ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية اليوم الجمعة، أنّ ربع المباني في جنوب لبنان تضرّرت أو دُمّرت بالكامل منذ بداية الهجمات التي شنّتها إسرائيل على لبنان في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وزادت حدّتها في الفترة الأخيرة.
يأتي ذلك، بينما اكتشف لبنانيون عبر الإنترنت أنّ إسرائيل فجّرت منازلهم عبر الانترنت.
وبين 20 و31 أكتوبر الماضي، أفادت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية بعمليات تفجير إسرائيلية في 7 قرى حدودية.
وقال المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيخاي أدرعي إنّه جرى استخدام 400 طن من المتفجرات لتدمير “منشأة إستراتيجية تحت الأرض لحزب الله في جنوب لبنان”.
عمليات تدمير خطيرة
ومن خلال تحليل بيانات الأقمار الصناعية المقدّمة من مركز الدراسات العليا بجامعة نيويورك وجامعة ولاية أوريغون، والتحقّق من مقاطع الفيديو المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي، وجدت الصحيفة أنّ الهجمات الإسرائيلية تُدمّر بشكل خطير مساحات المعيشة والبنية التحتية في لبنان.
كما يُظهر تحليل صور الأقمار الصناعية من جنوب لبنان، الدمار الذي سبّبته الغارات الجوية الإسرائيلية والحروب البرية المُكثفة.
وتُظهر مقاطع الفيديو عمليات الهدم الخاضعة للرقابة التي يُنفّذها جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وتأثّرت آلاف المباني في القرى الحدودية من الهجمات ضد لبنان، كما تمّ تدمير 9 مواقع دينية على الأقل.
وتعرّضت حوالي ربع المباني في 25 بلدة لبنانية بالقرب من الحدود الإسرائيلية لأضرار أو دمار، وما لا يقلّ عن 5868 مبنى في المناطق الحدودية لأضرار أو دُمّرت في الهجمات، بينما تعرّضت نصف المباني في بلدتي عيتا الشعب وكفركلا لأضرار جسيمة.
وحصلت 80% من الأضرار، منذ بدء إسرائيل هجماتها البرية على البلاد في 30 سبتمبر/ أيلول الماضي.
“ليست مجرد جدران”
وروى الأستاذ الجامعي علي مراد كيف تلقّى فيديو عن تفجير إسرائيل منزل عائلته في جنوب لبنان.
وفي الفيديو الذي انتشر على شبكة الإنترنت، رأى مراد المنزل الذي بناه والده وأعمامه في قرية تبعد أقلّ من كيلومتر عن الحدود الجنوبية مع إسرائيل، أثناء تفجيره من قبل جنود الاحتلال.
وكانت الهيئة الوطنية اللبنانية لحقوق الإنسان التقطت الصور من الجو، ونشرتها على موقعها الإلكتروني. وتُظهر اللقطات انفجارات متتالية لمنازل عدّة مبنية على سفح تلة، حيث ينفجر منزل عائلة مراد، ثم ينهار مغلّفًا بسحابة من الدخان.
غادرت عائلة مراد القرية مُرغمة، كما مئات الآلاف من سكان الجنوب. لكنّه يعتبر عودته إلى الجنوب “حقّا وواجبًا، ومن أجل ذكرى أجدادي، ومن أجل مستقبل أطفالي”.
في 26 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، فجّر الاحتلال منزل عائلة البعلبكي في مدينة العديسة، الذي صمّمه وبناه الرسام اللبناني الراحل عبد الحميد بعلبكي.
ومع بدء الحرب، اشترى ابنه قائد الأوركسترا الفيلهارمونية اللبنانية لبنان بعلبكي، صورًا من الأقمار الاصطناعية لمراقبة المنزل الذي تضمّ حديقته ضريح والديه.
وقال بعلبكي: “نسعى بطريقة من الطرق إلى الحصول على صور لنرى ما إذا كان الضريح أصيب بضرر”، مضيفًا بحزن: “وكأنهما يموتان مرتين”.
ويحتوي المنزل على مكتبة واسعة من نحو 2000 كتاب، ونحو 20 تحفة فنية من بينها لوحات والد بعلبكي.
وقال: “هذا المكان أكثر بكثير من مجرد جدران وأعمدة وغرف للسكن، هو مشروع رافقنا منذ طفولتنا، أثّر فينا وفي اتجاهنا نحو الفن ونحو حبّ الجمال”.
واعتبرت الهيئة الوطنية اللبنانية لحقوق الإنسان في تقرير نشرته الإثنين أنّ “العملية العسكرية الإسرائيلية الرامية إلى إحداث منطقة عازلة على طول الحدود في جنوب لبنان، تشكّل جريمة حرب تتمثّل في التدمير غير المبرّر والممنهج للمساكن المدنية والمدارس والمساجد والكنائس والمزارات والمواقع الأثرية.
بدورها، تحدّثت المفكرة القانونية عن عمليات تفخيخ وتفجير لقرية محيبيب، مشيرة إلى أنّ الصور الجوية أظهرت “تدميرًا كاملًا” في القرية الواقعة على تلّة وإلى تضرّر المنازل والمنشآت المدنية التي تقدّر بحوالي 92 مبنى على الأقل.
وأوضحت المفكّرة أنّه في قوانين الحرب الدولية “يُحظّر مهاجمة المدن أو القرى أو المساكن أو المباني العزلاء التي لا تكون أهدافًا عسكرية”.