افتتاح «المتحف الكبير» يقود مصريين لاستدعاء مظاهر الهوية الفرعونية

بالأغاني والصور وبمساعدة تطبيقات الذكاء الاصطناعي قاد افتتاح المتحف المصري الكبير مصريين لاستدعاء مظاهر من حضارة أجدادهم، في محاولة لتأكيد انتمائهم لـ«الهوية الفرعونيّة» التي تكسبهم إحساساً بالسعادة والفخر في ظل أوضاع اقتصادية صعبة وظروف جيوسياسية معقدة.

وتصدر المتحف المصري الترند في مصر على مدار الأيام الماضية، وشارك عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي صوراً لهم بالزي الفرعوني مولدة بالذكاء الاصطناعي، بينما شارك آخرون صوراً حقيقية وأخرى مولدة بالذكاء الاصطناعي داخل المتحف المصري الكبير ومع تمثال الملك رمسيس الثاني الذي يتصدر بهو المتحف.

واحتفى حساب باسم «كيميت» على «فيسبوك»، بصور لمشاهير، تزين الطرق المؤدية إلى المتحف المصري الكبير، من بينهم الجراح المصري مجدي يعقوب، والعالم أحمد زويل، ونجم كرة القدم محمد صلاح.

وكتب المحامي وعضو «لجنة العفو الرئاسي» طارق العوضي، في منشور عبر حسابه على منصة «إكس»، أن «مصر تعود لتسطع!». وقال إن «افتتاح المتحف المصري الكبير ليس مجرد حدث… إنه لحظة تاريخية تخلّد حضارة آلاف السنين».

بينما قال الإعلامي نشأت الديهي، عبر حسابه على منصة «إكس»، إن افتتاح المتحف «موعد مع التاريخ».

وأشار الإعلامي المصري عمرو أديب، عبر حسابه على منصة «إكس» إلى فرحة المصريين بالافتتاح، وقال: «المصريون طايرين بالمتحف كلهم لابسين فرعوني».

ونشرت الفنانة أروى جودة صورتها في المتحف المصري الكبير، عبر حسابها على منصة «إكس»، وكتبت: «مصر… الأرض التي كل تفصيلة فيها عملت تاريخ والعالم يتعلم منه».

وشاركت الفنانة إنجي المقدم صورتها بالزي الفرعوني

وقال عميد كلية الإعلام الأسبق بجامعة القاهرة الدكتور حسن عماد إن «المصري وجد في افتتاح المتحف فرصة لاستعادة هويته، في ظل ظروف اقتصادية وأوضاع معيشية صعبة». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «المواطن يبحث عن شيء يسعده ويشعره بالفخر، ووجد ضالته في المتحف الكبير».

ورصد الصحافي المصري المتخصص في الإعلام التقني، معتز نادي، ترند «تحويل صورتك بالزي الفرعوني» تزامناً مع افتتاح المتحف، وقال إن «(الترند) حظي بمشاركات واسعة، خصوصاً في محافظات القاهرة، والجيزة والإسكندرية والقليوبية، وظهر تطبيق الذكاء الاصطناعي (جيميناي) في قائمة الترندات الشائعة نظراً لاعتماد كثيرين عليه في إنتاج صور بالزي الفرعوني».

بدوره، أرجع أستاذ علم الاجتماع السياسي الدكتور سعيد صادق «سعي المصريين لاستدعاء هويتهم الفرعونيّة تزامناً مع افتتاح المتحف إلى رغبتهم في الشعور بشيء إيجابي، في ظل وسط يموج بالأحداث السلبية من حروب ونزاعات ومجاعات».

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «المصري يبحث عن شيء قوي يتمسك به، في ظل ما يتابعه من أحداث، وليس هناك أهم من هويته الفرعونيّة وآثاره التي لا يشاركه فيها أحد».

وأضاف أن «الافتتاح منح المصري إحساساً بالزهو والفخر وبالتقدم والريادة، في وقت يشهد أوضاعاً سياسية واقتصادية صعبة»، مشيراً في هذا الصدد إلى «استراتيجية الحكومة في الترويج للمتحف والتسويق لمصر كلها من خلاله».

بقدر ما كانت محاولات استعادة مظاهر الهوية الفرعونيّة عفوية عبر مواقع التواصل الاجتماعي وفي الشوارع والمدارس، سعت مصر الرسمية أيضاً لاستغلال اللحظة ورفعت وزارة الثقافة شعار «معاً نعيد بناء الوعي ونستعيد هويتنا المصرية»، ضمن مبادرة أطلقتها الوزارة، تحت عنوان «مصر تتحدث عن نفسها»، تتضمن فعاليات عدة تمتد طوال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) على شاشات المسارح والأوبرا وقصور الثقافة، وقال وزير الثقافة المصري أحمد هنو، في إفادة رسمية، الجمعة، إن «افتتاح المتحف المصري الكبير يمثل لحظة تاريخية فريدة، يتوحد فيها وجدان المصريين حول أحد أعظم منجزات العصر الحديث، بوصفه جسراً يربط الماضي المجيد بالمستقبل الواعد، ويرمز إلى استمرار الحضارة المصرية في إلهام الإنسانية عبر العصور».

وبين الحين والآخر يثار جدل في مصر بشأن هوية المصريين، وسط تجاذب بين هويات عربية وفرعونية وأفريقية. وهنا يقول صادق إن «اكتشاف مقبرة الفرعون الذهبي توت عنخ آمون عام 1922 وما حظيت به من شهرة عالمية جعل المصريين يتنبهون لحضارتهم ولتأثيرها في العالم».

وأضاف أن «هذه اللحظة كانت بداية استشعار المصري أنه مختلف، وأن لديه ما يميزه عن محيطه ويشعره بالفخر».

شاركها.
Exit mobile version