رحل الهولندي إريك تن هاغ عن القيادة الفنية لمانشستر يونايتد، لكن لا يزال ظله يخيم على كرة القدم الإنجليزية. لقد ارتكب يونايتد خطأ كبيراً عندما قرر تجديد عقد المدير الفني الهولندي، في خضم نشوة الفوز على مانشستر سيتي في نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي الموسم الماضي. وبعد ثلاثة أشهر فقط من بداية الموسم الجديد، وإنفاق أكثر من 180 مليون جنيه إسترليني على الانتقالات الصيفية، أُقيل تن هاغ من منصبه عندما كان يونايتد يحتل المركز الرابع عشر في جدول ترتيب الدوري برصيد 11 نقطة من 9 مباريات.
كما رحل المدير الرياضي دان أشوورث وعدد من أعضاء الجهاز الفني لتن هاغ، وهو الأمر الذي كلف خزينة النادي مبلغاً إجمالياً قدره 14.5 مليون جنيه إسترليني. أو بعبارة أخرى، فإن الإبقاء على تن هاغ كلّف مانشستر يونايتد 200 مليون جنيه إسترليني، وهو الأمر الذي قلل قدرة النادي على الإنفاق هذا الموسم. وبالتالي، لا يريد أحد أن يقع في فخ تن هاغ مرة أخرى.
لا توجد حالتان متطابقتان تماماً، لكنّ هناك ميلاً دائماً إلى المبالغة في التصحيح بناءً على فهم تبسيطي لما حدث في السابق، وهذا هو سبب تأرجح العديد من الأندية بين الحالمين المثاليين والبراغماتيين الصارمين! وحتى وفقاً لمعايير مانشستر يونايتد الأخيرة، كان قرار الإبقاء على تن هاغ فاشلاً: فالتحدث علانية مع المرشحين الآخرين لتولي المنصب يؤدي حتماً إلى تراجع ثقة المدير الفني الحالي. لكن في الوقت نفسه، يدرك كل مالك أو مدير نادٍ ما يمكن أن نطلق عليه اسم «فخ تن هاغ» والحاجة إلى تجنبه. فعلى مدار بضع سنوات أخرى، سيكون من الصعب على أي مدير فني أن يحتفظ بمنصبه لمجرد نجاحه في الفوز ببطولة، وهو الأمر الذي له علاقة مباشرة بكل من الأسترالي أنجي بوستيكوغلو والبرتغالي روبن أموريم مدربي توتنهام ويونايتد الحاليين.
أموريم ما زال يحظى بثقة إدارة يونايتد ويرى البعض أنه ليس مسؤولاً عن هيكل الفريق الحالي، على الرغم من أن السير جيم راتكليف (الشريك في ملكية النادي) قد يتخذ قرارات مفاجئة وقاسية بإقالة شخصيات بارزة بسهولة. وتتمثل الانتقادات الموجّهة إلى أموريم في أن الطريقة التي يلعب بها لا تناسب الفريق الحالي، وبالتالي فإن إقالة المدير الفني ستكون أرخص وأسهل من استبدال عدد كبير من اللاعبين!
لكن من المؤكد أن فوز يونايتد الدراماتيكي على ليون الفرنسي 5 – 4 في إياب الدور ربع النهائي للدوري الأوروبي، يوم الخميس الماضي، سيعزز موقف أموريم. من المؤكد أن الدقائق الأخيرة من مباراة مانشستر يونايتد أمام ليون على ملعب «أولد ترافورد»، التي شهدت تغيير مركزي كوبي ماينو وهاري ماغواير ليلعبا مهاجمَين صريحَين، ستظل خالدة في أذهان جماهير النادي لعقود طويلة، وبطريقة لم يكن من الممكن تذكرها في حال تحقيق فوز عادي بنتيجة هدفين مقابل لا شيء. وعلاوة على ذلك، فإن هذه اللحظة الاستثنائية وقلب الخسارة 2 – 4 إلى فوز بخماسية ستساعد الجماهير على نسيان الكثير من الإحباطات هذا الموسم.
