واصلت إسرائيل عمليتها العسكرية الواسعة في جنين ومخيمها لليوم الثاني على التوالي ما أسفر عن استشهاد 10 أشخاص وإصابة أكثر من 40.
وحاصرت قوات الاحتلال مخيم جنين مانعة سيارات الإسعاف من دخوله لنقل المرضى والمصابين.
ومساء، حاصر الجيش الإسرائيلي منزلًا فلسطينيًا في بلدة برقة غرب مدينة جنين، وقصفه بقذائف من نوع “إنيرغا”.
وفي المواقف، اعتبر وزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن عملية “السور الحديدي” ستشكل تغييرًا في مفهوم الأمن لدى الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية.
في المقابل، قال قائد سرايا القدس في الضفة الغربية إن مقاتلي السرايا يواصلون إيقاع قوات الاحتلال الإسرائيلي وآلياته في الكمائن منذ بدء المعركة في جنين.
أما المقررة الأممية فرانشيسكا ألبانيز فأكدت للتلفزيون العربي أن وجود إسرائيل في الضفة الغربية وقطاع غزة غير قانوني.
وعبرت وزارة الخارجية الفرنسية عن قلقها البالغ إزاء أحدث عملية إسرائيلية في جنين، داعية إسرائيل إلى “ضبط النفس”.
“حاجة سياسية”
وفي هذا الإطار، رأى بلال الشوبكي رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة الخليل، أن “المسوغات التي تقدمها إسرائيل لعملية الضفة هي مجرد مبررات، ولا سيما أن هناك قاعدة في الوسط الإسرائيلي ترى أن هناك حاجة سياسية لمثل هذه العملية في جنين وتوسيعها بالضفة”.
وأضاف الشوبكي في حديث إلى “التلفزيون العربي” من الخليل، أن “تمرير الصفقة في غزة من قبل أقطاب الليكود ومن خارج هذا الحزب جاء في مقابله التصعيد في الضفة والقدس”.
وأردف: “المشهد الآن هو عبارة عن تحرك عسكري مدفوع بحاجات عسكرية إسرائيلية”.
ونوه الشوبكي، إلى أن “مرتكزات العمل الأمني والعسكري في الضفة الغربية تغيرت من الإنذار المبكر والردع، والحسم، بمعنى اليوم لا يوجد مسوغات وإنذارات من قبل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بشأن جنين”.
وراح يقول: “إن القوات النضالية المتشكلة في شمال الضفة الغربية تواجَه بقوة عسكرية تسعى لعمليات حسم ضدها”.
ورأى الشوبكي، أن “هناك سعيًا من إسرائيل لتسريع الصراع في الضفة لتنفيذ مخططات الضم، ومحاولة إسرائيلية واضحة لاختبار الموقف الدولي الذي وقف صامتًا أمام جرائم الإبادة في غزة”.
“خلق واقع جديد”
من جانبه، اعتبر إمطانس شحادة الباحث في مركز مدى الكرمل، أن الحكومة الإسرائيلية غيرت تعاملها مع الضفة الغربية منذ تسلم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو منصبه.
ولفت شحادة في حديث إلى “التلفزيون العربي” من حيفا، إلى أن “المستوطنين باتوا من يتحكمون بشؤون الفلسطينيين.
وأردف أن “الهجوم الحالي على جنين هو استمرار للحرب الشاملة على الشعب الفلسطيني وحرب الإبادة على غزة بأدوات مختلفة”.
وراح يقول: “العقيدة العسكرية الإسرائيلية تتمثل في منع تشكيل أي تهديد مستقبلي على إسرائيل من قبل أي من حركات المقاومة وقد جرى الحديث عن منع حدوث 7 أكتوبر في الضفة مستقبلًا”.
قالت سرايا القدس إنها تواصل استهداف قوات الاحتلال بالضفة – غيتي
ونوه شحادة، إلى أن “إسرائيل لا تتحمل اليوم رؤية مشاهد إضافية تهز المجتمع والاقتصاد خاصة أن الذهنية الاستعمارية تريد منع تشكيل مقاومة فلسطينية لمنع إقامة دولة فلسطينية وإلغاء اتفاقيات أوسلو وإلغاء دور السلطة الفلسطينية إلا إذا كان يخدم إسرائيل”.
ورأى أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد “يتيح لإسرائيل التصرف المطلق في الضفة وضم أراض منها أو حتى ضمها، وهذا ما تشي به المؤشرات في التصعيد الحالي”.
وختم بالقول: “إسرائيل انتقلت إلى الضفة الغربية لتدمير قدرات المقاومة هناك في ظل عدم وجود طرف فلسطيني تتفاوض معه”.
“سياسة ترمب تشي بالأسوأ”
الدبلوماسي الأميركي السابق مارك غينسبرغ أشار بدوره إلى أن “ترمب لا يريد استمرار الحرب في فلسطين، بل يريد تنظيم اتفاقات أبراهام”.
وقال غينسبرغ في حديث لـ “التلفزيون العربي” من واشنطن: “لا يمكن إبرام اتفاق سلام بين إسرائيل والسعودية من دون تحرك مقبول من قبل الفلسطينيين وأعني بذلك الوصول إلى اتفاق يفضي إلى إعادة بث الروح في القضية الفلسطينية ومسار يفضي إلى إقامة الدولة الفلسطينية”.
ولفت إلى أن “تفاقم عنف المستوطنين في الضفة الغربية ضد الفلسطينيين والاستفزاز بتوسيع المستوطنات من قبل إسرائيل أدى لوجود مناوشات بين السلطة الفلسطينية وفصائل المقاومة”.
وأردف: “إسرائيل تحاول منع السلطة الفلسطينية من الانهيار أمام الفصائل المتواجدة في جنين”.
واعتبر غينسبرغ أن “سياسة العقوبات على المستوطنين التي اتبعها بايدن، عاد ترمب وألغاها مما يشي بالأسوأ في الضفة الغربية”.
وراح يقول: “الإدارة الأميركية الحالية بقيادة ترمب لا تتفق مع إقامة الدولة الفلسطينية وهو يحاول الآن أن يستكشف طريقة لكيفية تعزيز موقع السلطة الفلسطينية لكي تحكم غزة”.