تلويح الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بتعليق مساعدات بلاده إلى مصر، حال لم تقبل بتهجير الفلسطينيين إليها، أشعل غضباً واسعاً بين المصريين، ظهر جلياً على منصات التواصل الاجتماعي، في وقت تواصلت خلاله لقاءات يجريها وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، بواشنطن مع مسؤولين كبار، تطرقت لأهمية إعمار قطاع غزة دون إخراج أهلها، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة تنفيذاً لحل الدولتين.
الإعلان الأميركي الأحدث بشأن المساعدات، التي تقدر بنحو 1.5 مليار دولار دعماً اقتصادياً وعسكرياً، الذي جاء محاولة لـ«الضغط للقبول بالتهجير لن يؤثر على مصر التي لديها أوراق عديدة للرد»، بحسب تصريحات رئيس مجلس الشؤون الخارجية المصري، ووزير الخارجية الأسبق السفير محمد العرابي لـ«الشرق الأوسط»، وتأكيدات من نواب مصريين وناشطين بارزين بمنصات التواصل الاجتماعي.
بمنتهى الموضوعية وبعيدا عن أي عنتريات:التاريخ بيقول إن مصر ماتنازلتش عن الأمن القومي حتى في أضعف حالاتها، استجابة لأي ضغوط..والواقع بيقول إن بالحسابات العسكرية والسياسية وحتى الاقتصادية، فمفيش ضغوط ممكن تتعمل وتوصل مصر للتنازل عن أمنها القومي، لإن ببساطة القاهرة لديها…
— Loay Alkhteeb (@LoayAlkhteeb) February 11, 2025
ومنذ 25 يناير (كانون الثاني) اقترح ترمب استقبال مصر والأردن لفلسطينيين بعد تهجيرهم من غزة، قبل أن تبدأ سلسلة من الرفض المصري والعربي كان أبرزها حديث الرئيس عبد الفتاح السيسي، في 29 من الشهر الماضي بأن «تهجير الفلسطينيين ظلم لن نشارك فيه»، مررواً ببيانات للخارجية ومجلس النواب ترفض ذلك الاقتراح دون ذكر اسم الرئيس الأميركي، وصولاً لاجتماع سداسي عربي بالقاهرة أكد الأمر ذاته.
لم يتوقف ترمب عن تصريحاته باستقبال مصر للفلسطينيين، وكذلك الاتصالات المصرية التي توجت، بإعلان القاهرة استضافة قمة عربية طارئة أواخر فبراير (شباط) الحالي لبحث تطورات القضية الفلسطينية، وبدء زيارة لوزير الخارجية بدر عبد العاطي، لواشنطن.
وخلال لقاءات بواشنطن جمعت عبد العاطي، مع نظيره الأميركي، ماركو روبيو، وكذلك ستيف ويتكوف، مبعوث ترمب للشرق الأوسط ومسؤولين بمجلسي النواب والشيوخ، جددت القاهرة رفض تهجير الفلسطينيين وأهمية إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وفق بيانات صحافية للخارجية المصرية يومي الاثنين والثلاثاء.
وبالتزامن مع زيارة عبد العاطي المستمرة إلى واشنطن، أعلن ترمب، الاثنين، أنّ بلاده «ربما» تقطع المساعدات عن مصر والأردن إذا لم يقبلا استقبال فلسطينيي غزة، فيما أعاد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الثلاثاء، في اتصال هاتفي مع رئيسة وزراء الدنمارك ميتا فريدريكسن، التأكيد على «ضرورة بدء عمليات إعادة إعمار قطاع غزة بهدف جعله قابلاً للحياة، وذلك دون تهجير سكانه الفلسطينيين».
وباعتقاد السفير محمد العرابي، في حديث لـ«الشرق الأوسط» فإن «الإدارة المهتزة للأمور من جانب ترمب لا تتناسب مع حجم العلاقات بين البلدين ولا أثر لحديثه على الموقف المصري».
ورجح العرابي أن «يتدارك (ترمب) ما قاله بشأن المساعدات لاحقاً بغض النظر عن المضي في مخططه بشأن التهجير أم لا، خاصة بعد تنبيه متوقع من المؤسسات الأميركية لا سيما البنتاغون أو الخارجية وغيرهما له بأن الحديث عن مصر التي يعلمون وزنها الاستراتيجي يجب أن يكون فيه قدر من الرويّة».
