يظهر العنوان الأبرز بعد معظم التغييرات السياسية التي تحدث عن طريق حراك شعبي واسع هو الحرية: حرية الرأي، وحرية الطرح، وحرية التفكير، وحرية النقاش، والحرية بشكل عام.
وهذا، ما افتقده السوريون على مدار عقود من حكم عائلة الأسد. فالشعب السوري متعطش لممارسة حق التعبير بعد عقود من القمع والحرمان.
“لباس المرأة السورية”
وبعض المواضيع المطروحة للنقاش بين السوريين في الواقع وعبر منصات التواصل الاجتماعي، جديرة بالاهتمام، وتلامس واقع المواطنين، وبعضها لا تعتبر أولوية بالنسبة للبعض.
ففي الوقت الذي تشهد فيه سوريا مرحلة ترتيب البيت الداخلي، وإعادة تنظيم الشؤون المدنية والخدمية، إلى حين إجراء انتخابات واختيار من يمثل الشعب، تبرز عناوين جدلية من حين إلى آخر، تحركها ربما مبادرات جماعية أو فردية، عن قصد أو بغير قصد، وتتصدر منصات التواصل الاجتماعي، وتصبح محل نقاش.
وآخر هذه المواضيع “لباس المرأة السورية”، فقبل أيام فقط انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي، صور ملصقات على أبواب وجدران البيوت والأسواق التجارية، بعنوان “حجاب المرأة المسلمة”، وتتضمن شروط الحجاب الشرعي.
شروط “لباس المرأة الحرة”
وعلّقت المنشورات وانتشرت عن طريق حملات دعوية غير رسمية، لم تتبنها السلطة الجديدة، لكنها لاقت صدى واسعًا في مدينة دمشق، على وجه الخصوص، واستدعت آخرين للقيام بحملة مضادة.
ففي الأيام التالية شوهدت منشورات أخرى بعنوان “لباس المرأة الحرة”، ويتضمن شروط لباس المرأة الحرة، بحسب ما كتب على الملصق. وخلاصة هذا المنشور، أن المرأة حرة في ارتداء ما تريد، إن كانت ترتدي الحجاب أو لا ترتديه، أثارت المنشورات والمنشورات المضادة جدلًا كبيرًا.
وانقسمت منصات التواصل الاجتماعي بين مؤيد لمنشورات “لباس المرأة الحرة” وبين معارض لها مؤيد لمنشورات “حجاب المرأة المسلمة”.
بينما رفض آخرون التدخل في اختيارات المرأة وحدود حريتها فيما تختار. وهناك من يرون بأن البلاد في حاجة لنقاش ما هو أهم من المواضيع الشكلية، وحل مشكلات رئيسية تلامس واقع المرأة السورية.
“إلهاء عن الحقوق الأساسية”
فقد قالت الممثلة السورية علياء سعيد: “غريب جدًا طرح هذا النوع من التدخل الجارح والقاسي في حرية المرأة بأحد أبسط حقوقها، وهو اختيار لباسها، فهو شيء شخصي للغاية، ولا يحق لأي أحد كائنًا من كان التدخل به، أنا أنظر للموضوع محاولة لتحجيمها وإلهائها بحقوقها البديهية، حتى تفكر أنها أمام حرب لتأخذ أبسط حقوقها، والنتيجة أن لا تفكر في المطالبة بحقها الطبيعي بالمواطنة بدولة قانون تحميها”.
أمّا رويدا كنعان فقد قالت: “الحرية ليست مرتبطة باللباس بحد ذاته، بل بقدرتك على اختيار ما ترغبين فيه بحرية دون ضغوط أو قيود. حقوق النساء ترتبط بشكل أساسي بحقوقهن في المساواة، الاستقلال الاقتصادي، حرية اتخاذ القرار، المشاركة السياسية والاقتصادية، وحمايتهن من العنف والتمييز”.
وكتبت المدونة شيماء مسلم: “شخصيًا لم تزعجني مطلقًا منشورات (لباس المرأة الحرة). فليعرض كل بضاعته الفكرية والبضاعة تتحدث عن نفسها. ببساطة وما عندي مشكلة أبدًا لو أراد أحد ما في الشارع أن يسألني “ليش اخترتي هاللبس” سأقف وأشرح وأستغل الفرصة لطرح أفكاري. يجب أن تسعدنا المبارزات الفكرية لا أن تزعجنا”.
في حين قالت ريم عبد الحق: “أنا أدعم كل واحد أن يلبس بالطريقة التي تريحه ويحبها، ومن لا يعجبه الأمر فعليه أن يغض البصر”.