إيران قريبة من 10 قنابل نووية… وإسرائيل تطالب بـ«التحرك فوراً»

تقع إيران تحت ضغط هائل يهددها بفشل المفاوضات مع واشنطن وإحالة برنامجها إلى مجلس الأمن الدولي، بعد تقرير جديد للوكالة الدولية للطاقة الذرية أفاد بأن إيران زادت من مخزونها من اليورانيوم المخصب بدرجة تسمح لها بالاقتراب من مستويات صنع الأسلحة النووية.

وقال تقرير الوكالة الدولية، صدر الجمعة، إن المخزون الإيراني من اليورانيوم عالي التخصيب يمكن تسريعه لتشكيل نواة نحو 10 قنابل نووية إذا اختارت إيران السعي لامتلاكها.

وأوضح أن المخزون ارتفع بنسبة نحو 50 في المائة خلال الأشهر الثلاثة الماضية، في حين تم تسريع وتيرة إنتاج اليورانيوم المخصّب بنسبة 60 في المائة، القريبة من مستوى 90 في المائة المطلوب للاستخدام العسكري.

وجاء التقرير «الشامل» في وقت حساس فيما تجري طهران وواشنطن العديد من جولات المحادثات بشأن اتفاق نووي محتمل يسعى الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى التوصل إليه.

وقال التقرير إنه حتى 17 مايو (أيار)، قامت إيران بتخزين 408.6 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 60 في المائة. وهذه زيادة بمقدار 133.8 كيلوغرام عن آخر تقرير أجرته الوكالة في فبراير (شباط).

وتبعد هذه المادة خطوة تقنية قصيرة عن المستويات الصالحة لصناعة الأسلحة، ونسبتها 90 في المائة. وأفاد تقرير صدر في فبراير بأن المخزون يبلغ 274.8 كيلوغرام.

وكتبت الوكالة في التقرير أن «هذه الزيادة الكبيرة في إنتاج إيران، الدولة الوحيدة غير النووية التي تنتج مثل هذه المادة النووية، وتخزينها اليورانيوم العالي التخصيب… يثيران مخاوف كبرى».

وفي تقرير ثانٍ وضعته الهيئة التابعة للأمم المتحدة بطلب من الدول الغربية بناءً على قرار صادر في نوفمبر (تشرين الثاني)، نددت الوكالة بتعاون إيران الذي وصفته بأنه «أقل من مُرضٍ» بشأن برنامجها النووي.

وكتبت في التقرير الثاني أن «إيران في مرات عدة إما لم تجب وإما لم تقدم إجابات ذات مصداقية من الناحية الفنية عن أسئلة الوكالة ونظّفت» مواقع، وهذا ما «أعاق أنشطة التحقيق» في ثلاثة مواقع تشتبه الوكالة بأنها شهدت أنشطة نووية سرية، هي لاويسان، شيان، وورامين، وتورقوز آباد.

وشدد رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي كثيراً على أن «إيران هي الدولة الوحيدة غير النووية التي تخصب اليورانيوم إلى هذا المستوى».

وتتهم دول غربية، على رأسها الولايات المتحدة وإسرائيل، إيران بالسعي إلى تطوير سلاح ذري. وتنفي إيران هذه الاتهامات، وتتمسك في المقابل بما تعدّه «حقاً» لها في مجال الطاقة النووية السلمية.

صورة التقطها قمر «بلانيت لابس» لحفريات تحت جبل قرب منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم وسط إيران في 14 أبريل 2023 (أ.ب)

إسرائيل: «التحرك فوراً»

علقت إسرائيل بأن التقرير أظهر أن البرنامج النووي الإيراني ليس سلمياً، وأن طهران لا تزال عازمة على استكمال برنامجها للأسلحة النووية.

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بيان: «رغم تحذيرات المجتمع الدولي العديدة، فإن إيران مصممة تماماً على استكمال برنامجها للأسلحة النووية».

وأضاف البيان الإسرائيلي: «هذا المستوى من التخصيب موجود فقط في الدول التي تسعى بنشاط لامتلاك أسلحة نووية، وليس له أي مبرر مدني».

وشدد مكتب نتنياهو على أنه «يتعيّن على المجتمع الدولي التحرك الآن لوقف إيران».

وكان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، أعلن في وقت سابق، السبت، أن السلاح الذري «غير مقبول».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث بينما يلوّح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد اجتماع في البيت الأبيض… 7 أبريل 2025 (رويترز)

ضغط أمريكي

وخططت قوى غربية للضغط على محافظي وكالة الطاقة الذرية لإعلان عدم امتثال إيران، في حين تعد أميركا مشروع قرار جديداً لتقديمه مع المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا، من المفترض أن يتضمن إدانات لطهران، ما قد يفسح الطريق لإحالة برنامجها النووي إلى مجلس الأمن.

