اكتشاف معدات قادرة على تعطيل الاتصالات في الأمم المتحدة وحولها
كشفت الخدمة السريّة الأميركية، الثلاثاء، عن أنها عثرت على معدات متطورة غير مشروعة وصادرتها في نيويورك، موضحة أنها كانت قادرة على تعطيل شبكة الهاتف الجوال، بينما غصت المدينة بالمئات من الزعماء والمسؤولين الأجانب المشاركين في الاجتماعات الرفيعة المستوى للدورة السنوية الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأدت الإجراءات الأمنية المشددة إلى اختناقات مرورية في كل أنحاء ضاحية مانهاتن، بوسط نيويورك، ولا سيما في محيط المقر الرئيسي للأمم المتحدة، الذي تحوّل قلعة أمنية حصينة. وزادت الإجراءات الأمنية التي رافقت وصول الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى نيويورك، الوضع تفاقماً.
وبالإضافة إلى العثور على المعدات المتطورة، علمت «الشرق الأوسط» أن موكب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون «علق» في زحمة سير إلى درجة أنه لم يتمكن من الخروج من مقر الأمم المتحدة، مساء الاثنين، عند انتهاء أعمال المؤتمر الدولي رفيع المستوى حول «التسوية السلمية للقضية الفلسطينية وحل الدولتين». وإذ أشار مصدر في الوفد المرافق لماكرون إلى أنه استغل حال «التجميد» التي رافقت وصول الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، إلى مقر الأمم المتحدة ووقف حركة المرور حول مقرها، عادَّاً أنها «فترة استراحة استغلها وأجرى مكالمة هاتفية مع دونالد ترمب». ووصف المحادثة بأنها «ودية ودافئة، وأتاحت فرصة لمناقشة عدد من القضايا الدولية».
شبكة معقدة
وبالنسبة إلى شبكة الاتصالات المجهولة، فإنها تضم أكثر من 100 ألف بطاقة هاتف جوال و300 خادم، يمكن أن تتداخل مع خدمات الاستجابة للطوارئ، ويمكن استخدامها لإجراء اتصالات مشفرة، وفقاً لمسؤول قال إن الشبكة قادرة على إرسال 30 مليون رسالة نصية في الدقيقة، بشكل مجهول. وأضاف أن الخدمة السريّة لم تشهد من قبل مثل هذه العملية المكثفة.
ولكن مسؤولين في الخدمة السريّة الأميركية أكدوا أنه لا توجد معلومات محددة تفيد بأن الشبكة، التي فُككت الآن، شكلت تهديداً لاجتماعات الأمم المتحدة، التي تستقطب نحو 140 من رؤساء الدول والحكومات والمئات من المسؤولين الكبار من كل أنحاء العالم. وقال خبراء إن كمية المعدات المكتشفة تشير إلى أن الشبكة قد تكون جزءاً من عملية مراقبة.
وأفاد مسؤولون بأن التحليل الأولي للبيانات الموجودة على بعض بطاقات الجوال كشف عن وجود صلات بدولة أجنبية واحدة على الأقل، بالإضافة إلى صلات بمجرمين معروفين بالفعل لمسؤولي إنفاذ القانون الأميركيين، وبينهم أعضاء في أحد الكارتيلات.
وقال كبير عملاء مكتب الخدمة السرية الميداني في نيويورك، مات ماكول، في بيان: «سنواصل العمل على تحديد هوية المسؤولين ونياتهم، بما في ذلك ما إذا كانت خطتهم تتمثل في تعطيل الجمعية العامة للأمم المتحدة واتصالات موظفي الحكومة والطوارئ خلال الزيارة الرسمية لقادة العالم في مدينة نيويورك وما حولها».
وعثر المحققون على البطاقات والخوادم في أغسطس (آب) الماضي في مواقع عدة ضمن دائرة قطرها 35 ميلاً من مقر الأمم المتحدة. وجاء هذا الاكتشاف عقب تحقيق استمر لأشهر في شأن «تهديدات هاتفية» مجهولة المصدر وُجّهت إلى ثلاثة مسؤولين حكوميين أميركيين كبار هذا الربيع، أحدهم مسؤول في جهاز الخدمة السرية واثنان آخران يعملان في البيت الأبيض.
ولم تُقدّم تفاصيل حول التهديدات التي وُجّهت إلى المسؤولين الثلاثة، لكن ماكول وصف بعضها بأنها «مكالمات احتيالية». وأضاف أنه «كان لهذه الشبكة القدرة على تعطيل أبراج الهواتف المحمولة، وبالتالي إغلاق الشبكة الخلوية».
وفحص المحققون البيانات الموجودة على بطاقات الجوالات التي كانت جزءاً من الشبكة، بما في ذلك المكالمات والرسائل النصية وسِجِلّ المتصفح. وتوقع ماكول اكتشاف استهداف مسؤولين حكوميين كبار آخرين في العملية.
مسرح الجريمة
ووزَّع جهاز الخدمة السريّة صوراً من مسرح الجريمة تُظهر خوادم مزودة بهوائيات وبطاقات جوالات. وفي بعض الحالات، كانت الخوادم التي تحمل بطاقات هواتف جوالة موضوعة على أرفف ممتدة من الأرض إلى السقف.
وأفاد الرئيس العالمي لقسم الأمن السيبراني في شركة «إف تي آي» للاستشارات الدولية، أنتوني فيرانتي، الذي شغل سابقاً مناصب عليا في مجال الأمن السيبراني في البيت الأبيض ومكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي)، بأن العملية تبدو معقدة ومكلفة. وقال: «أظن أن هذا تجسس». وأضاف أنه بالإضافة إلى تشويش شبكة الهاتف المحمول، يمكن استخدام هذه الكمية الكبيرة من المعدات قرب الأمم المتحدة للتنصت.
وقال الباحث في الأمن السيبراني لدى مركز تحليل السياسات الأوروبية في واشنطن، جيمس لويس، إن قلة من الدول فقط هي القادرة على تنفيذ مثل هذه العملية، بما في ذلك روسيا، والصين وإسرائيل.
بالإضافة إلى جهاز الخدمة السرية، تُجري إدارة شرطة نيويورك، ووزارة العدل، ومباحث الأمن الداخلي، ومكتب مدير الاستخبارات الوطنية تحقيقات في الأمر.
وقال ماكول إن «هذا تحقيق جارٍ، ولكن لا يوجد أي سبب للاعتقاد بأننا لن نعثر على المزيد من هذه الأجهزة في مدن أخرى».
وأفاد مسؤول طلب عدم الكشف عن هويته بأن العملاء عثروا أيضاً على 80 غراماً من الكوكايين وأسلحة نارية غير قانونية وأجهزة كمبيوتر وهواتف جوالة عندما اكتشفوا الشبكة.