أعلنت وزارة الدفاع الروسية -اليوم الجمعة- بدء هجوم لقواتها في باخموت شرقي أوكرانيا بدعم من القوات المحمولة جوا، مشيرة إلى أن وحداتها الهجومية تواصل التقدم في الجزء الغربي من المدينة.
وقد أفادت آنا ماليا نائبة وزير الدفاع الأوكراني بأن القوات الروسية تحاول السيطرة على هذه المدينة الإستراتيجية، الواقعة على ضفتي نهر باخموتوكفا شمالي مقاطعة دونيتسك، بشكل كامل بحلول التاسع من مايو/أيار الجاري.
وتأتي هذه التطورات بعد ساعات فقط من إعلان رئيس شركة فاغنر العسكرية الروسية يفغيني بريغوجين أن قواته ستنسحب من باخموت في العاشر من الشهر الحالي، بسبب عدم تأمين قواته بما يكفي من الذخيرة.
وقال بريغوجين “القتال بدون ذخيرة وتكبد خسائر بين مقاتلي فاغنر في باخموت أمر لا جدوى منه” مرجعا قراره بسحب قواته من المدينة بعد 5 أيام إلى عدم توفير وزارة الدفاع الروسية الذخيرة لعناصره، ومؤكدا أن قواته ستسلم مواقعها في باخموت للجيش الروسي.
ونشر رئيس هذه المليشيا مقطعا مصورا على حسابه في منصة تليغرام، ومن ورائه جثث يقول إنها لأفراد من قواته سقطوا في معارك باخموت بسبب شح الذخيرة.
بذاءة وسباب
كما هاجم بريغوجين بشكل مباشر وزير الدفاع سيرغي شويغو، وقائد الأركان الجنرال فاليري غيراسيموف مستخدما توصيفا بذيئا وسبابا مباشرا بحقهما لعدم إمداد قواته بالذخيرة المطلوبة، وهو ما تسبب في مقتل عدد كبير منهم.
وتحدث بريغوجين عن سقوط “عشرات آلاف القتلى والجرحى” الروس في أوكرانيا.
وقالت الرئاسة الروسية إنها لن تعلق على تصريحات بريغوجين بشأن انسحاب قواته من باخموت قريبا.
في المقابل، لمحت آنا ماليا إلى أن إعلان الانسحاب قريبا مجرد خدعة، مؤكدةً أن روسيا ماضية في نقل مقاتلي فاغنر من خط المواجهة إلى باخموت للاستيلاء عليها بحلول يوم النصر في التاسع من مايو/أيار الجاري.
وأضافت -عبر شاشة التلفزيون الأوكراني- “نراهم الآن يسحبون المقاتلين من خط الهجوم بأكمله الذي توجد به قوات فاغنر باتجاه باخموت”.
وقد أصبحت باخموت، منذ صيف 2022، في قلب العمليات العسكرية التي شنتها القوات الروسية في دونيتسك، وتعرضت على مدى أشهر لمحاولات اقتحام عديدة -خاصة من قبل مقاتلي فاغنر- أحبطتها القوات الأوكرانية.
وتسارعت وتيرة الهجوم الروسي على باخموت يوليو/تموز 2022 بعد انسحاب القوات الأوكرانية من منطقة لوغانسك المجاورة لدونيتسك، وتعرضت المدينة للقصف الروسي على مدى عدة أشهر، وتضاربت الأنباء خلال الأسابيع الأخيرة بشأن السيطرة عليها من قبل طرفي الحرب.
نزاع مفتوح
سياسيا، اتهم سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي الولايات المتحدة والغرب بالمشاركة المباشرة في الصراع الأوكراني، محذرا من نشوب نزاع مسلح مفتوح بين موسكو وواشنطن.
وأضاف ريابكوف -خلال لقاء تلفزيوني محلي- أن “أوكرانيا ليست سوى أداة في أيديها (الولايات المتحدة)، إنها رأس الرمح الذي يلوح به الغرب الجماعي، بقيادة واشنطن، وهدفهم هو تدمير روسيا المستقلة، هؤلاء الناس خصومنا، هم أعداؤنا”.
من ناحية أخرى، يناقش مجلس الأمن الروسي -اليوم الجمعة- الهجوم الذي استهدف الكرملين بمسيرتين قبل أيام.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن الهجوم على الكرملين عمل عدائي، لافتا إلى أن بلاده سترد بخطوات محددة وملموسة.
وأضاف “لن نرد بالحديث عما إذا كان ذلك يستدعي ردا أم لا، بل سنرد بخطوات محددة وملموسة. وأود أن أكرر مرة أخرى أن لدينا الكثير من الصبر”.
عملية كبيرة
وقد استبعدت مديرة المخابرات الوطنية الأميركية أفريل هينز -في وقت سابق- أن تتمكن القوات الروسية من شن عملية هجومية كبيرة ضد أوكرانيا خلال العام الجاري، حتى إن لم ينجح الهجوم الأوكراني المضاد بشكل كامل.
