على ضوء التطورات المتسارعة في ما يتعلق بقطاع غزة، تقترح القاهرة، بحسب مصدر مصري للتلفزيون العربي، خطةً لإعادة إعمار القطاع دون تهجير سكانه، على أن تبدأ من رفح والجنوب وتنتهي بشمال القطاع، وتنفذ على مرحلتين لإزالة الركام وبناء تجمعات سكنية.
وبحسب المصدر، فإن الخطة بحاجة إلى ما بين ثلاث وخمس سنوات لتنفيذها، على أن تكون بمساعدة عربية وأوروبية وأممية.
وفي هذا الإطار، جاء بيان الرئاسة المصرية الذي أعلن عن اتصال هاتفي بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والملك عبد الله الثاني، حيث شددّا على بدء إعادة إعمار غزة فورًا مع عدم تهجير الفلسطينيين، وكذلك أكدا على التعاون الوثيق مع ترمب بهدف قيادة مسار يؤدي إلى إقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967.
ترمب يصرّ على تنفيذ مشروعه
في المقابل، بدا إصرار ترمب واضحًا على تنفيذ مشروعه خلال اللقاء الذي جمعه بملك الأردن عبدالله الثاني.
وبحسب البيت الأبيض، تطرق الزعيمان، خلال الاجتماع، إلى هدف الرئيس الأميركي ضمانَ إعادة إعمار غزة بنحو جميل عقب إنهاء النزاع وتوفير خيارات لسكان القطاع تتيح لهم العيش في أمن وكرامة بعيدًا عن سيطرة حماس.
بدا إصرار ترمب واضحًا على تنفيذ مشروعه بشأن قطاع غزة خلال اللقاء الذي جمعه بملك الأردن – رويترز
وفي هذا الإطار، يقول وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إن الرئيس ترمب هو الوحيد الذي تقدم بخطة واضحة للتعامل مع غزة بعد الدمار الذي لحق بها، واعتبر روبيو أن العقبة الأساسية أمام حل الدولتين لم تكن إسرائيل بل من سيتولى حكم الدولة الفلسطينية.
وفي الأثناء، يواجه مشروع ترمب بمعارضة عربية ودولية تضاف إلى موقف القاهرة والأردن من خطة التهجير. وعلى هذا الصعيد يبرز الموقف الفرنسي الذي عبر عنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حينما قال: “إن الحل يجب أن ينطوي على عملية سياسية وليس صفقة عقارية”.
ويضاف الموقف الفرنسي إلى جملة المواقف الأوروبية الرافضة لخطة التهجير.
فرص تمرير المقترح المصري
وفي هذا السياق، يؤكد السفير معتز أحمدين خليل مندوب مصر السابق لدى الأمم المتحدة أن فرص تمرير المقترح المصري لإعادة إعمار غزة تفوق فرص تمرير مقترح ترمب الذي وصفه بأنه “غير معقول” و”غير مقبول”.
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من القاهرة، يلفت خليل إلى أن مصر دولة جوار لغزة وبها المواد الخام اللازمة لإعادة إعمار غزة، مشيرًا إلى الخبرة التي تتمتع بها مصر في مجال التنمية العقارية والإلمام بثقافة الغزيين.
ومن هذا المنطلق، يرى خليل أن مصر يمكنها المساعدة على الإعمار مع إبقاء أهل غزة في أرضهم وتوفير الدعم اللازم لهم عبر إدخال المساعدات الإنسانية.
لكنّه يعتبر أن عدم موافقة إسرائيل أو الولايات المتحدة قد يعيق تنفيذ المقترح المصري، مشيرًا إلى أن مسألة اليوم التالي أثيرت مرارًا منذ بدء طوفان الأقصى حيث أعلنت حركة حماس أنها مستعدة للتنازل عن حكم القطاع، مؤكدًا أن فكرة محو حركة حماس غير ممكنة لأنها واقع مهما حاولت دعاية إسرائيل والولايات المتحدة دعم ذلك.
“ترمب منفتح على التفاوض”
من جهته، يشير نائب رئيس التحرير في صحيفة واشنطن تايمز، تيم قسطنطين، إلى أن “ترمب سيكون منفتحًا على أي مقترح، وسيقوم بالتفاوض للوصول إلى حل”.
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من واشنطن، يعتبر قسطنطين أن خطة ترمب “منطقية”، ويقول: “ليس هناك أي أمر غير منطقي فيها، فالمحاولة تهدف إلى تأمين المياه والكهرباء وإعادة البناء، مع توفير منطقة آمنة للسكان”.
ويضيف: “إن المقترح لا يهدف إلى دفع جميع سكان غزة إلى الخارج”، مشددًا على أن “ترمب لا يريد تدمير قطاع غزة، بل تحويله إلى منطقة جميلة ليعود إليها السكان مجددًا”، وفق قوله.
كما يبرر قسطنطين مقترح استيلاء الولايات المتحدة على قطاع غزة بأنه يهدف إلى تحقيق الاستقرار في المنطقة، حسب قوله. ويرى أن “وضع سكان غزة في مكان آمن ريثما ينتهي البناء هو ما يعتبره البعض غير منطقي”.
دور أوروبي محدود
من جانبه، يشير كبير الباحثين في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، رافائيل بوسونغ، إلى أن القدرة الأوروبية على الالتزام تجاه غزة باتت أكثر محدودية في ظل إدارة ترمب، لافتًا إلى أن القادة الأوروبيين رفضوا مقترح ترمب لتهجير سكان القطاع.
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من برلين، يقول بوسونغ: “لا نتوقع أن تكون هناك عودة آمنة وسعيدة لسكان القطاع” في حال تنفيذ مقترح ترمب، الذي يصفه بـ”المتطرف والداعم لإسرائيل”.
كما يستبعد أن تتمكن أوروبا من منع تمرير الخطة، مشيرًا إلى أنه يمكن للأوروبيين التنسيق مع جهات في المنطقة.
ويضيف بوسونغ: “ليس هناك موقف أوروبي موحد، مع الأسف”، ويرفض اتهام أوروبا بدعم حرب الإبادة على غزة، مشيرًا إلى أن “ما حصل هو ارتكاب جرائم حرب من الجانبين”. كما يلفت إلى أن ألمانيا، رغم دعمها لإسرائيل، وجّهت لها انتقادات بشأن الانتهاكات في غزة.
وفي حين يرى أنه “لا يمكن محو حماس من الوجود”، يشير إلى أنه لا يمكن القبول بأن تكون حماس جزءًا من الحل في القطاع”، حسب رأيه.