ويرى أن «مصر لا تنزعج من تلك التصريحات التي لا تخدم بقاء أسس السلام بالمنطقة ولديها الكثير من الأوراق التي ترد بها»، لافتاً إلى أن وزير الخارجية خلال زيارته «سيوضح للإدارة الأميركية الموقف المصري كاملاً وثوابته».
الرفض البرلماني المصري لتصريحات ترمب كان حاضراً بقوة، بينهم النائب البارز مصطفى بكري في منشور عبر منصة «إكس»، قائلاً: «مواقف مصر ثابتة، ولن تخضع للتهديد أو الوعيد أو مطالبكم غير المشروعة»، وحذر من أن هذا التهديد «لن يؤدي إلى تحقيق السلام ولن يجبر مصر على التخلي عن ثوابتها».
ترامب يلوح بقطع المساعدات الأمريكيه المقدمه إلي مصر والأردن ، إذا لم يوافقا علي تهجير الفلسطينين إلي كلا البلدين . ياسيد ترامب : مواقف مصر ثابته ومبدئيه ، قضية الأمن القومي وسلامة الوطن ورفض تصفية القضيه الفلسطينيه هي عناوين هامه تعكس مواقف مصر بأسرها قيادة وشعبا . مصر لن تخضع…
— مصطفى بكري (@BakryMP) February 11, 2025
وتحدث النائب محمود بدر في رسالة مماثلة، بمنشور عبر «إكس»، قائلاً إن مصر «عمرها ما رهنت إرادتها السياسية على مساعدتكم يا ترمب»، مؤكداً أن مصر رفضت من قبل «صفقة القرن» ولم تخش قطع المعونة وستسقط خطة التهجير.
مصر عمرها ما رهنت ارادتها السياسية علي مساعدتكم يا مستر ترامب- مصر واجهت في ٢٠١٣ رغم منع قطع الغيار العسكرية عنها وتقليل المعونة- مصر رفضت خطة الناتو العربي اللي طرحتوها انتم ومخافتش من قطع المعونة- مصر رفضت صفقة القرن ومبعوثك كوشنر ومخافتش من قطع المعونة- مصر هتسقط خطة… https://t.co/NVfZ3DgHOT
— محمود بدر (@ma7mod_badr) February 10, 2025
ويرى الكاتب المصري محمد صلاح، في منشور عبر «إكس»، أن المساعدات الأميركية لمصر هي جزء من اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل، وإلغاء بند المساعدات أو الإخلال به يعطي الحق لمصر في مراجعة الاتفاق برمته.
ترامب هدد الان مصر والأردن بإلغاء المساعدات للبلدين إذا امتنعت عن استقبال لاجئين من قطاع غزة ..اولا المساعدات الأمريكية لمصر هي جزء من اتفاق السلام بين مصر واسرائيل ..ثانياً : نص اتفاق السلام على إلا يخل أي طرف بأحد بنود الاتفاق إلا بموافقة باقي الأطراف..ثالثاً : إلغاء بند… pic.twitter.com/PopSGU5shS
— mohamed salah (@SalahAlhayat) February 10, 2025
ونبه صلاح إلى أن «المساعدات الأميركية لمصر هي ترجمة لعلاقات سياسية بين البلدين وليست إعانة لبلد يعتمد اقتصاده على المساعدات الخارجية»، مشدداً على أن «مصر لا تبتز ولا تبيع كرامتها مقابل مساعدات من أي جهة».
وبينما يتواصل الغضب بمنصات التواصل، لم تعلق مصر رسمياً على تصريحات ترمب، وفي هذا الصدد، يرى السفير العرابي، أنه «ليس لازماً أن ترد القاهرة على كل تصريح يصدره ترمب، هناك غضب واضح، ومشروع ترمب بشأن التهجير نقول عنه دبلوماسياً (non-starter) أي لن يبدأ، وأوراق مصر عديدة للرد ودورها المؤثر في الإقليم لا يمكن إنكاره».
وينبه العرابي إلى أن «واشنطن ستعود للقاهرة طلباً لدورها واعترافاً بقيمتها في المنطقة، في ظل تعثر اتفاق وقف إطلاق النار بغزة، وتعليق (حماس) لتسليم الأسرى مؤقتاً، وتهديد ترمب بجحيم حال لم تسلم جميع الرهائن السبت المقبل».