في 8 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، كشفت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية أن وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير يعتمد في قراراته نصائح بنتسي غوبشتاين، رئيس جماعة “لهافا” العنصرية الإرهابية.
الصحيفة سرّبت مراسلات بين الشخصين عبر تطبيق “واتسآب”، تظهر أن غوبشتاين مستشار رئيسي لبن غفير، زعيم حزب “القوة اليهودية” اليميني المتطرف، وقدَّم له مقترحات متطرفة تبناها بالفعل.
وأبرز هذه المقترحات تنفيذ اعتقالات واسعة وجمع أسلحة في مدينة القدس المحتلة، وتنفيذ اغتيالات انتقائية وإغلاق أحياء كاملة في القدس الشرقية.
ووفق الصحيفة، تبنى المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية السياسية (الكابينيت) مقترحًا (لم تذكره) من بن غفير، سبق أن قدَّمه غوبشتاين.
وترصد وكالة “الأناضول” التركية البنية الأساسية لجماعة “لهافا” المتطرفة وتوجهاتها وأهم رموزها وجرائمها بحق الفلسطينيين، خاصة وأنها تدعو إلى هدم المسجد الأقصى.
منع زواج اليهوديات من العرب
جماعة “لهافا” أسسها اليهودي المتطرف غوبشتاين عام 1999، لمنع ظاهرة “الزواج المختلط” بين يهوديات وعرب ومحاربتها بكافة الوسائل، و”لهافا” باللغة العبرية هي الحروف الأولى من مقولة “لمنع الانصهار في الأرض المقدسة”، وتعني في العربية الشعلة أو اللهب.
وتعمل الجماعة على ما تعتبره إنقاذ الفتيات اليهوديات من الاندماج مع العرب، سواء بعلاقات غرامية أو من خلال الزواج، ويعزو موقع الجماعة الهدف من تأسيسها إلى “معالجة مشكلة الفتيات اليهوديات من جذورها، وتوسيع الفروق بين إسرائيل والأغيار (غير اليهود)، وتعليم الأطفال وتقوية انتمائهم لوطنهم وشعبهم اليهودي”.
ويتبنى أتباع الجماعة شعار “حب إسرائيل”، ويقول الموقع إنهم “يعملون 24 ساعة يوميًا لإنقاذ الأرواح”.
وفي 6 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، نشر غوبشتاين مقالًا بموقع القناة السابعة قال فيه إنه احتفل بزفاف 30 فتاة يهودية سبق لهن، على حد زعمه، إقامة علاقات مع عرب.
على قائمة العقوبات الأميركية
الولايات المتحدة أدرجت غوبشتاين على قائمة العقوبات، والاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على “لهافا”، وهو ما اعترف به زعيم الجماعة في مقاله.
وقال غوبشتاين: “خلال هذا العام (2023- 2024) حاول العديد من الأشخاص السيئين وضع العصي في عجلات نشاطنا، على رأسهم (الرئيس الأميركي) جو بايدن الذي فرض عقوبات علينا وعليَّ شخصيًا، وكذلك فرض الاتحاد الأوروبي وغيرهم من معادي السامية”.
وكان دفير، نجل غوبشتاين جمع في 24 يوليو/ تموز الماضي تبرعات للجماعة وهو بالزي العسكري، حيث يخدم ضابطًا نظاميًا في لواء “جفعاتي” في حرب الإبادة المتواصلة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وأكدت صحيفة “يديعوت أحرونوت” أن ما فعله دفير “مخالف للقواعد العسكرية الإسرائيلية”.
ولم يكتف دفير بذلك، بل رفع شعار “لا تدع الاتحاد الأوروبي وبايدن يوقفان العمل المقدس”، زاعمًا أن “جمع تبرعات للهافا عمل مقدس” أثناء الإبادة المدعومة أميركيًا، والتي أسفرت عن استشهاد وإصابة نحو 148 ألف فلسطيني.
الملياردير فاليك أبرز المموّلين
ووفق صحيفة “كالكاليست” الاقتصادية العبرية في 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، فإن الملياردير اليهودي سيمون فاليك، المقرب من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، هو الممول الأول لـ”لهافا”، ملمحةً لوجود تقارب في الرؤى المتطرفة بين نتنياهو وغوبشتاين.
وأكدت الصحيفة عدم صحة ادعاءات غوبشتاين بشأن حظر حسابات “لهافا” المصرفية، إذ يستمر التمويل من فاليك، رغم إعلان واشنطن مرارا فرضها عقوبات على الجماعة بدأتها في 24 يوليو/ تموز 2011.
وللالتفاف على العقوبات، حاول حزب “القوة اليهودية” الدفع نحو سنَّ مشروع قانون، لكن جرى تأجيله إلى يناير/ كانون الثاني 2025، وفق موقع “سيروغيم” العبري في 17 نوفمبر الجاري.
