هل انتصار ليفربول العريض على فرانكفورت بداية لحل مشكلاته؟
كان الفوز العريض الذي حققه ليفربول على مضيفه آينتراخت فرانكفورت الألماني 5-1 أبرز نتائج اليوم الثاني للجولة الثالثة لدوري أبطال أوروبا، ومفصلياً، لأن الفريق الإنجليزي نجح من خلاله في وقف سلسلة من أربع هزائم متتالية في كل المسابقات ليرفع الضغوط عن مدربه الهولندي أرنه سلوت بعد موجة انتقادات حادة.
وشهد اليوم الثاني للجولة الثالثة تحقيق كل من ريال مدريد الإسباني وبايرن ميونيخ الألماني الفوز الثالث توالياً، بفوز الأول الصعب على يوفنتوس الإيطالي 1-0، والثاني العريض على كلوب بروج البلجيكي 4-0، لكن الجميع كان يترقب ماذا سيفعل ليفربول للخروج من دوامة الهزائم المتتالية، ونجح في الاختبار، وعاد من فرانكفورت بفوز كبير من المتوقع أن يعيد الثقة للفريق، ومدربه.
وأجرى سلوت تغييرات على تشكيلته أبرزها أنه وضع مهاجمه وهدافه الأبرز محمد صلاح على مقاعد البدلاء، ومنح كلاً من الألماني فلوريان فيرتز والسويدي ألكسندر إيزاك الفرصة للظهور أساسيين.
وكان الجانب الأكثر إثارة للاهتمام في هذا التغيير هو قرار سلوت إشراك إيزاك، صاحب أغلى صفقة في تاريخ كرة القدم البريطانية، إلى جانب الفرنسي أوغو إيكيتيكي المتألق، لأول مرة معاً.
وأثمرت هذه المغامرة، حيث سجل إيكيتيكي هدفاً في مرمى ناديه الذي رحل عنه الصيف المادي للانتقال إلى ملعب آنفيلد، لكن إيزاك لم يستطع استغلال الفرصة، وخرج قبل بداية الشوط الثاني بعد تعرضه لإصابة في الفخذ.
كان السؤال الرئيس بعد الإعلان عن تشكيلة الفريقين قبل المباراة هو كيف سيلعب ليفربول؟ لأنها المرة الأولى التي يرى فيها جمهور الفريق إيكيتيكي وإيزاك يلعبان سوياً جنباً إلى جنب على غير سياسة سلوت المعتادة، حيث كان يفضل «التدوير» بينهما خلال اللقاءات السابقة.
لقد غيّر سلوت طريقة اللعب ضد فرانكفورت، ولعب ليفربول بطريقة 4-4-2 عندما كان يفقد الكرة، حيث كان فلوريان فيرتز يدافع باعتباره لاعب خط وسط ناحية اليمين، وأثناء الاستحواذ على الكرة، كانت تتغير الطريقة إلى 3-2-5، حيث كان الهولندي كودي جاكبو ومواطنه جيريمي فريمبونغ أولاً، ثم الآيرلندي الشمالي كونور برادلي، يلعبان على الجناحين الأيسر والأيمن على التوالي.
التزم إيزاك باللعب في العمق مع الميل قليلاً نحو اليسار، بينما كان فيرتز يتقدم من خط الوسط الأيمن، وإيكيتيكي بجانبه في قلب الوسط، ومع ذلك كان اللاعبون الثلاثة يتبادلون الأدوار فيما بينهم. ورغم أن النتيجة كانت كبيرة ومرضية لرفع العبء عن المدير الفني فإنها لا تخفي أن دفاع ليفربول ما زال يظهر بعض الضعف، خاصة عندما يتقدم ثلاثي خط الوسط، وهو ما يترك فراغات شكلت خطورة. بصفة عامة قدم ليفربول أداء رائعاً مليئاً بالنشاط والحيوية والتعاون، وهو الأمر الذي قد يعطي سلوت فكرة عن كيفية الحفاظ على هذا المستوى في المباريات القادمة، حتى لو جاء ذلك على حساب بعض لاعبيه الأكثر خبرة.
ويأمل أرني سلوت، مدرب ليفربول، ألا تؤثر صفقة إيزاك التي بلغت قيمتها 125 مليون جنيه استرليني (167 مليون دولار) على النجم السويدي، وأن يكون الحكم عليه بشكل عادل بعد غيابه عن فترة الإعداد للموسم.
