تتجه الأنظار إلى اجتماع الكابنيت السياسي والأمني الثلاثاء للتصديق على اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، بعدما سادت أجواء تفاؤلية في هذا الملف خلال الساعات الماضية.
وأكد سفير تل أبيب لدى الأمم المتحدة داني دانون الإثنين أن إسرائيل قريبة جدًا من التوصل إلى اتفاق مع لبنان بشروط أبرزها انسحاب حزب الله إلى شمال نهر الليطاني.
ووفقًا لوسائل إعلام إسرائيلية وأميركية، وافق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مبدئيًا على الاتفاق مؤكدًا أن إسرائيل لا تزال لديها تحفظات على بعض التفاصيل على أن يتم نقلها إلى الحكومة اللبنانية.
وقد صاحبت الأنباء عن قرب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، تقارير إسرائيلية تحدثت عن ضمانات من واشنطن تؤكد التزام وتعهد الولايات المتحدة بمواصلة دعم تل أبيب وتمنحها الحق الكامل في التحرك ضد ما وصفته بالتهديدات الفورية من حزب الله في جنوب لبنان.
أما الراعي الأميركي، فعبّر عنه بيان للبيت الأبيض جاء فيه أن الرئيس جو بايدن ملتزم بالتوصل إلى وقف لإطلاق النار في لبنان وأن الاتصالات مستمرة.
كذلك برزت أصداء التوصل إلى اتفاق في بيروت، حيث نقلت وكالة رويترز عن مسؤولين لبنانيين وأميركيين تأكيدهم أن واشنطن أبلغت مسؤولين لبنانيين بأن وقف إطلاق النار مع إسرائيل قد يعلن في غضون ساعات.
تفاؤل لبناني حذر
إلى ذلك، عبّر نائب رئيس البرلمان اللبناني إلياس بو صعب عن تفاؤل لبناني حذر، مؤكدًا أن لا توجد عقبات جدية أمام بدء هدنة مع إسرائيل.
وأشار إلى أن الضغط الميداني الحاصل حاليًا هو سبب الاقتراب من حسم مسألة وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل.
كما أكّد المسؤول اللبناني أن الهدنة المرتقبة تتضمن انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان وانتشار الجيش اللبناني خلال ستين يومًا برعاية لجنة من خمس دول ترأسها واشنطن.
“فترة اختبار”
وفي هذا السياق، يشير الكاتب الصحفي أمين قمورية إلى أن لبنان كان متجاوبًا منذ البداية مع أي إعلان لوقف إطلاق النار والتطبيق الكامل للقرار 1701، لافتًا إلى أن التحفظ اللبناني الوحيد كان على حق إسرائيل في التدخل في لبنان في حال رصد إعداد شيء ما ضدها، مؤكدًّا أن المس في السيادة اللبنانية أمر مرفوض.
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من بيروت، يؤكد قمورية أن “التسريبات تشير إلى أن مسودة الاتفاق لا تذكر ما يشير إلى حق تدخل إسرائيل برًا وجوًا وبحرًا”.
ويلفت إلى أن “أميركا تضمن منع إسرائيل من شن أي هجمات استباقية على لبنان”، موضحًا أن الاتفاق ينص على فترة اختبار لمدة 60 يومًا قبل الانسحاب الإسرائيلي الكامل من لبنان.
ويشرح أن ذلك يضمن أيضًا انسحاب قوات حزب الله من جنوب الليطاني إلى شماله وفق ما ينص عليه القرار 1701، لافتًا إلى أن اللجنة الدولية برئاسة جنرال أميركي ستتولى مراقبة تطبيق الاتفاق.
لكن قمورية يشير إلى نقطة ربما لا تزال عالقة تتعلق بنقطة “بي1” الحدودية التي لا تزال موضع نزاع، لافتًا إلى أن الخط الأزرق ليس خط الحدود بل خط رسمته القوات الدولية للفصل بين لبنان ودولة الاحتلال.
نتنياهو يسوّق لاتفاق وقف إطلاق النار
ومن جهته، يشير الباحث المتخصص في الشأن الإسرائيلي جاكي خوري إلى أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو عادة ما يحاول جس النبض في داخل إسرائيل وبناء عليه يطوّر موقفه، لافتًا إلى تهيئة الداخل الإسرائيلي بشأن تمرير الاتفاق.
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من الناصرة، ذكر خوري أن السلطات المحلية في إسرائيل تعارض هذا الاتفاق وتؤيد استمرار العملية العسكرية ضد حزب الله.
ويلفت إلى أن نتنياهو سيحاول التسويق لهذا الاتفاق من خلال أمرين وهما إبراز إنجازاته العسكرية والتي تتمثل بسلسلة الاغتيالات لقادة حزب الله وتدمير منشآته حتى اللحظة الأخيرة، بالإضافة إلى أن هذا الاتفاق سيتيح الهدوء على الحدود الشمالية لسنوات.
كما سيقول نتنياهو إنه سينهي الحرب على لبنان لكي يتفرغ لقطاع غزة على الصعيد السياسي والاستيطاني، بحسب خوري، الذي يعتبر أن إسرائيل ستصور للرأي العام أنها نجحت في فصل الساحات عبر التوصل لوقف إطلاق النار في لبنان بمعزل عن غزة.
نقاط خلافية وشكوك “مبرّرة”
من جانبه، يبدي الأستاذ المساعد في جامعة جورج تاون الأميركية جورجيو كافيرو حذرًا بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، ويقول في حديث إلى التلفزيون العربي من واشنطن: “عندما أرى تطبيقًا لوقف إطلاق النار لمدة 60 يومًا سأؤمن أن الاتفاق تحقق”.
ويلفت إلى وجود نقاط خلافية متعددة وأكثرها جدية مسألة حق إسرائيل في الاستمرار بشن هجمات على لبنان متى تريد.
لكنّه يعتبر أن “الأمر ليس محسومًا حتى الآن”، مشيرًا إلى “قلق لبناني بشأن إمكانية الثقة بالولايات المتحدة وبأنها ستؤدي مهمتها بطريقة فعالة”.
واعتبر أن “الشكوك في دوافع واشنطن ونواياها مبرّرة”، مؤكدًا أنه يجهل تفاصيل “الضمانات التي قد تقدمها الولايات المتحدة لإسرائيل”.
كما يلفت إلى أن الولايات المتحدة ستواصل دعمها لإسرائيل في ظل إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب.