المائة إضافية.