وقال: «دعونا نأمل ألا تكون الإصابة سيئة، ولكنه اضطر للخروج، لأنه شعر بألم في الفخذ». وأضاف: «يريد كثير من الناس أن أدفع به كثيراً، وكان علينا أن نجد التوازن، للأسف لم ينجح هذا التوازن معنا بشكل مثالي. لكن دعونا نأمل في الأفضل. أشركت إيكيتيكي وإيزاك معاً وهما قادران على تسجيل الأهداف، كان إيزاك قريباً في بعض الأحيان، ولكنه اضطر للخروج بين الشوطين، وهذا هو التوازن الصعب الذي نعيشه معه». وتابع: «عندما انضم للنادي، بالكاد تدرب معنا. لذلك تأخذه خطوة بخطوة، ثم تشعر بوجود لحظة يمكنه فيها اللعب مرتين في الأسبوع، والمرة الأولى التي نجربها -لقد حدث ذلك أيضاً مع منتخب السويد- عليه أن يخرج». وأكد: «عادة تحاول تجهيز اللاعبين للعب مرة واحدة في الأسبوع، لكن إذا كنت في ليفربول، تلعب كل ثلاثة أيام، أو ثلاث مرات خلال ثمانية أيام، لكن الحظ لم يكن في جانبنا هذا الموسم واضطررنا للعب ثلاث مرات في سبعة أيام».
وأوضح: «حاولنا تجهيزه لهذا، كنا حريصين جداً، وكان في حالة لياقة مثالية عندما عاد من المنتخب الوطني (الأسبوع الماضي) قبل مباراة مانشستر يونايتد». وأكد: «كنا نظن أنه مستعد جيداً لذلك، لكن الفوارق في المستوى العالي صغيرة للغاية. آمل ألا تكون الإصابة بالغة، لأنه إذا غاب لعدة أسابيع فهذا سيؤخر تقدمه. لذا دعونا ننتظر».
نقاط الضعف الدفاعية
طريقة اللعب الجديدة قد تعطي ليفربول دفعة هجومية، لكن في المقابل لا بد من معالجة نقاط ضعفه الدفاعية خلال الهجمات المرتدة السريعة، وهو ما ظهر في الهدف الأول لآينتراخت فرانكفورت، وكان من الممكن استغلال فرص أكثر، لكن تواضع هجوم الأخير وقف ضد ذلك. استقبل ليفربول 18 هدفاً في 13 مباراة هذا الموسم، مقارنة بسبعة أهداف فقط في نفس المرحلة من الموسم الماضي، كما أن الهدف الذي سجله فرانكفورت يعني أنه فشل في الحفاظ على نظافة شباكه في آخر ثماني مباريات.
لكن التطور الملحوظ في هذه المباراة يتعلق بالضغط العالي والمتواصل على الخصم، وخاصة في الشوط الثاني. والأهم من ذلك، أن لاعبي ليفربول استغلوا الفرص التي أتيحت لهم هذه المرة، ونجحوا في تسجيل خمسة أهداف بتوقيع خمسة لاعبين مختلفين.
وقال ستيفن وارنوك، ظهير ليفربول السابق، لقناة «بي بي سي»: «أعتقد أن سلوت قد يلعب بنفس هذه الطريقة على المدى الطويل، لكن الوقت وحده سيخبرنا بما إذا كان سيفعل ذلك أم لا. دائماً ما تكون هناك عيوب صغيرة في أي نظام جديد، لكن الفريق قدم عرضاً جيداً خارج ملعبه، وسيطر على المباراة، وكان يطبق طريقة اللعب بشكل مريح».
وأضاف: «في الواقع، أعتقد أن المجري دومينيك سوبوسلاي وكورتيس جونز كانا رائعين في هذه المباراة، خاصة عندما كان الفريق يتقدم بالكرة للأمام، لكن الأمر يتعلق أيضاً بفهم المهام والمسؤوليات الدفاعية. أحياناً يعتاد اللاعبون على القيام بنفس الأمور القديمة، حيث يضغطون بقوة، أو يتركون مراكزهم، ويعتقدون أنه بإمكانهم الركض، لكنهم ليسوا مضطرين لذلك، لأن هذه ليست مهمتهم ». ورغم أن الشراكة بين إيزاك وإيكيتيكي لم تستمر سوى 45 دقيقة فقط، فإن المراقبين من اللاعبين السابقين متحمسون لفكرة لعبهما المزيد من المباريات معاً.
وقال مهاجم مانشستر يونايتد السابق، آندي كول: «لقد أعجبني الدفع بهما، فكلاهما في سن جيدة، وهما مستعدان للتألق في المستقبل. أعتقد أن هذا الأمر سيخلق الكثير من الفوضى في صفوف الفرق المنافسة، فكلاهما يتمتع بالسرعة، ويملكان قدرات فنية هائلة تؤهلهما للمرور من المنافسين».
سجل إيكيتيكي الهدف الأول في مرمى فرانكفورت ليكون السادس له مع ليفربول، ويبدو أن المهاجم الفرنسي هو الأفضل من بين جميع الصفقات التي أبرمها بطل إنجلترا خلال فترة الانتقالات الصيفية الأخيرة.