ونقلت «رويترز»، الجمعة، عن دبلوماسيين أن القوى الغربية ضغطت على مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في اجتماعه الفصلي المقبل لإعلان عدم امتثال إيران لالتزاماتها المتعلقة بمنع الانتشار النووي لأول مرة منذ ما يقرب من 20 عاماً، وهي خطوة من المُرجح أن تثير غضب طهران.

ومن المحتمل جداً أن تُعقد هذه الخطوة المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران، الهادفة إلى فرض قيود جديدة على برنامج طهران النووي الذي يتطور بسرعة.

واقترحت واشنطن وحلفاؤها الأوروبيون، بريطانيا وفرنسا وألمانيا، قرارات سابقة اعتمدها مجلس محافظي الوكالة الدولية، المؤلف من 35 دولة، تدعو إيران إلى اتخاذ خطوات سريعة، مثل تقديم تفسير لآثار اليورانيوم التي عثرت عليها الوكالة في مواقع غير مُعلنة.

وقال مسؤول أوروبي: «لا توجد أي شكوك بشأن عدم وفاء إيران بالتزاماتها المتعلقة بمنع الانتشار».

وأوضح ثلاثة دبلوماسيين أن الولايات المتحدة ستعد، بمجرد صدور هذا التقرير، مشروع قرار يُعلن انتهاك إيران لما يسمى بالتزاماتها المتعلقة بالضمانات. وقال رابع إن القوى الغربية تعد مشروع قرار دون الخوض في التفاصيل.

وأضاف الدبلوماسيون أن النص سيُناقش مع الدول الأعضاء في مجلس المحافظين خلال الأيام المقبلة قبل أن تقدمه القوى الغربية الأربع رسمياً إلى المجلس خلال الاجتماع الفصلي، مثلما حدث مع القرارات السابقة.

مجلس الأمن

آخر مرة اتخذ فيها مجلس المحافظين خطوة الإعلان رسمياً عن انتهاك إيران لالتزاماتها بموجب اتفاق الضمانات الشاملة كانت في سبتمبر (أيلول) 2005، في خضم مواجهة دبلوماسية نتجت عن اكتشاف أنشطة نووية سرية في إيران.

وتعتقد الولايات المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية في الوقت الحالي أن إيران كان لديها برنامج أسلحة نووية سري ومنسق أوقفته عام 2003.

وتنفي إيران امتلاكها أي برنامج أسلحة على الإطلاق، وتؤكد أنها تستخدم التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية فقط.

وأحال قرار منفصل أصدره مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فبراير 2006 مسألة عدم امتثال إيران إلى مجلس الأمن الدولي، الذي فرض لاحقاً عقوبات على طهران.

وقال الدبلوماسيون إنه لم يتحدد بعد متى ستسعى القوى الغربية إلى إحالة الأمر إلى مجلس الأمن، ولم يتضح أيضاً الإجراء الذي يمكن أن يتخذه مجلس الأمن ضد إيران، إن وُجد.

ومن المرجح أن يؤثر أي قرار بشكل فوري على محادثات طهران مع الولايات المتحدة، وعلى أي خطوات نووية أخرى تُقرر إيران اتخاذها على أرض الواقع.

غروسي يتحدث إلى الصحافيين بمقر «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» في فيينا (أ.ب)

وقال مسؤول إيراني كبير إن طهران سترد على أي قرار «بتوسيع نطاق العمل النووي بناءً على (مضمون) هذا القرار»، وفق «رويترز».

ووافق مجلس محافظي الوكالة على جميع القرارات التي اقترحتها القوى الغربية بشأن إيران في الآونة الأخيرة، ولا شك في أن هذا القرار سيُقرّ أيضاً. لكن السؤال الوحيد يكمن في حجم الأغلبية التي ستؤيده. وروسيا والصين هما الدولتان الوحيدتان اللتان عارضتا باستمرار مثل هذه القرارات.

وتشعر إيران بالاستياء من القرارات والانتقادات الأخرى الموجهة إليها من مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهو ما يدفعها لاتخاذ خطوات مثل تسريع برنامج تخصيب اليورانيوم وتوسيعه أو منع كبار مفتشي الوكالة من دخول البلاد.

وتخصب إيران اليورانيوم بالفعل إلى درجة نقاء تصل إلى 60 في المائة، ويُمكن رفع هذه النسبة بسهولة إلى ما يقارب 90 في المائة، وهي الدرجة اللازمة لصنع الأسلحة.

ويظهر معيار الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران لديها كمية من المواد عند هذا المستوى تكفي لصنع ستة أسلحة نووية إذا واصلت تخصيبها.

شاركها.
Exit mobile version