تواصل قوات الأمن التابعة للإدارة السورية الجديدة حملةً أمنية لمطاردة ما وصفتهم بـ”فلول النظام السابق” وحفظ الأمن والاستقرار.
ويقول القائمون على الحملة إنها تستهدف من يرفضون التسوية وتسليم سلاحهم، فضلًا عن عصابات تعمل ضد الأهالي وتهدّد أمنهم.
المهلة انتهت
وقد نقلت مصادر إعلامية وأمنية عن حكومة تصريف الأعمال قولها: إن المهلة الممنوحة لفلول النظام السابق لتسليم أسلحتهم انتهت السبت، وأصبح كل من يحتفظ بالسلاح خارجًا عن القانون.
يأتي ذلك في وقت أعلنت وكالة الأنباء السورية الرسمية، أن عمليات التمشيط الأمني أسفرت عن إلقاء القبض على عدد من فلول مليشيات الأسد ومجموعة من المشتبه بهم في بعض المناطق، بالإضافة إلى مصادرة كميات من الأسلحة والذخائر.
الحملة الأمنية في مختلف المناطق السورية بدأت عقب مقتل 14 عنصرًا من قوات الأمن، جرّاء استهدافهم في كمين بريف طرطوس قبل أربعة أيام.
كما قُتل عدد آخر من أفراد إدارة العمليات العسكرية في مناطق أخرى، آخرهم اثنان سقطا اليوم في جبلة باللاذقية.
وكل ذلك كان مبعثًا للقلق في خضم احتفالات السوريين المستمرة بسقوط نظام بشار الأسد، كما شكَّل تحديًا كبيرًا للسلطات الجديدة.
فما هي أهداف الحملة الأمنية المكثّفة، وما المخاطر التي يمثلها من تصفهم الإدارة الجديدة بـ”فلول النظام السابق”؟ وماذا عن كيفية تطبيق العدالة الانتقالية وآليات تحقيقها في ظل الواقع الحالي؟
“العالم كله يراقب ما يجري في سوريا”
يلفت مدير وحدة الدراسات السياسية في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات الدكتور مروان قبلان، إلى أن العالم كله يراقب ما يجري في سوريا حاليًا، ويبني عليه استنتاجات ومواقف معينة.
ويشير في حديثه إلى التلفزيون العربي من الدوحة، إلى ضرورة أن تثبّت في أذهان الناس صورة أن ما نذهب إليه عمليًا هو دولة قانون بكل ما للكلمة من معنى، وأن ليس هناك مكان لتصرفات فردية قد تبدو أحيانًا غير مسؤولة.
ويرى أن على السلطة الجديدة إصدار أوامر صارمة في ما يتعلق بكيفية التعامل مع من يتم إلقاء القبض عليهم.
ويردف: ما يميزنا عن النظام (السابق) أن لدينا قيم وأخلاق واحترام لحقوق الإنسان، رغم كل الجرائم التي تم ارتكابها.
ويؤكد أن من يتم إلقاء القبض عليه “يجب أن يحاكموا أمام القانون”.
“الأمور تصبح أكثر هدوءًا”
من ناحيته، يلفت الباحث في مركز الشرق للسياسات سعد الشارع، إلى أن بعض بقايا النظام السابق، وتحديدًا الجيش والقوى الأمنية، توجهت نحو منطقة الساحل واستفادت من جغرافيتها الوعرة وبدأت بتشكيل ما يشبه المجموعات العسكرية تستهدف أرتال قوات إدارة العمليات العسكرية.
ويقول في حديثه للتلفزيون العربي من غازي عنتاب، إن إدارة العمليات ربما تمهلت في التعامل بشكل قوي نظرة لخصوصية المنطقة، لكن يبدو أن الأمر بدأ يستفحل بشكل أكبر وبدأت التطورات تصل إلى أرياف حمص، لذا كان لزامًا التعامل مع تلك البقايا عسكريًا.
ويرى أن الأمور تصبح ساعة تلو الأخرى أكثر هدوءًا، لا سيما إذا تمت السيطرة بشكل جيد وتأمين المناطق الجبلية في الساحل.
ويوضح أن عددًا كبيرًا من المطلوبين كانوا من “الشبيحة”، الذين تزعموا مجموعات عسكرية وأمنية لعبت أيضًا دورًا اقتصاديًا بالتشبيح على السكان وأخذ الإيتاوات. وقد تم اعتقالهم وتحييد بعضهم.
الخيارات القانونية لمحاسبة المرتكبين
بدوره، يشير الخبير القانوني المعتصم الكيلاني، إلى أن إدارة العمليات العسكرية أوفت بالوعود والعهود التي قدّمتها للدول الضامنة للعملية العسكرية، وذلك بالالتزام المطلق بالقانون الدولي الإنساني وقواعد الحرب.
ويقول للتلفزيون العربي من باريس: إن هذا الأمر كان واضحًا منذ السابع والعشرين من نوفمبر/ تشرين الثاني وبدء العملية العسكرية في غرب حلب وحتى اليوم.
ويضيف: لكن يجب أن يكون هناك توازن بين ذلك الالتزام الأخلاقي والحزم بإلقاء القبض على فلول النظام، لا سيما مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
ويشير إلى “خلل” بعدم وجود منظومة قضائية واضحة تحاسب وتلاحق مرتكبي تلك الجرائم.
ويتحدث عن عدة خيارات واضحة أمام الحكومة الانتقالية؛ فإما أن يتم إصلاح النظام القضائي السوري الحالي، الذي يعد فاسدًا وكان أحد أدوات ارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في البلاد، الأمر الذي يتطلب وقتًا يتراوح بين 6 و12 شهرًا.
ثم يتوقف عند خيار المضي قدمًا بإنشاء محكمة خاصة في سوريا لمحاكمة مرتكبي الجرائم تلك، تكون مستندة تمامًا لنظام روما الأساسي، وخيار المحكمة المختلطة كتلك التي شهدتها رواندا، أو التوقيع على نظام روما الأساسي وإعلان المادة 13/2 التي تعطي الصلاحية للمدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية للبدء بالتحقيقات.