وقالت هينز -خلال جلسة استماع عقدت أمس أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ- إن أوكرانيا ربما لا تكون قادرة على مواجهة روسيا إذا توقفت معظم المساعدات العسكرية الغربية لها.
كما قالت المسؤولة الاستخباراتية إنه من غير المرجح أن تستخدم روسيا أسلحتها النووية.
وكان مسؤولون روس قد لوحوا، عقب اندلاع حرب أوكرانيا في 24 فبراير/شباط 2022، بإمكانية استخدام السلاح النووي إذا تعرضت بلادهم لخطر يهدد أمنها القومي.
60 هجوما
ميدانيا، أفاد الجيش الأوكراني بصد قواته نحو 60 هجوما روسيا باتجاهات باخموت ومارينكا وليمان شرقي البلاد.
وقال الجيش إن معارك عنيفة تجري في باخموت ومارينكا، وإن القوات الروسية نفذت عمليات هجومية “فاشلة” على عدد من المحاور في باخموت، خصوصا منطقتي ماركوف وبوهدانيفكا.
وأقر أوليكسي سينيلنيكوف -قائد مجموعة الاستطلاع الجوي الأوكراني في باخموت- بصعوبة القتال في المدينة، وقال إن القوات الروسية تحاول كل يوم إخراج قواتنا، وإن هناك معارك شوارع تدور على مدار الساعة.
وأكد سينيلنيكوف أن الروس يعانون إشكاليات في العتاد الذي وصفه بالقديم، وأن القوات الأوكرانية تواصل العمل على الطريق بين كوستيانتينيفكا وباخموت الذي تتدفق من خلاله الذخيرة والمؤن لمقاتلي المدينة رغم المحاولات الروسية قطعه باستمرار.
إجلاء عائلات
وقد أمرت موسكو اليوم بإجلاء العائلات التي تضم أطفالا ومسنين من المناطق القريبة من خط المواجهة، التي تسيطر عليها روسيا جنوب أوكرانيا، بسبب زيادة القصف الأوكراني.
وكتب يفغيني باليتسكي المسؤول المحلي عن منطقة زاباروجيا والمعين من روسيا -عبر مواقع التواصل- “الأيام القليلة الماضية، كثف العدو قصفه.. سيكون هناك إجلاء موقت” لسكان 18 قرية وبلدة.
كما أكد مراسل الجزيرة سماع دوي انفجارات في المقاطعة، وأشارت السلطات الموالية لروسيا هناك إلى أنها تتوقع بدء الهجوم الأوكراني المضاد “خلال أيام أو حتى ساعات”.
وفي دونيتسك، أعلنت السلطات المحلية الموالية لموسكو أن المنطقة تعرضت لأكثر من 80 عملية قصف خلال 24 ساعة الماضية، شملت أحياءً مثل بيتروفسكي وكييروفسكي.
كما قال رئيس المركز الصحفي لقوات الغرب بالجيش الروسي إن سلاح الجو استهدف نقطة انتشار لمدربين أجانب في منطقة تشيرنهيف، وقصف معدات للواء رقم 119.
وكانت سلطات الطوارئ الروسية قد أعلنت في وقت سابق تعرض منشأة “إيلسكي” النفطية، بإقليم كراسنودار جنوبي البلاد، لهجوم بطائرة مسيرة مما تسبب في اندلاع حريق لكن تمت السيطرة عليه.
ويعد هذا الهجوم الثاني على المنشأة النفطية نفسها خلال 24 ساعة، إذ استهدفت أمس الخميس بمسيّرة أوكرانية، مما أدى إلى اندلاع حريق في أحد خزانات الوقود.
قصف صاروخي
في المقابل، أعلنت الإدارة العسكرية الأوكرانية في المقاطعة مقتل شخصين وإصابة آخرين، في قصف صاروخي ومدفعي روسي طال عددا من المدن والبلدات في المنطقة.
كما أسفر القصف عن تضرر مبان سكنية واشتعال عدد من الحرائق.
وأكدت الإدارة الأوكرانية استهداف المنطقة الصناعية في كراماتورسك بهجوم صاروخي روسي، من دون تسجيل إصابات بشرية.
وفي خيرسون، أفاد حاكم المقاطعة الأوكراني باستمرار القصف الروسي على عموم أراضي المقاطعة الجنوبية.
وأكد أن الروس قصفوا مركز المدينة والقرى والبلدات الواقعة على طول خط المواجهة، مشيرا إلى إسقاط الطائرات الروسية قنابل موجهة فائقة الدقة على عدد من أهداف البنية التحتية.
وحث حاكم خيرسون في الوقت ذاته السكان على ضرورة الابتعاد عن أماكن القصف، والبقاء في أماكن آمنة.
كما أفاد مراسل الجزيرة بسماع دوي انفجارات في المقاطعة، وأشار عمدة ميليتوبول الأوكراني في زاباروجيا بوقوع نزوح جماعي للروس من خيرسون وزاباروجيا إلى شبه جزيرة القرم.