يفتح الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأربعاء جبهة جديدة في حربه على التجارة العالمية بإعلانه مجموعة واسعة من الرسوم الجمركية “المتبادلة”، من شأنها تغيير قواعد اللعبة. وهذا بعد استهداف الصلب والألمنيوم وقبل الانتقال إلى السيارات.
وفي الثاني من أبريل/ نيسان الذي أعلنه “يوم التحرير”، يعتزم ترمب فرض حواجز جمركية جديدة تحدد بموجب الرسوم الجمركية التي تفرضها الدول المعنية بها على المنتجات الأميركية، إنما كذلك بناء على عوامل أخرى.
“الأصدقاء قبل الأعداء”
ولا يزال الغموض يلف تفاصيل هذه الخطة، كما لا يعرف ما سيكون حجم الرد من الدول المستهدفة، في وقت بدأت بكين وأوتاوا اتخاذ تدابير ردًا على الرسوم الأميركية المشددة، فيما يتوعد الاتحاد الأوروبي بذلك.
وستستهدف التدابير الجديدة بصورة أولية الدول التي تسجل فائضًا في الميزان التجاري تجاه الولايات المتحدة أو التي يتهمها البيت الأبيض بـ”إغلاق أسواقها” بوجه الصادرات الأميركية.
وبشكل متكرر، يتهم الرئيس الأميركي العالم وتحديدًا حلفاء الولايات المتحدة بـ”استغلال” بلاده أو حتى “نهبها”. لكن ترمب أكد مساء الأحد للصحافيين في طائرته الرئاسية “سنبدأ بكل الدول، وسوف نرى”، مستبعدًا بذلك أن يكون عدد ضئيل فقط من شركاء واشنطن التجاريين معنيًا.
وبعدما تحدث وزير الخزانة سكوت بيسنت عن احتمال استهداف 15% من الشركاء الذين يسجلون فائضًا تجاريًا متواصلًا على حساب واشنطن، قال ترمب ردًا على سؤال صحافي بهذا الصدد: “لم أسمع بـ15 بلدًا أو 10 بلدان”، مضيفًا أن الرسوم ستستهدف “بشكل جوهري كل الدول التي تحدثنا عنها”، بدون كشف المزيد من التوضيحات.
لكنه أضاف أن “الرسوم الجمركية ستكون أكثر سخاء.. ستكون أكثر ليونة من التي طبقتها هذه الدول على الولايات المتحدة الأميركية على مر العقود”.
ويتسع نطاق الرسوم الأميركية من يوم إلى يوم. وتعتزم الولايات المتحدة في الثالث من أبريل في الساعة 4:01 ت غ فرض رسوم إضافية بنسبة 25% على السيارات المصنوعة خارج البلاد.
ومع احتمال تراكم الرسوم المختلفة، ستكون السيارات الصينية خاضعة لرسوم تفوق ما يطبق حاليًا على السيارات الأوروبية.
“فاتورة باهظة على العائلات الأميركية”
وعند إعلانه الرسوم على السيارات، أكد ترمب “سنفرض رسومًا على الدول التي تتاجر مع بلدنا وتسلب وظائفنا وثروتنا وأشياء كثيرة منذ سنوات عديدة”، مضيفًا: “أخذوا الكثير من بلادنا، سواء الأصدقاء أو الأعداء، وبصراحة غالبًا ما كان الأصدقاء أسوأ بكثير من الأعداء”.
ويتهم ترمب الدول الأخرى بـ”نهب” الولايات المتحدة واستغلال إمكانية الوصول إلى السوق الأميركية بدون أن تفتح في المقابل أسواقها، منددًا على الدوام بميزان تجاري غير متكافئ حيث تستورد الولايات المتحدة بضائع أكثر مما تصدر.
ويرى أن الحواجز ليست جمركية فحسب كما في الصين والهند، بل هي كذلك تنظيمية، منتقدًا الضرائب الداخلية التي تفرضها الدول الأوروبية، معتبرًا أن مستوى ضريبة القيمة المضافة المطبقة في هذه الدول مرتفع أكثر مما ينبغي.
وقدر مختبر الميزانية في جامعة يال أن تبلغ الرسوم الإضافية 5% لكندا و17% للهند وحوالي 19% لفرنسا وألمانيا و13% للصين رغم أنها من أولى الدول المستهدفة.
ويتوقع البيت الأبيض جني عائدات كبرى من الرسوم الجمركية، وأكد مسؤول الأربعاء للصحافة أن الرسوم الجديدة ستدر “مئات مليارات الدولارات، ربما حتى ألف مليار” على مدى سنة كاملة.
وسيستخدم ترمب هذه العائدات لتمويل جزء من التخفيضات الضريبية التي يعتزم منحها للأميركيين، مع الإبقاء من حيث المبدأ على نظام التقاعد والضمان الصحي للمسنين، بدون المس بالإنفاق العسكري.
ويعتبر ترمب أن ارتفاع الأسعار الذي سينتج عن الرسوم المشددة سيقابله ارتفاع في القدرة الشرائية بفضل تخفيضات ضريبية والتراجع المتوقع في أسعار الطاقة نتيجة سياسته الداعمة لمصادر الطاقة الأحفورية.
وبحسب توقعات جامعة يال، فإن الفاتورة قد تكون باهظة على الأسر الأميركية، مع ترقب تراجع عائداتها بمتوسط يزيد عن 2700 دولار للعائلة، وأكثر من 3000 دولار إذا رد شركاء الولايات المتحدة على الرسوم الجديدة.