وأطلقت “يديعوت أحرونوت” مطلع يوليو/ تموز الماضي، على التشريع المرتقب اسم “قانون غوبشتاين”.
إسرائيل الكبرى
تتبنى “لهافا” أفكارًا ومعتقدات دينية متطرفة مستقاة من أيديولوجية الحاخام المتشدد مائير كاهانا، المولود لعائلة يهودية أرثوذكسية في نيويورك عام 1932 والذي قُتل في 1990.
ويؤمن المتطرف كاهانا بدولة يهودية متجانسة لا وجود فيها للعرب، وتُدار حسب ما يعتبرها شرائع التوراة.
كما يؤمن كاهانا ومن بعده غوبشتاين، بأن الضفة الغربية والمنحدرات الشرقية للأردن جزء من مملكتي “يهودا والسامرة” (الضفة الغربية في المفهوم اليهودي) التوراتيتين.
ويعتقد غوبشتاين وكاهانا بفكرة “إسرائيل الكبرى” التي تضم شبه جزيرة سيناء المصرية ولبنان وسوريا والأراضي الممتدة حتى نهر الفرات في العراق، بزعم أنها “الوطن القومي للشعب اليهودي”.
ويحتفي أعضاء “لهافا” بباروخ غولدشتاين، منفذ مجزرة المسجد الإبراهيمي بالضفة عام 1994، التي راح ضحيتها “عشرات الشهداء والجرحى الفلسطينيين” ويعد غوبشتاين خليفة لغولدشتاين ولكاهانا ولكل حاخام ويهودي متطرف.
وسنويًا، يحتفي غوبشتاين بكل من كاهانا وغولدشتاين، ويعتبرها فرصة لتكرار وتجديد أفكاره المتطرفة حيال العرب.
شعارها “الموت للعرب”
في 14 يناير/ كانون الثاني الماضي، برأت محكمة الصلح بمدينة القدس المحتلة غوبشتاين من 5 تهم بالعنصرية والتطرف والإرهاب، إثر هجوم إسرائيلي على فلسطينيين، وفق “يديعوت أحرونوت”.
وتدعو “لهافا” وزعيمها لضم الضفة الغربية إلى إسرائيل، وترفع شعار “الموت للعرب”، ودون إجراء رادع استجوبت الشرطة غوبشتاين مرات عديدة أولها في 2014، بعد إحراق أتباع الجماعة مدرسة عربية يهودية بالقدس.
واستدعت الشرطة غوبشتاين إثر دعوته إلى “حرق الكنائس”، بزعم أن “القانون اليهودي يوصي بتدمير الأوثان في أرض إسرائيل”، حسب القناة السابعة العبرية في 9 أغسطس/ آب 2015.
ويؤمن الكثير من أتباع الجماعة بوصايا الحاخام “رمبام” أو الحاخام موسى بن ميمون المتطرفة، إذ قال غوبشتاين إن ابن ميمون “شرَّع بتدمير الأوثان في إسرائيل”.
وابن ميمون (1135 – 1204) من أشهر فلاسفة وحاخامات اليهود على مر العصور، وغالبًا ما يعود اليهود المتشددون إلى فتاواه العنصرية والمتطرفة بحق “الأغيار” أي غير اليهود.
تفكيك قبة الصخرة
تدعو “لهافا” إلى تفكيك “قبة الصخرة” لبناء الهيكل المزعوم في باحات المسجد الأقصى، حسب “يديعوت أحرونوت”.
وقالت الصحيفة إن غوبشتاين زعم أن المسجد الأقصى “قمة سرطان يوجد لدينا، وعلى الحكومة الإسرائيلية إزالة هذا الورم السرطاني”، وهي دعوة كررها في 29 مايو/ أيار 2022.
كما جدد الدعوة إلى هدم المسجد الأقصى، عبر مقال له بموقع “متساف” في 17 مايو 2023، زعم فيه أنه “من الواجب على كل يهودي أن يحاول جعل المسجد الأقصى في أيدينا، وإبعاد المسلمين عنه”.
وتطلب الجماعة من أعضائها استخدام العنف ضد الفلسطينيين لتحقيق أهدافها، خاصة وأنها المحرك الأساسي لدعوات المستوطنين لعمليات الاقتحام الجماعية اليومية للمسجد الأقصى وإقامة الصلوات التلمودية في باحاته.
وتنادي “لهافا” إلى تكثيف “العمل العبري” في القدس، والضغط المستمر على أصحاب المحال التجارية لطرد الفلسطينيين منها، بزعم وقف الاندماج أو الانصهار بين اليهود والفلسطينيين.