بإجماع جمهوري وتأييد ديمقراطي، أقر مجلس النواب الأميركي قانونًا يفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية احتجاجًا على إصدارها مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير أمنه المُقال يوآف غالانت.
وجاء التصويت بأغلبية 243 صوتًا مقابل 140 لصالح “قانون مكافحة المحكمة غير الشرعية” الذي من شأنه فرض عقوبات على أي أجنبي يحقق مع مواطنين أميركيين أو مواطنين من دول حليفة، بما في ذلك إسرائيل، من غير الأعضاء في المحكمة أو يعتقلهم أو يحتجزهم أو يحاكمهم.
وينتظر القانون توقيع الرئيس المنتخب دونالد ترمب فور توليه مسؤولياته ليصبح ساري المفعول.
ويشمل القانون منع تأشيرات وفرض عقوبات على المسؤولين المعنيين وأي شخص أجنبي يحقق أو يعتقل مواطنين أميركيين أو من دول حليفة مثل إسرائيل.
وقد أثار الموقف الأميركي جدلًا بشأن تأثير العقوبات على شرعية المحكمة الجنائية الدولية. ويرى منتقدو العقوبات أن هذه الخطوة قد تضعف من قدرة المحكمة على محاكمة جرائم الحرب بشكل فعال في حال طالت حلفاء واشنطن.
وفي أول اختبار حقيقي للالتزام الدولي بقرارات المحكمة، أعلنت الحكومة البولندية أنها تسهل وصول المسؤولين الإسرائيليين لحضور مراسم ذكرى تحرير معسكر أوشفيتز النازي في 27 يناير/ كانون الثاني الجاري.
أهداف المحكمة الجنائية
وفي هذا السياق، يرى عضو الحزب الجمهوري جورج لاندريث أن المحكمة الجنائية الدولية أُرسيت لملاحقة الجرائم الأكثر فظاعة ومنها جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب.
وقال في حديث إلى التلفزيون العربي من واشنطن: “أعتقد أن غالبية الأشخاص يريدون أن يروا عددًا أقل من هذه الجرائم، لكن المشكلة في المحكمة الجنائية الدولية هي أن أهدافها المعلنة معقولة جدًا لكن تحقيق هذه الأهداف إشكالي للغاية”.
كما يعتبر عضو الحزب الجمهوري أن هناك مشاغل حقيقة حول مدى فعالية المحكمة الدولية ومدى عدلها.
العدوان على غزة يعارض القانون الدولي
ومن جهته، يرى أستاذ القانون الدولي في جامعة لندن مازن المصري أن هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 الذي نفذّته الفصائل الفلسطينية لا يبرّر الجرائم التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في قطاع غزة والتي ترقى إلى الإبادة الجماعية.
ويؤكد أن “القانون الدولي موجود لمنع هذه الأمور ولتنظيم كيفية إجراء الحرب”، ويقول في حديث إلى التلفزيون العربي من لندن: “إن الادعاء هنا أنه في حال وجود سبب للحرب تستطيع إسرائيل أن تفعل ما تريد”، مشددًا على أن هذا عكس ما يفرضه القانون الدولي وهو أن للحرب قوانين يجب الالتزام بها”،
ويؤكد أن ما يحصل في قطاع غزة هو ضد القانون الدولي ويمثل إبادة جماعية وفق ما أفادت محكمة العدل الدولية.
المصري يشير إلى أن المحكمة الجنائية الدولية أصدرت قرارات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت، لكنّها أصدرت قرارات اعتقال بحق ثلاثة أشخاص فلسطينيين أيضًا.
“فخ سياسي”
وفي قراءة لموقف بولندا، يوضح أستاذ العلوم السياسية بجامعة فبتسولا في وارسو فافشينتس كونراسكي أن المحكمة الجنائية الدولية بدأت عملها منذ أكثر من 23 عامًا كجهاز مستقل للبت القانوني في ما يتعلق بالإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية.
واعتبر في حديث إلى التلفزيون العربي من وارسو أن ما يحصل في غزة ولبنان لا يجب أن يُقبل به من قبل أي أمّة متحضرة.
ولفت إلى أن الرأي العام في بولندا منقسم جدًا، “فالحكومة تريد الحفاظ على علاقة جيدة مع إسرائيل، لكن دوائر الرأي العام تعارض القرار الذي يمنح الأمان لنتنياهو إذا ما قرر زيارة بولندا”، حسب قول كونراسكي.
كونراسكي يرى أن المشكلة نشأت بشكل وصفه بـ”الاصطناعي” لأن الرئيس البولندي “وضع حكومة بلاده في فخ في ظل واقع سيء من التعايش السياسي”.
واعتبر أن قرار الحكومة البولندية “يتجاهل الشرعية الدولية” وموقع المحكمة الجنائية الدولية.