وقال أوين هارغريفز، لاعب خط وسط مانشستر يونايتد السابق: «أعتقد أن إيكيتيكي هو أفضل لاعب في صفوف ليفربول حالياً. لا بد أن يكون أساسياً وبشكل منتظم، إنه يتحرك في كل مكان داخل الملعب، ويمتلك قدرات وفنيات رائعة». إصابة إيزاك فرصة صلاحسجل صلاح 52 هدفاً في دوري أبطال أوروبا، وهو أمرٌ مثير للإعجاب حقاً عندما نعرف أن بقية لاعبي ليفربول مجتمعين لديهم 31 هدفاً فقط في البطولة. وبالتالي، كان عدم إشراكه أساسياً في الوقت الذي كان فيه ليفربول بحاجة إلى الفوز بمثابة خطوة شجاعة من جانب سلوت. لكن استبعاده هل هو السبب في عودة الانتصارات لليفربول؟ قد تكون الإجابة بلا، لأن صلاح غاب عن التشكيلة الأساسية في مباراة ليفربول السابقة بدوري أبطال أوروبا، وخرج خاسراً أمام غلاطة سراي.
بالنسبة للاعب سجل 29 هدفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي، فإن أرقام صلاح هذا الموسم تشير إلى أنه ليس في أفضل حالاته، حيث سجل هدفين فقط في الدوري في ثماني مباريات حتى الآن.
من الواضح أن تراجع مستواه بدأ يؤثر عليه نفسياً، حيث بدا المهاجم الدولي المصري متلهفاً للتسجيل عندما دخل بديلاً أمام فرانكفورت في آخر 16 دقيقة، وظهر متسرعاً بالتسديد من زاويا صعبة، في حين كان يمكنه التمرير بشكل أفضل إلى فيرتز.
وعلق هارغريفز: «كان الموسم الماضي لصلاح من أفضل المواسم التي رأيتها للاعب على الإطلاق. أعتقد أنه ليس من السيئ أن تجعله يشعر ببعض الغضب حتى يعود لسابق مستواه. وسلوت لديه خيارات أخرى الآن».
وأضاف وارنوك: «صلاح ليس في أفضل حالاته، وليفربول أظهر أمام فرانكفورت أنه قادر على تحقيق نتائج جيدة من دونه. من الواضح أنه سيشارك مع منتخب بلاده في كأس الأمم الأفريقية في ديسمبر (كانون الأول)، لذا كانت هذه لمحة عما سيفعله الفريق من دونه. إذا نجح الفريق بهذه الطريقة الجديدة، فسيكون من الصعب إعادة صلاح إلى التشكيلة الأساسية قبل ذلك أيضاً، لكن إصابة إيزاك قد تكون بمثابة طوق النجاة له».
وفي ظل غياب إيزاك المحتمل بسبب الإصابة، من المرجح أن يحصل صلاح على فرصة لإثبات أنه لا يزال اللاعب الحاسم في صفوف ليفربول، عندما يواجه برينتفورد غداً في الدوري الإنجليزي. غزارة الأهداف في الجولة الثالثة
وبعيداً عن ليفربول شهدت الجولة الثالثة تسجيل 71 هدفاً في 18 مباراة، لتكون الأكثر غزارة من الناحية التهديفية منذ اعتماد النظام الجديد للمسابقة القارية الأم في الموسم الماضي.
وبلغت نسبة الأهداف المسجلة 3.94 هدف في المباراة الواحدة، ساهمت فيها النتائج الكبيرة التي حققتها الأندية، أبرزها باريس سان جيرمان الفرنسي حامل اللقب الذي سحق مضيفه باير ليفركوزن الألماني 7-2 الثلاثاء، في أمسية دك فيها برشلونة الإسباني شباك ضيفه أولمبياكوس اليوناني المنقوص 6-1، على غرار أيندهوفن صاحب نصف دستة من الأهداف في مرمى نابولي الإيطالي 6-2. وهي المرة الأولى التي تستقبل فيها شباك نادي جنوب إيطاليا هذا الكمّ من الأهداف منذ ديسمبر (كانون الأول) 1997.
ولم تشذ القاعدة في اليوم التالي، حيث سحق تشيلسي الإنجليزي ضيفه أياكس الهولندي بخماسية (5-1)، وهي النتيجة ذاتها التي حققها مواطنه ليفربول على حساب فرانكفورت.
وكان من الممكن أن يكون الحصاد التهديفي أكثر، حيث انتهت ثلاث مباريات بتعادل سلبي، وهي كايرات الكازاخستاني مع بافوس القبرصي، وموناكو الفرنسي مع توتنهام الإنجليزي، وأتالانتا الإيطالي مع سلافيا براغ التشيكي.
ويعود السبب في تسجيل هذا الرقم القياسي التهديفي في الجولة الثالثة من المسابقة الأم إلى النظام الجديد للمسابقة التي باتت تعتمد مشاركة 36 فريقاً (بدلاً من 32)، ما يعني زيادة مباراتين إضافيتين في كل جولة.
وكانت الجولة الثانية التي أقيمت بين 30 سبتمبر (أيلول) والأول من أكتوبر (تشرين الأول)، قد شهدت تسجيل 67 هدفاً في 18 مباراة، بمعدل 3.72 هدف في المباراة الواحدة. وسبق أن سُجل 63 هدفاً في 16 مباراة في النظام السابق للبطولة القارية في الجولة الأولى من دور المجموعات من موسم 2000-2001، بمعدل 3.93 هدف في المباراة.


