اتّهمت حركة “الجهاد الإسلامي” الفلسطينية إسرائيل بالسعي الى “ضمّ الضفة الغربية بالقوة”، بعد إخلائها ثلاثة مخيمات من سكانها ونشر دبابات فيها، وسط تصعيد متواصل يشنه الاحتلال ومستوطنوه.
وأعلن الاحتلال الإسرائيلي الأحد الماضي، أنّه أجبر عشرات آلاف الفلسطينيين على النزوح من ثلاثة مخيمات للاجئين في شمال الضفة الغربية المحتلّة، في إطار عملية عسكرية واسعة ينفّذها منذ شهر.
وقال وزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس إنّه أصدر تعليمات للجنود “للاستعداد لإقامة طويلة في المخيمات التي تم إخلاؤها، لعام من الآن، وعدم السماح بعودة قاطنيها”.
والعدوان الإسرائيلي المستمر منذ أكثر من شهر في شمال الضفة الغربية، يعد من أكثر عمليات الاحتلال عنفًا التي يشهدها الفلسطينيون منذ الانتفاضة الثانية قبل أكثر من 20 عامًا.
وتُشارك في العدوان على الضفة بضعة ألوية من قوات الاحتلال الإسرائيلي مدعومة بطائرات مسيّرة وطائرات هليكوبتر، بالإضافة إلى دبابات ثقيلة للمرة الأولى منذ عام 2002.
ويؤكد الفلسطينيون أنّ النية الحقيقية للاحتلال من تصعيده في الضفة هو التهجير الدائم وواسع النطاق للسكان بتدمير المنازل وجعل بقاءهم في الضفة مستحيلًا.
“ضمّ بالقوة”
واعتبرت حركة الجهاد الإسلامي أنّ عمليات الإخلاء واسعة النطاق ونشر دبابات إسرائيلية في المنطقة لأول مرة منذ مطلع الألفية “تؤكد تخطيط الاحتلال لضمّ الضفة بالقوة”.
وندّدت الحركة بما وصفته بـ”خطوة عدوانية جديدة تهدف إلى اقتلاع شعبنا من أرضه”، متّهمة قوات الاحتلال بمحاولة “ترسيخ الهيمنة العسكرية عبر شقّ محاور استيطانية تعزّز فصل مدن الضفة ومخيماتها”.
وبدأ الاحتلال عمليته العسكرية في مخيمات جنين ونور شمس وطولكرم، بعد يوم واحد فقط من التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، بعد 15 شهرًا من اندلاع العدوان الإسرائيلي.
وهدمت جرافات إسرائيلية مساحات واسعة من مخيم جنين للاجئين، الذي أصبح الآن خاليًا تقريبًا، وتشقّ طرقًا واسعة عبر أزقته، في محاكاة للتكتيكات التي شهدتها غزة خلال الحرب.
وقال بشير مطاحن المتحدث باسم بلدية جنين: “مخيم جنين تكرار لما جرى في جباليا شمال غزة، مئات المنازل هدمت وأخرى محروقة، المخيم أصبح غير صالح للسكن مع استمرار الهجمة الاسرائيلية على المخيم”.
وأضاف أنّ “12 جرافة كانت تعمل على تجريف أحياء كاملة في مخيم جنين”، مشيرًا إلى أنّ فرق الهندسة التابعة للجيش شوهدت وهي تستعد للإقامة لفترة طويلة، بعد أن أحضرت خزّانات مياه ومولدات كهربائية إلى منطقة تبلغ مساحتها نحو فدان.
تكرار لمشهد غزة
وقدّرت الأمم المتحدة عدد النازحين الفلسطينيين من المخيمات الثلاث بـ40 ألفًا، مشيرة الى أنّ العملية أدت إلى استشهاد 51 فلسطينيًا حتى الآن، بينهم سبعة أطفال.
من جهتها، أفادت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في بيان، بأنّ العديد من السكان الذين فرّوا من المخيمات لجأوا إلى “مساجد ومدارس مكتظة”.
وقالت: “يكافح الناس من أجل تلبية احتياجاتهم الأساسية مثل الوصول إلى المياه النظيفة والغذاء والرعاية الطبية والمأوى، ومن أجل العثور على معلومات عن أفراد أسرهم الذين أصبحوا في عداد المفقودين أو اعتُقلوا”.
بدوره، أعرب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) عن قلقه إزاء تداعيات العملية العسكرية التي يشنّها الاحتلال في الضفة الغربية، مشيرًا إلى أنّ “الاستمرار في استخدام تكتيكات حربية فتّاكة في مناطق مأهولة بالسكان أمر مقلق للغاية”.
كما اعتبر نبيل أبو ردينة، المتحدث باسم السلطة الفلسطينية، أنّ العملية العسكرية في شمال الضفة الغربية هي تكرار على ما يبدو للأساليب المستخدمة في غزة، حيث شردت القوات الإسرائيلية آلاف الفلسطينيين بشكل ممنهج خلال عملياتها هناك.
وطالب الإدارة الأميركية بـ”إجبار الاحتلال على وقف العدوان الذي يشنّه على مدن الضفة الغربية فورًا، وتثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة إذا ما أراد تجنيب المنطقة المزيد من التوتر والتصعيد”.
قلق أممي وأوروبي
وبالتزامن مع حرب غزة، يتصاعد منسوب العنف الإسرائيلي في الضفة الغربية والدعوات لضمّها، لا سيما من جانب وزير المال الإسرائيلي اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش.
وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش رفضه “دعوات الضم”، معربًا عن “قلقه البالغ لتصاعد العنف في الضفة الغربية المحتلة من جانب مستوطنين إسرائيليين وغير ذلك من الانتهاكات”.
بدورها، قالت مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس: “نراقب عن كثب التطورات ولا يمكننا أن نخفي قلقنا حيال الوضع في الضفة الغربية”.