ماذا يعني حذف «الإدارية» من مسمى العاصمة المصرية الجديدة؟
أثار قرار حذف مصطلح «الإدارية» من العاصمة المصرية الجديدة تساؤلات حول جدوى الخطوة وانعكاساتها على مكانة القاهرة، خصوصاً مع انتقال مقرات الوزارات والهيئات الحكومية وبعض السفارات إلى العاصمة الجديدة، قبل أكثر من عام.
كانت شركة «العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية» أعلنت، السبت، تعديل اسمها إلى «العاصمة الجديدة»، في كافة البيانات والمعاملات الرسمية.
وتعود فكرة تدشين العاصمة الإدارية لتصبح «مقراً سياسياً وإدارياً للدولة» إلى عام 2015. وسبق ووصف الرئيس عبد الفتاح السيسي «العاصمة الإدارية» خلال إطلاقه «منصة مصر الرقمية»، عام 2022، بأنها بمثابة «ميلاد دولة وجمهورية جديدة».
وقال خالد الحسيني، المتحدث باسم شركة «العاصمة الجديدة» لـ«الشرق الأوسط»، إن قرار الشركة تغيير اسمها «شأن داخلي، لا يُلزم أي جهة أو مؤسسة حكومية أخرى»، لافتاً إلى أن «اتخاذ أي قرار يتعلق بعاصمة الدولة التاريخية هو أمر يفوق سلطات وتخصصات الشركة، والمختص به الحكومة فقط».
وأضاف أن الاسم الجديد تطلقه الشركة على نفسها وفي مكاتباتها، «ولا يعني بأي حال أن العاصمة الجديدة أصبحت بديلاً للقاهرة كعاصمة للدولة».
ورصدت «الشرق الأوسط» اعتماد بيانات الوزارات، الصادرة الأحد، اسم «العاصمة الإدارية الجديدة» وليس «العاصمة الجديدة»، عند الإشارة إلى مقراتها أو إلى اجتماعات حدثت فيها.
وأشار الحسيني إلى أن «عاصمة الدولة ينص عليها الدستور وتوجد بها المحكمة الدستورية العليا». ولا تزال المحكمة الدستورية العليا في مقرها القديم بالمعادي.
وانتقلت الوزارات الحكومية كافة، والعديد من الهيئات القضائية والإدارية والاستثمارية، إلى العاصمة الإدارية منذ يناير (كانون الثاني) 2024 داخل «الحي الحكومي»، الذي ينطلق منه المؤتمر الصحافي الحكومي الأسبوعي، مساء الأربعاء، كما نقلت بعض البعثات الدبلوماسية مقارها إلى «الحي الدبلوماسي».
وبينما قلل الحسيني من وجود تأثيرات للخطوة بعيدة المدى، واعتبر تغيير الاسم «شأناً إدارياً داخلياً»، استبعد خبير التنمية المحلية حمدي عرفة ذلك، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن حذف كلمة «إدارية» من «العاصمة الجديدة» ليس عفوياً أو مجرد تغيير اسم شركة، وإنما يعكس توجهاً حكومياً تتغير وفقاً له فلسفة المدينة الكبيرة التي دُشنت على مساحة تتجاوز 700 كليومتر.
وأضاف: «فلسفة تدشين العاصمة الإدارية في البداية كان استنساخاً لتجربة نيويورك ودبي، باعتبارهما مقرات إدارية للحكومة، تبعد عن الزحام والتكدس، وتقدم تجربة مدينة ذكية؛ لكن الآن نرى توجهاً لأن تصبح هذه المدينة ليست فقط عاصمة إدارية ولكن ثقافية واستثمارية وسياحية».
وتضم العاصمة الإدارية مبنى أوبرالياً ضخماً وُصف بأنه «الأكبر في الشرق الأوسط»، وفق بيان سابق لشركة العاصمة، داخل حي «الفنون والثقافة» الذي أُسس ليكون «مركزاً حضارياً يربط الفن والتراث». وقد استضاف احتفالية «وطن السلام» في 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بمناسبة ذكرى حرب أكتوبر، وللاحتفاء بتوقيع اتفاقية السلام في شرم الشيخ، وسط استعراض لافت للدار الأوبرالية الفخمة.
وتوقع عرفة أن تشهد الفترة المقبلة مزيداً من المراكز الثقافية والرياضية والسياحية والأحداث المتعلقة بها.
وتضم «العاصمة الجديدة» عدة معالم دينية وثقافية وسياحية مثل مسجد الفتاح العليم وكاتدرائية المسيح، والنهر الأخضر، والبرج الأيقوني، ومدينة مصر الدولية للألعاب الأولمبية. كما تضم المقر الجديد لمجلس النواب.
ورغم ذلك، يرى عرفة تحدياً في إقرار العاصمة الجديدة بديلاً للقاهرة، يتمثل في الحاجة أولاً لتطبيق اللامركزية للحد من توافد المواطنين في الأطراف إلى المركز في ظل «البيروقراطية» و«مركزية القرارات»، وحتى «لا ينتقل التكدس من القاهرة القديمة إلى العاصمة الجديدة».
وتقع العاصمة الجديدة على بعد 75 كيلومتراً تقريباً شرق القاهرة، وحتى أغسطس الماضي كان عدد الموظفين المنقولين إليها نحو 55 ألفاً، وفق الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة.
وتحدٍ آخر يراه خبير التنمية المحلية يتمثل في عدم قدرة جميع موظفي الدولة على الانتقال إلى العاصمة الجديدة في ظل ارتفاع مستويات المعيشة بها.
ويبلغ عدد موظفي الجهاز الإداري للدولة المصرية أكثر من أربعة ملايين موظف وفق إحصاءات رسمية.
وتتبنَّى الحكومة منذ 2014 خطة لإصلاح الجهاز الإداري، تقوم على تخليصه من «الموظفين الزائدين على الحاجة» و«توظيف التكنولوجيا»، ما أدَّى إلى تراجع التعيينات، وارتفاع متوسط أعمار الموظفين.
وفي المجمل، يرى عرفة أن تغيير الاسم إلى «العاصمة الجديدة» بداية «تحول ناعم سيستغرق سنوات عديدة حتى إقراره بشكل كامل، خصوصاً وأنه سيحتاج تعديلاً دستورياً».
وتنص المادة الأولى من الدستور المصري على أن القاهرة «عاصمة الدولة».


