قالت وكالة الأنباء السورية “سانا” إن الإدارة السورية الجديدة في البلاد، بقيادة أحمد الشرع، بدأت حملة أمنية في منطقة الساحل لفرض الأمن وملاحقة فلول نظام بشار الأسد، المتهمين بتنفيذ هجمات بهدف إثارة الفوضى.
وقالت الوكالة إن إدارة العمليات العسكرية بالتعاون مع وزارة الداخلية أطلقت عملية لضبط الأمن والاستقرار والسلم الأهلي، وملاحقة فلول ميليشيات الأسد في الأحراش والتلال في عدة محافظات في البلاد من حمص إلى محافظة طرطوس،
يأتي ذلك بعد خروج مظاهرات أمس الأربعاء تخللتها هتافات طائفية وأعمال شغب، في ريف طرطوس وفي بعض أحياء حمص، إثر تداول مقطع فيديو قديم لحرق مقام ديني في مدينة حلب.
وتزامنت هذه الأحداث مع هجمات مسلحة ضد قوات الأمن في طرطوس وريف حمص، خلّفت قلتى وجرحى، وحمّلت الإدارة السورية الجديدة من سمّتهم بعناصر النظام السابق مسؤولية تلك الأحداث.
حملة أمنية لملاحقة فلول النظام المخلوع في الساحل السوري – غيتي
وقالت وزارة الداخلية في حكومة تصريف الأعمال إنها ستضرب بيد من حديد كل من تسوّل له نفسه العبث بأمن سوريا وحياة أبنائها، وأعلنت فرض حظر للتجوال في محافظات سورية وبعض مناطق ريف دمشق.
وسبقت هذه التطورات الأمنية تصريحات لحكومة تصريف الأعمال السورية حذرت فيها دولة إقليمية من بثّ الفوضى في سوريا، ودعتها إلى احترام إرادة الشعب السوري وسيادة البلاد وسلامتها.
كما دعت السوريين إلى التماسك وعدم الانجرار خلف دعوات التخريب والتحريض، متعهدة بالعمل على حفظ السلم الأهلي في البلاد التي تترقب إطلاق عملية سياسية انتقالية.
فما هي طبيعة الأحداث الأمنية وتداعياتها؟ وما مدى قدرة الإدارة السورية الجديدة على احتوائها والتصدي للتحديات التي تواجهها في فرض الأمن في البلاد؟
أصابع خارجية وشعارات طائفية
يرى عميد كلية العلوم السياسية في جامعة الشمال كمال عبدو، أن هناك ضباطًا من نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد لم تسلّم سلاحها، وعناصر مما تُسمى بالشبيحة لم يقوموا بتسوية أمورهم ضمن التسويات التي تقوم بها الإدارة السورية الجديدة.
ويقول في حديثه إلى التلفزيون العربي من إدلب، إن هؤلاء يقفون وراء أحداث “طائفية” شهدتها البلاد أمس في توقيت واحد، بما يوحي أن ثمة ساعة صفر حُددت لهم مسبقًا للقيام بهذه الأحداث.
ويوضح أن الأحداث سبقتها تصريحات صدرت عن قادة في الحرس الثوري ومن مرشد الجمهورية الإيرانية علي خامنئي ووزير خارجيته تعبّر عن عدم ارتياحهم من الإطاحة ببشار الأسد، وتتوقع تغيير الوضع الحالي.
ويقول إن شعارات طائفية أُطلقت أمس لم يتعوّد عليها السوريون، بمن فيهم أبناء الطائفة العلوية، تؤكد وجود عناصر إيرانية أو تأتمر بإمرتها في إحداث الفوضى في البلاد.
“تضخيم للأحداث”
من جهته، يعتبر الكاتب السوري يعرب العيسى أن هناك تضخيمًا للأحداث التي وقعت، وأنه من المبكر الحديث عن أصابع إيرانية وراءها.
ويرى في مقابلة مع التلفزيون العربي من دمشق، أن الأحداث غير مخطط لها على الأغلب، وربما كانت تعبيرًا انفعاليًا عن القلق لدى فئات من الشعب السوري، متضررة من التغييرات السياسية الأخيرة.
ويقول العيسى إنه تم تطويق الأحداث بسرعة، بالتزامن مع تعالي أصوات متعقلة دفعت كثيرين ممن شاركوا فيها إلى التراجع، مؤكدًا رفضه إطلاق شعارات طائفية ترددت في بعض المحافظات السورية.
الحملة الأمنية تأتي في أعقاب هجمات مسلحة قام بها مؤيدون للنظام المخلوع-غيتي
“تحديات وصعوبات في المراحل الانتقالية”
أما مدير وحدة الدراسات السياسية في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات مروان قبلان، فيؤكد أن المراحل الانتقالية في العالم كله تكتنفها تحديات وصعوبات وقلاقل، وأن علاج ذلك يكون بتغليب الحكمة في التعامل معها.
ويقول قبلان للتلفزيون العربي من الدوحة، إن على أبناء الطائفة العلوية ألا يسمحوا لفئة منهم ارتكبت الجرائم بحق الشعب السوري في حقبة الرئيس المخلوع باختطاف الطائفة ودفع البلاد نحو الأسوأ.
ويلفت قبلان إلى أن سوريا ليست مهددة في وحدتها الترابية وحسب بل الوطنية أيضًا، وعلى أبناء الطائفة العلوية التي دفع بعضهم ثمنًا كبيرًا لمعارضته النظام السابق، عدم السماح لمجرمي النظام المخلوع بجر البلاد إلى ما لا تحمد عقباه.
ويشدد قبلان على أن جميع مكونات الشعب السوري شركاء في المصير الواحد، ومن مصلحتهم إنجاح المرحلة الانتقالية التي تمر بها البلاد.