يحمل التقدّم المستمر في عالم الطب، أملًا جديدًا للمرضى مع كل اختراق. وعلى مدى العقد المقبل، من المتوقع أن تبرز مجموعة من الأدوية بسبب تأثيرها، الذي يُغيّر حياة ملايين المرضى، ويُقدّم حلولًا جديدة غير مسبوقة.
وسواء كانت معالجة الأمراض المزمنة أو تقديم علاجات لحالات كانت تُعتبر غير قابلة للعلاج، فإن هذه الأدوية تُمهّد الطريق لمستقبل أكثر صحة.
فهي لا تعد بتحسين النتائج الصحية فحسب، بل بنوعية حياة أفضل لعدد لا يحصى من الأشخاص في جميع أنحاء العالم.
وعرض موقع “ليست فيرس”، أسماء أدوية سيتردّد اسمها كثيرًا خلال الفترة المقبلة مع إحداثها ثورة في الرعاية الصحية حول العالم.
1- “هارفوني”.. ثورة في علاج التهاب الكبد الوبائي “سي”
دواء “Harvoni”، هو دواء مبتكر يجمع بين الليديباسفير والسوفوسبوفير، حيث يعمل هذا الثنائي الديناميكي عن طريق منع البروتينات التي يحتاجها فيروس التهاب الكبد C للنمو.
ويتراوح معدل الشفاء جراء استخدام هذا الدواء، بين 94% و99%، ما يُحوّل ما كان في السابق معركة مدى الحياة إلى علاج قصير المدى يمكن التحكم فيه.
ويمكن تناول الدواء مرة واحدة يوميًا لمدة شهرين إلى ستة أشهر، وهو ما يُغيّر قواعد اللعبة، خاصة بالنسبة لأولئك الذين يتعاملون مع النمط الجيني 1، وهو السلالة الأكثر شيوعًا في الولايات المتحدة.
إنّ الموافقة على استخدام الدواء لدى الأطفال والبالغين، وأولئك الذين يعانون من حالات معقدة تنطوي على فيروس نقص المناعة البشرية أو عمليات زرع الكبد، تجعلها أداة متعددة الاستخدامات في علاج مكافحة التهاب الكبد “سي”.
ومع ذلك، فإن هذا العلاج الرائد ليس رخيصًا، إذ يبلغ سعره حوالي 1100 دولار للحبة الواحدة. ومع ذلك، فإن فرصة العيش من دون التهاب الكبد C لا تقدر بثمن بالنسبة لكثيرين، ما يجعل هارفوني ثورة حقيقية في العلاج المضاد للفيروسات.
2- “إيموفيغ”.. اختراق لتخفيف الصداع النصفي
يُقدّم “إيموفيغ” نهجًا جديدًا في علاج الصداع النصفي. وينتمي هذا الدواء المعتمد من إدارة الغذاء والدواء إلى فئة تُعرف باسم الأجسام المضادة وحيدة النسيلة “CGRP”، والتي تستهدف الببتيد المرتبط بجين الكالسيتونين، وهو بروتين مرتبط بألم الصداع النصفي. ومن خلال حجب “CGRP”، يهدف “Aimovig” إلى منع الصداع النصفي قبل أن يبدأ.
ما يجعل “Aimovig” فريدًا من نوعه هو تركيزه على الوقاية من الصداع النصفي، على عكس العلاجات القديمة المصمّمة أصلًا لحالات أخرى. وأبلغ المرضى عن انخفاض كبير في تكرار الصداع النصفي خلال الشهر.
وهذا يعني تحسنًا ملحوظًا في الحياة اليومية للعديد من الذين يُعانون من الصداع النصفي المزمن. وبفضل آليته المستهدفة، يوفّر “Aimovig” الأمل ونوعية حياة أفضل للملايين المتضررين من هذه الحالة المرضية.
