في مشهد غير مسبوق، تقاطعت صواريخ غزة واليمن في سماء تل أبيب، في رسالة وصفها الناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة بأنها تحمل معاني بأن غزة ليست وحدها في مواجهة العدوان الإسرائيلي.
ففي صورة الرد على التصعيد الإسرائيلي، استهدفت كتائب القسام تل أبيب للمرة الأولى منذ ستة أشهر، فيما أعلنت جماعة الحوثي قصف مطار بن غوريون.
وأدى هذه الاستهداف إلى تعطيل الحركة في مطار بن غوريون.، وتفعيل صفارات الإنذار ونزول مئات الآلاف من الإسرائيليين إلى الملاجئ في تل أبيب.
انقلاب إسرائيلي على بنود اتفاق وقف إطلاق النار
وسبق هذا تنفيذ المقاتلات الإسرائيلية ضربات جوية على مناطق متفرقة من قطاع غزة أوقعت مئات الشهداء في غضون ساعات، وتزامنًا مع إعلان جيش الاحتلال عن عملية برية في بيت لاهيا شمالي القطاع، بعد ساعات من إعلان مشابه عن عملية في محور نتساريم بهدف توسيع المنطقة العازلة، وحظر التنقل من الجنوب إلى الشمال عبر محور صلاح الدين.
وتمثل هذه الإجراءات انقلابًا إسرائيليًا على بنود اتفاق وقف إطلاق النار ومسار التفاوض.
فالمستوى السياسي في إسرائيل قرر التصعيد للضغط على حركة حماس وفقًا لوسائل إعلام إسرائيلية، فيما أكد بيان لعائلات الأسرى والمحتجزين الإسرائيليين أنه ينبغي العودة إلى وقف إطلاق النار، والتوصل إلى اتفاق يؤدي إلى الإفراج عن جميع المحتجزين.
يتزامن كل هذا المشهد مع دعم أميركي بشكل كامل لإسرائيل والإجراءات التي اتخذتها في الأيام الأخيرة بحسب بيان البيت الأبيض، فيما تجدد الأمم المتحدة الدعوة إلى احترام وقف إطلاق النار في غزة والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
ما أبعاد تقاطع صواريخ غزة واليمن؟
وفي هذا الإطار، أوضح نائب رئيس هيئة الأركان الأردنية الأسبق الفريق قاصد محمود أن تقاطع صواريخ غزة واليمن له أبعاد عدة، من بينها أن محور المقاومة لا يزال موجودًا، وأن المقاومة في غزة ليست لوحدها.
ومن بين الدلالات أيضًا، حسب قاصد محمود أن هناك إمكانيات إستراتيجية لدى الجانبين يمكنها أن تتكامل وتلتقي في أهداف إستراتيجية عميقة، بحيث تستطيع إن أريد منها ذلك أن تؤدي إلى خسائر مدنية واقتصادية وبشرية في إسرائيل بالمستوى نفسه الذي تقوم به تل أبيب.
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من العاصمة الأردنية عمان، أضاف محمود أن العقلانية الموجودة لدى المقاومة لا تزال تذهب باتجاه إعطاء فرض، والتريث والاكتفاء بعدد محدود من الصواريخ.
أسفر القصف الإسرائيلي على غزة عن مئات الشهداء والجرحى – الأناضول
ورأى أن العمل العسكري بغض النظر عن التوظيف السياسي لن يأتي بالنتائج التي يريدها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وأشار محمود إلى أن الهدف الإسرائيلي الأكبر من العدوان على غزة، بموازاة القضاء على حماس هو إنهاء إمكانيات الحركة الفلسطينية من إدارة غزة، حتى تفرض واقعًا جديدًا يأتي ببدائل لإدارة القطاع.
ما أهداف التصعيد الإسرائيلي؟
من جهته، قال مدير مركز المسار للدراسات السياسية نهاد أبو غوش: إن “إسرائيل أعادت صياغة كل مواقفها وسياستها وإجراءاتها بناء على مشروع التهجير الذي طرحه الرئيس الأميركي دونالد ترمب”.
وفي حديث للتلفزيون العربي من رام الله وسط الضفة، لفت أبو غوش إلى أن العمليات العسكرية الإسرائيلي في غزة تدعي أنها تريد استعادة الأسرى، وأن أكثر من يدحض هذا الادعاء هم أهالي الأسرى والمرجعيات العسكرية والإعلامية والسياسية في إسرائيل.
وأضاف أن هؤلاء يقولون إن ما لم تنجزه الآلة العسكرية خلال الحرب على غزة، يستحيل أن ينجز خلال بضعة أسابيع أو أشهر إضافية.
ورأى أبو غوش أن هدف التصعيد الإسرائيلي الجديد التملص من الاتفاق، والعمل على إثبات أن قطاع غزة غير قابل للإعمار، وأن بقاء الشعب الفلسطيني إلى جوار إسرائيل في القطاع هو أمر غير مقبول.
وفيما أشار إلى أن هناك أصواتًا في إسرائيل ترى أن لا فائدة لاستمرار الحرب وبمثابة حكم إعدام على الأسرى، لفت أبو غوش إلى أن هناك أصواتًا يمينية متطرفة تعتبر أن العودة للحرب هي الخطوة المطلوبة.
إدارة ترمب تبرر ما تقوم به إسرائيل
أستاذ الأمن الدولي في جامعة جورج واشنطن بنيامين فريدمان، بدوره أشار إلى أن إدارة ترمب تبرر ما تقوم به إسرائيل، كما أنها مالت إلى اليمين، ويبدو أن موقفها أكثر تشددًا من موقف تل أبيب، لا سيما عندما تحدث الرئيس الأميركي عن تهجير الغزيين.
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من واشنطن، أشار فريدمان إلى أن هذه المواقف أثرت على نجاح مفاوضات وقف إطلاق النار، ناهيك عن خطة ترمب السياسية للمنطقة.
فريدمان الذي قال: إن “ترمب لا يدري ما يقوم به”، أشار إلى أن موقف الإدارة الأميركية ليس ثابتًا بالضرورة، معربًا عن اعتقاده أن ستيف ويتكوف مبعوث ترمب وأشخاصًا آخرين في الإدارة الأميركية يمثلون عناصر تريد نجاح وقف إطلاق النار، وأن يحرزوا تقدمًا بشأن قضايا أخرى.
وأعرب عن اعتقاده أن ترمب كان وما يزال متوائمًا فكريًا وروحيًا مع اليمين الإسرائيلي ولفترة طويلة، وأن موافقته على وقف إطلاق النار كان استثناء.
وتابع فريدمان أن الإدارة الأميركية لديها الكثير من النفوذ، فيما يتعلق بمفاوضات إطلاق النار في غزة، من خلال القدرة على استخدام الأدوات الفاعلة، مثل ممارسة الضغط على إسرائيل، لكنه أشار إلى أن الأمر مرتبط بالإرادة السياسية التي قال إنها غائبة.