يشير الرئيس الأميركي العائد إلى البيت الأبيض دونالد ترمب بوضوح شديد إلى ضرورة قيام الأردن ومصر باستقبال المزيد من فلسطينيي قطاع غزة، أو نقلُهم إلى بلدان مجاورة.
ولم يضع ترمب اقتراحه في إطار واضح من حيث الخط الزمني، فهو إمّا مؤقَّت أو طويل الأجل رغم مخالفته لقرارات المحكمة الدولية التي تعدّ التهجير المؤقت أو الدائم جريمةً.
والحديث هنا عن شعب يرى ترمب ضرورة بناء سكن مؤقَّت أو دائم لهم في موقع مختلف حيث يمكنهم العيش بسلام وفق الرئيس الأميركي الذي تذرَّعَ بما وصفها حالة الفوضى الحقيقية في القطاع.
ترحيب إسرائيلي بمقترح ترمب
من جهتها، رحّبت إسرائيل من خلال سياسييها بالطرح الأميركي، فقد أثنى إيتمار بن غفير على مقترح ترمب، معتبرًا أن أحد المطالب الأساسية لنتنياهو كان تشجيع الفلسطينيين على الهجرة الطوعية من القطاع.
بدوره، اعتبر بتسلئيل سموتريتش أن مساعدة سكان غزة في العثور على أماكن أخرى هي فكرة عظيمة، على حد تعبيره.
تذرَّعَ الرئيس الأميركي دونالد ترمب بما وصفها حالة الفوضى في قطاع غزة- غيتي
وجاء الموقف الأردني على لسان وزير الخارجية الذي جدد رفض عمان للتهجير، معتبرًا أن الطريق إلى السلام في المنطقة يمر عبر تلبية الحقوق الفلسطينية استنادًا إلى الشرعية الدولية.
من ناحيتها، اعتبرت حركة حماس في بيان أن الشعب الفلسطيني يرفض بشكل قاطع أي مخططات لترحيله من أرضه، داعية واشنطن إلى التوقف عن الطروحات التي تتماشى مع المخططات الإسرائيلية وتتصادمُ مع حقوق الشعب الفلسطيني.
“حل قصير الأمد”
وفي هذا الإطار، يشير نائب رئيس التحرير في صحيفة “واشنطن تايمز”، تيم قسطنطين، إلى أن تصريح ترمب جاء في سياق إجابته عن سؤال، لافتًا إلى أن السلام والازدهار هما ما يحتاجه العالم.
ويعتبر قسطنطين أن ترمب يحاول استكشاف كيفية تحقيق السلام والازدهار، وكيفية تقديم العناية لسكان غزة في منطقة دُمّرت بالكامل، حيث يتطلب إعمارها سنوات طويلة، وفق قوله.
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من واشنطن، يرى نائب رئيس التحرير في صحيفة “واشنطن تايمز” أن ترمب يعرض حلًا قصير الأمد يمكن الناس من العودة إلى حياتهم الطبيعية بسرعة، ريثما يتم إعمار قطاع غزة، حسب تعبيره.
ويضيف: “لا أعتقد أنه يمكن انتقاد رئيس أعظم دولة في العالم لمجرد إجابته عن سؤال”، وفق قوله.
ترمب يسعى لتغيير السردية الفلسطينية
من جهته، يوضح مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية وأستاذ العلاقات الدولية فيها، الدكتور حسن المومني، أن هذه ليست المرة الأولى التي يقدم فيها ترمب إجابات على أسئلة تُعد مثيرة للجدل.
ويشير إلى أن ترمب، ومنذ ولايته الأولى كرئيس للولايات المتحدة، تبنى السردية المتوافقة عليها دوليًا بشأن القضية الفلسطينية، لكنه اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وفق قوله.
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من عمّان، يقول المومني: “الكل يعلم أن الإشكالية تكمن في ما يطرحه ترمب، وقد رفض الفلسطينيون طرحه، وكذلك فعل الأردن”.
كما يرى المومني أن ترمب يسعى إلى تغيير السردية الفلسطينية، مشيرًا إلى أن “ما يجري هو محاولة لتقزيم مشكلة فلسطين، رغم أنها في الأساس مشكلة احتلال”، ومؤكدًا أن الشرعية الدولية تعترف بوجود احتلال لفلسطين.
ويضيف المومني أن نقل الفلسطينيين إلى مصر أو الأردن يتطلب بنية تحتية، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة تستطيع اختزال الزمن ومساعدة الغزيين على استعادة حياتهم الطبيعية على أرضهم.
كما يعبر عن اعتقاده بأنه “بعد قرن من الصراع، لا يمكن اجتثاث الفلسطينيين من أرضهم، وأنهم سيصبرون على أي وضع صعب في غزة”.
مصر ترفض تهجير الفلسطينيين
وفي قراءة للموقف المصري، يوضح مندوب مصر السابق في الأمم المتحدة، معتز أحمدين خليل، أن موقف مصر واضح منذ عملية طوفان الأقصى، حيث ترفض خطة تهجير الفلسطينيين على جميع المستويات.
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من القاهرة، يشير خليل إلى أن الولايات المتحدة وإسرائيل أرسلتا مبعوثين إلى مصر بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 لحثها على استقبال الفلسطينيين، لكن رد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي كان حاسمًا.
ويؤكد خليل أن مصر ترفض تهجير الفلسطينيين من أراضيهم بشكل مطلق، وليس فقط فكرة تهجيرهم إلى سيناء.
كما يشير إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي وملك الأردن عبد الله الثاني لطالما أصدرا بيانات مشتركة عقب جميع اللقاءات التي جرت بين الجانبين منذ عملية طوفان الأقصى، أكدّا فيها رفض تهجير الفلسطينيين.
ويرى أن الولايات المتحدة وإسرائيل تعتقدان بوجود فرصة لتشكيل شرق أوسط جديد يتم بموجبه إزاحة الفلسطينيين من أراضيهم.