3- “إفريسدي”.. تحويل رعاية ضمور العضلات الشوكي
يُقدّم دواء “Evrysdi” أو “risdiplam”، أملًا جديدًا لأولئك الذين يعانون من ضمور العضلات الشوكي (SMA). ويعمل هذا الدواء الذي يتمّ تناوله عن طريق الفم، على تعزيز إنتاج بروتين “SMN” الضروري لبقاء الخلايا العصبية الحركية.
وعلى عكس العلاجات السابقة التي تتطلّب الحقن، يُمكن تناول دواء “إفريسدي” في المنزل، ما يجعله أكثر ملاءمة للمرضى من جميع الأعمار.
وأظهرت التجارب السريرية نتائج واعدة لدى المرضى من مختلف الفئات العمرية.
وبموافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية، يُمثّل عقار “Evrysdi” خطوة هامة في مجال الطب الجيني. وهو يُسلّط الضوء على التحرّك نحو علاجات أكثر سهولة وفعالية للاضطرابات الوراثية النادرة، ما يُوفّر نوعية حياة أفضل لمرضى ضمور العضلات الشوكي.
4- “هيمجينيكس”.. طفرة في علاج الهيموفيليا ب
يُحدث دواء “Hemgenix” ثورة في علاج الهيموفيليا B. ويُقدّم هذا العلاج الجيني الذي تمت الموافقة عليه من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية عام 2022، نسخة وظيفية من الجين “F9” إلى خلايا الكبد، ما يسمح للمرضى بإنتاج عامل التخثر التاسع.
وفي التجارب السريرية، أدى “Hemgenix” إلى زيادة مستويات عامل التخثّر التاسع وخفض نوبات النزيف بنسبة 64%.
وأبلغ المرضى الذين عُولجوا باستخدام “Hemgenix”، عن انخفاض عدد حوادث النزيف وتحسين نوعية الحياة. ويُقلّل هذا التسريب لمرة واحدة من الحاجة إلى علاجات منتظمة، ما يُوفّر تحولًا كبيرًا في علاج الهيموفيليا B.
ويُبشّر هذا العلاج بتغيير الرعاية لمرضى الهيموفيليا ب، ما قد يؤدي إلى تقليل المضاعفات.
5- “دوبيكسنت” (دوبيلوماب).. علاج مستقبلي محتمل للجُدرة
أثبت “دوبيكسنت” “Dupixent” ((Dupilumab، وهو جسم مضاد وحيد النسيلة يُعرف باسم “دوبيلوماب”، قدرته في منع تكوين الجدرة وتخفيف الأعراض المرتبطة بها.
وغالبًا ما يصعب علاج الندبات الجدرة الناتجة عن عمليات الشفاء غير الطبيعية، بشكل فعّال. و في كثير من الأحيان، تُقدّم العلاجات التقليدية مثل حقن الكورتيكوستيرويد راحة محدودة. وقد أظهرت الدراسات أنّ “دوبيلوماب” يُمكن أن يُقلّل الالتهاب ويمنع ظهور الجدرات الجديدة لدى المرضى الذين يُعانون من أمراض جلدية متكرّرة، ما يُشير إلى أنّه يُعدّ بمثابة نهج علاجي جديد.
وفشلت العلاجات السابقة، ولكن مع “دوبيلوماب” أظهرت التجارب استقرار الجدرات، وتضاءُل الأعراض مثل الألم والحكّة، ما يطرح إمكانية استخدام الدواء في الوقاية من الجدرة وعلاجها.
في حين أنّ هذه النتائج الأولية واعدة، إلا أنّ هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث لاعتماد “دوبيلوماب” علاجًا نهائيًا للجُدرات، ما يُوفّر الأمل للمرضى الذين يبحثون عن الراحة من هذه الحالة الصعبة.
6- “تريكافتا”.. فجر جديد للتليف الكيسي
مثّل طرح “تريكافتا” (Trikafta) عام 2019، إنجازًا كبيرًا للأفراد المصابين بالتليّف الكيسي (CF)، ما أدى إلى تغيير حياتهم التي كانت مُقيّدة في السابق بسبب المرض.
