مع مواصلة الاحتلال ومستوطنيه اعتداءاتهم في الضفة الغربية، حذرت خبيرة من الأمم المتحدة اليوم الإثنين من أن الفلسطينيين يواجهون خطر التطهير العرقي الجماعي، في ظل تنفيذ إسرائيل لخطتها طويلة الأمد للاستيلاء على الأراضي الفلسطينية وإخلائها من الفلسطينيين.
ومنذ بدئه حرب الإبادة على قطاع غزة، صعّد الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة الغربية، بما فيها القدس، ما أدى إلى استشهاد أكثر من 935 فلسطينيًا، وإصابة قرابة 7 آلاف آخرين، واعتقال 15640، وفق معطيات فلسطينية رسمية.
اعتداءات إسرائيلية متواصلة على الضفة
وفي التفاصيل، تواصل قوات الاحتلال عدوانها على مدينة ومخيم طولكرم لليوم الخمسين على التوالي، ومخيم نور شمس لليوم السابع والثلاثين، تزامنًا مع استمرار التهجير القسري للفلسطينيين من منازلهم.
وأجبرت قوات الاحتلال العائلات المتبقية في حارة قاقون في مخيم طولكرم على مغادرته، واعتدت على المواطنين في حارة أبو الفول أثناء محاولتهم دخول منازلهم لجمع بعض المستلزمات الضرورية، وفق المركز الفلسطيني للإعلام.
وأفادت اللجنة الإعلامية في طولكرم، بأن جيش الاحتلال أجبر عائلات رجب، وأبو الغياب، وفتح الله، وياسين، ورايق على إخلاء منازلها قرب مسجد خالد بن الوليد في ضاحية ذنابه.
وخلال اليومين الماضيين، أجبرت قوات الاحتلال نحو 200 عائلة على النزوح من مخيم طولكرم، وأمهلت عائلات في حارة قاقون بضع ساعات للخروج من منازلها، وفق اللجنة الإعلامية.
وبيّنت اللجنة أن أكثر من 80 عائلة تصر على البقاء في مخيم طولكرم وعدم ترك منازلها، رغم المخاطر وتهديدات الاحتلال، الذي حوّل عشرات المنازل لثكنات عسكرية خاصة في شارع نابلس والمخيمين، وجبل أبو النصر وضاحية الرشيد وجيل الصالحين.
إصابات ومواجهات بالضفة
ومساء اليوم الإثنين، أصيب عشرات الفلسطينيين بالاختناق خلال اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي مخيم العروب، شمال الخليل.
وأفادت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية “وفا”، بأن قوات الاحتلال اقتحمت المخيم، وأطلقت الرصاص الحي والمعدني المغلف بالمطاط، وقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع، صوب المنازل، ما أدى إلى إصابة العشرات من أهالي المخيم بحالات اختناق، جرى علاجهم ميدانيًا.
وفي جنوب الخليل، أطلقت قوات الاحتلال الرصاص الحي والمعدني المغلف بالمطاط، وقنابل الغاز المسيل للدموع، وقنابل الصوت صوب الفلسطينيين في مخيم الفوار، ما أدى إلى إصابة العشرات بحالات اختناق.
وفي سياق الاعتداءات الإسرائيلية، اقتحمت قوة من جيش الاحتلال قرية النبي صالح شمال غرب رام الله، وسط إطلاق مكثف للرصاص الحي وقنابل الغاز السام المسيل للدموع، ما أدى إلى اندلاع مواجهات، دون أن يبلغ عن إصابات.
واحتجزت قوات الاحتلال عددًا من الشبان وسط القرية، خلال خروجهم من المسجد عقب أداء صلاتي العشاء والتراويح، بحسب وكالة “وفا”.
إلى ذلك، اعتدت مجموعة من المستوطنين، مساء اليوم الإثنين، على الفلسطينيين أثناء مرورهم من منطقة واد المطوي الواصل بين مدينة سلفيت وبلدة بروقين غربًا.
وذكرت مصادر محلية، أن مجموعة من المستوطنين هاجموا مركبات المواطنين وألحقوا أضرارًا بها، واعتدوا على مواطن، ورشوه بغاز الفلفل.
مقررة أممية تُحذّر من تطهير عرقي جماعي في الضفة
وحذّرت خبيرة من الأمم المتحدة، من أن الفلسطينيين يواجهون خطرًا حقيقيًا يتمثل في التطهير العرقي الجماعي، في ظلّ تنفيذ إسرائيل لخطتها طويلة الأمد للاستيلاء على الأراضي الفلسطينية وإخلائها من الفلسطينيين.
وأضافت المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة فرانشيسكا ألبانيز، أن التطهير العرقي ينطوي على أفعال تُشكّل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بل وحتى إبادة جماعية.
وأشارت ألبانيز إلى أن الضفة الغربية تواجه أسوأ هجوم منذ الانتفاضة الثانية، والذي اتسم بالغارات الجوية والجرافات المدرعة وعمليات الهدم المُتحكّم فيها لشنّ غارات وهدم المنازل وتدمير القرى والبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك الأراضي الزراعية.
وأكدت أن التاريخ يُظهر أن إستراتيجية إسرائيل لبناء “إسرائيل الكبرى” الخالية من الوجود الفلسطيني تعتمد على التهجير القسري وقمع الفلسطينيين، وقالت: “إن سلوك إسرائيل الهادف إلى التطهير العرقي للأرض الواقعة بين النهر والبحر، يرقى إلى مستوى حملة إبادة جماعية لمحو الفلسطينيين كشعب”.
وتابعت: “يجب على المجتمع الدولي الوفاء بالتزاماته بحماية الفلسطينيين من الفناء. السبيل الوحيد هو إنفاذ الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الذي أقر بعدم قانونية وجود إسرائيل المستمر في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأمرَ بإنهائه دون قيد أو شرط، وفرض تدابير مؤقتة ملزمة على إسرائيل لمنع ارتكاب إبادة جماعية في غزة”.
وختمت ألبانيز بالقول: “فلسطين جرح غائر. ما يحدث للفلسطينيين مأساةٌ مُتنبأ بها، ووصمة عار في تاريخ إسرائيل نتحمل مسؤوليتها جماعيًا. لم يفت الأوان بعدُ للعالم أن ينهض ويفعل الصواب”.