الفوز الذي حققه مانشستر يونايتد على ليون يوم الخميس الماضي بالنسبة لأموريم يشبه ذلك الفوز الذي حققه ليفربول على بوروسيا دورتموند بأربعة أهداف مقابل ثلاثة في الدور ربع النهائي للدوري الأوروبي عام 2016، وهي المباراة التي لم تؤدِّ إلى تحقيق نجاح فوري، لكنها كانت بمثابة تأكيد لمشروع المدير الفني الألماني يورغن كلوب. لكن التحذير الوحيد هو أنه بالنسبة ليونايتد، يمكن قول الشيء نفسه عن الفوز الذي حققه الفريق بأربعة أهداف مقابل ثلاثة على ليفربول في ربع نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي الموسم الماضي، واتضح أن هدف الفوز الذي أحرزه أماد ديالو في الوقت الإضافي كان مجرد خطوة على طريق «فخ تن هاغ».
في المقابل تبدو حالة بوستيكوغلو مع توتنهام أكثر خطورة، رغم أن مساره يتشابه إلى حد كبير مع ما يحققه أموريم مع يونايتد. وربما لو حقق توتنهام الفوز بلقب الدوري الأوروبي لن يكون كافياً لإنقاذ المدير الفني الأسترالي من الإقالة، في حين سيتسمك يونايتد بالإبقاء على مدربه البرتغالي حتى لو لم يفز بأي شيء. حقق توتنهام فوزاً مثيراً على آينتراخت فرنكفورت على ملعب «دويتشه بنك بارك» منح الفريق بطاقة الصعود لنصف نهائي الدوري الأوروبي، لكن سرعان ما تحوّلت الابتسامة النادرة على وجه بوستيكوغلو إلى حزن مألوف بعد الخسارة 2 – 1، الاثنين، أمام نوتنغهام فورست في لندن ليتكبد الفريق الهزيمة 18 في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم متراجعاً للمركز السادس عشر.
لا ينبغي الاستهانة بصعوبة الفوز على فرنكفورت على ملعبه، لكن في الوقت نفسه، يبلغ إنفاق توتنهام السنوي على الأجور نحو ثلاثة أضعاف الفريق الألماني، ما يجعل البعض ينظر إلى ما يحققه بوستيكوغلو بأنه ليس نجاحاً، وعلى الفريق إثبات جدارته بشكل أكبر في مباراة الدور نصف النهائي ضد بودو – غليمت النرويجي.
من الممكن الدفاع عن بوستيكوغلو بحجة أن الفريق عانى من الكثير من الإصابات، خاصة في خط الدفاع، وهو الأمر الذي أنهك الفريق بشدة هذا الموسم، وأثر على ثقة اللاعبين بأنفسهم، وأنه بحلول الوقت الذي استعاد فيه الفريق بعض الاستقرار، كان الموسم قد اقترب من نهايته. لكن من المهم أيضاً التذكير بأنه بعد النتائج الاستثنائية التي حققها توتنهام في المباريات العشر الأولى هذا الموسم، لم تكن هناك مؤشرات تُذكر على جاهزية الفريق للعب في الدوري الإنجليزي الممتاز.
ما يتعرض له بوستيكوغلو حالياً قد يذكر بما تعرض له خواندي راموس، المدير الفني الوحيد الذي فاز مع توتنهام ببطولة في السنوات الـ26 الماضية، عندما أحرز كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة عام 2008، ثم أُقيل من منصبه بعد 8 أشهر بينما كان النادي يتذيل جدول ترتيب الدوري – وهو مثال صارخ على «فخ تن هاغ». وكما يشير البرتغالي جوزيه مورينيو دائماً، فقد أقاله توتنهام من منصبه قبل 6 أيام فقط من المباراة النهائية لكأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة في عام 2021 دون النظر إلى تقييم حقيقي لواقع الفريق.