و”تريكافتا” هو دواء مركّب ثلاثي، يستهدف بروتين توصيل غشاء التليّف الكيسي المُعيب (CFTR)، ما يُحسّن وظيفة الرئة عن طريق تخفيف المخاط وتطهيره.
غالبًا ما يُعاني المرضى من زيادة في إزالة المخاط، ما يجعل التنفّس أسهل ويُعزّز أنشطة الحياة اليومية. وعلى الرغم من أنّ الدراسات طويلة المدى مستمرة، إلا أنّ النتائج الأولية تُشير إلى أنّ “تريكافتا” يُمكن أن يُطيل متوسط العمر المتوقّع، ويُحسّن بشكل كبير نوعية الحياة للعديد من مرضى التليف الكيسي.
وفي حين أنّ “تريكافتا” ليس علاجًا وقد لا يكون فعّالًا لجميع مرضى التليف الكيسي، إلا أنّ قدرته على تغيير حياة العديد من المرضى لا يُمكن إنكارها.
وتستمر الأبحاث الجارية في استكشاف الإمكانات الكاملة للدواء، ما يعد بتحسينات أكبر في علاج التليف الكيسي.
7- “ليكانيماب”.. حدود جديدة في علاج مرض الزهايمر
يُمثّل عقار “ليكانيماب” (Lecanemab) تقدمًا واعدًا في علاج مرض الزهايمر. ويستهدف هذا الجسم المضاد وحيد النسيلة لويحات الأميلويد في الدماغ، والتي ترتبط بالتدهور المعرفي.
وفي البداية، حصل عقار “ليكانيماب” على موافقة سريعة للاستخدام في يناير/ كانون الثاني 2023، بناءً على قدرته على تقليل لويحات الأميلويد، كما حصل على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية الكاملة في يوليو/ تموز 2023 بعد أن أكدت المزيد من البيانات السريرية فائدته السريرية.
وفي التجارب، أظهر عقار “ليكانيماب” تأثيرات متواضعة، ولكنّها مهمة في إبطاء تقدم التدهور المعرفي، ما يُوفّر خيارًا جديدًا للمرضى وعائلاتهم.
من خلال إعطائه عن طريق الوريد كل أسبوعين، يُقدّم عقار “Lecanemab” نهجًا ثابتًا لإدارة مرض الزهايمر. وعلى الرغم من أنّه ليس علاجًا، إلا أنّه يُساعد على تأخير تطوّر المرض، ما يسمح للمرضى بالحفاظ على استقلاليتهم لفترة أطول.
وينظر مرضى الزهايمر إلى دواء “ليكانيماب” باعتباره خطوة حاسمة إلى الأمام، حيث تهدف الأبحاث المستمرة إلى التحقّق من فوائده وتوسيع نطاقها.
مع استمرار الأبحاث، يُمكن أن يُصبح عقار “ليكانيماب” حجر الزاوية في رعاية مرضى الزهايمر، ما يُوفّر الأمل الذي تشتدّ الحاجة إليه للمرضى وعائلاتهم.
8- “سكيمبلكس”.. تغيير قواعد علاج سرطان الدم النخاعي المزمن
برز عقار ” سكيمبلكس” (Scemblix) كتقدم كبير في علاج سرطان الدم النخاعي المزمن (CML). وتمّت الموافقة على هذا الدواء الجديد من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) عام 2021، وهو يستهدف بروتين “BCR-ABL1″، وهو المُحرّك الرئيسي لمرض سرطان الدم النخاعي المزمن.
وأظهرت البيانات الحديثة من المرحلة الثالثة من دراسة “ASC4FIRST”، والتي تمّ تقديمها في الاجتماع السنوي للجمعية الأميركية لعلم الأورام السريرية (ASCO) لعام 2024 ومؤتمر الجمعية الأوروبية لأمراض الدم (EHA)، فعالية “Scemblix” الفائقة مقارنة بمثبّطات “كيناز التيروسين” الأخرى (TKIs) في سرطان الدم النخاعي المزمن الذي تمّ تشخيصه حديثًا.
وبفضل قدرته على تقديم نتائج أفضل وتحسين القدرة على التحمّل، يضع “Scemblix” معيارًا جديدًا في رعاية سرطان الدم، ما يُوفّر الأمل ونوعية حياة أعلى للمصابين بسرطان الدم النخاعي المزمن.
9- كيترودا.. تمديد البقاء على قيد الحياة لدى مرضى سرطان الكلى
يُشقّ عقار “Ketruda” (Pembrolizumab) طريقه كعلاج مساعد لسرطان الكلى، وخاصة سرطان الخلايا الكلوية الصافية (RCC).
ويعمل هذا العلاج المناعي الذي تمت الموافقة عليه من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) عام 2021، من خلال استهداف بروتين PD-1، ما يُعزّز قدرة الجهاز المناعي على مهاجمة الخلايا السرطانية.
وكشفت تجارب طبية أنّ المرضى الذين عُولجوا بالـ”بيمبروليزوماب” بعد الجراحة، انخفض لديهم خطر الوفاة بنسبة 40% تقريبًا مقارنة بالعلاج الوهمي.
وبعد أربع سنوات من العلاج، بقي 91% من المرضى الذين تناولوا “بيمبروليزوماب” على قيد الحياة، مقارنة بـ 86% في مجموعة الدواء الوهمي.
وتُعتبر هذه النتائج رائدة، وهي المرة الأولى التي يُظهر فيها العلاج المساعد لسرطان الكلى تحسنًا في معدل البقاء على قيد الحياة بشكل عام.
وعلى الرغم من الآثار الجانبية المحتملة مثل التعب والطفح الجلدي، فإن “بيمبروليزوماب” يُقدّم أملًا جديدًا للمرضى المعرّضين لخطر عودة المرض. ويشعر أطباء الأورام بالتفاؤل بشأن إمكانية أن يصبح علاجًا قياسيًا بعد الجراحة، ما يُؤدي إلى تحسين الرعاية والنتائج بشكل كبير لمرضى سرطان الكلى في المراحل المبكرة.
10- “زولجنسما”.. معجزة طبية للعلاج الجيني لضمور العضلات الشوكي
أحدث علاج “Zolgensma” الجيني الرائد ثورة في علاج ضمور العضلات الشوكي (SMA)، وهو اضطراب وراثي حاد يؤثر على قوة العضلات وحركتها.
ويعمل “Zolgensma” الذي تمّت الموافقة عليه من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية عام 2019، من خلال تقديم نسخة وظيفية من جين “SMN1” لاستبدال الجين المفقود أو المُعيب لدى مرضى ضمور العضلات الشوكي (SMA).
وتمّ تصميم هذا الدواء الوريدي لمرة واحدة للأطفال دون سن الثانية، وقد أظهر فعالية ملحوظة في التجارب السريرية، ما أدى إلى تحسين الوظائف الحركية بشكل كبير وإطالة متوسط العمر المتوقّع.
إنّ تأثير “Zolgensma” على حياة المرضى عميق. وحقّق الأطفال الذين تلقوا هذا العلاج مراحل نمو كان يُعتقد في السابق أنّها مستحيلة بالنسبة لمرضى ضمور العضلات الشوكي، مثل الجلوس والزحف وحتى المشي.
على الرغم من تكلفته العالية، يوفر “Zolgensma” الأمل لعائلات مرضى ضمور العضلات الشوكي. ومع استمرار الأبحاث الجارية لتقييم فوائده وسلامته على المدى الطويل، يبرز الدواء كدليل على التقدّم في الطب الجيني، ما يُوفّر فرصة جديدة للحياة للعديد من المرضى الشباب.