تؤثر الفيضانات على عدد من البلدان سنويًا، حيث تتسبب الأمطار الغزيرة في تحرير الأنهار من قنواتها فتشق مسارات جديدة عبر المناظر الطبيعية وتدمر مجتمعات دون سابق إنذار.
ولعقود من الزمن، ناضل الباحثون من أجل شرح كيفية تجهيز قنوات الأنهار لمثل هذه التحويلات المفاجئة، أو الانشقاقات. وقد أظهرت دراسة نُشرت في مجلة “نايتشر” أن عاملين يتحكمان بإعادة توجيه النهر. وبناءً على النتائج التي توصلوا إليها، طور الباحثون خوارزمية واعدة يمكنها التنبؤ بالمسار الجديد للنهر الذي انفجر.
مخاطر يصعب التنبؤ بها
بحسب موقع “سينس نيوز”، يقول عالم الرواسب دوغلاس إدموندز من جامعة إنديانا في بلومنغتون: “إنها فيضانات هائلة، وفيضانات تغير الحضارة في بعض الحالات”.
وفي عام 2010، ساهمت فيضانات نهر السند في باكستان في حدوث الفيضانات التي أجبرت ما يقرب من 20 مليون شخص على ترك منازلهم.
ومع ذلك، لا تزال نماذج مخاطر الفيضانات غير قادرة على التنبؤ بالمكان الذي ستتغير فيه مسارات الأنهار، كما يوضح إدموندز، مضيفًا: “إنه حقًا خطر فيضان غير مرئي”.
ويتطلب تغيير مجرى النهر إعدادًا ومحركًا. ويقول إدموندز: “قد يكون السبب هو فيضان، أو زلزال، أو انسداد في نهر”. أمّا الإعداد فهو الكيفية التي أدى بها ترسيب الرواسب إلى تهيئة النهر لتحويل مساره، وهو السبب الأساسي لانحراف النهر، بحسب إدموندز.
أسباب مفترضة لانجراف الأنهار
وركزت الدراسة على تحديد الإعداد. ترى فرضية أن الانجراف يحدث عندما يصبح النهر مرتفعًا جدًا، أو عندما يؤدي ترسب الرواسب إلى رفع مستوى مياه النهر فوق الأرض المحيطة. وترى فرضية أخرى أن الانجراف تحدث عندما يصبح المسار الجديد المحتمل للنهر أكثر انحدارًا من المسار الحالي.
وباستخدام بيانات الأقمار الصناعية، درس إدموندز وزملاؤه ما يقرب من 170 انجرافًا، ولاحظوا إلى أي مدى تميل الأنهار إلى التحول. ووجدوا أن تحول المسار كان شائعًا بالقرب من مصبات الأنهار والجبهات الجبلية بثلاثة أضعاف تقريبًا مقارنة بما بينها.
اجتاح النهر المتدفق جسر فوق وادي إل بويو في كاتاروغا، في فالنسيا شرق إسبانيا- غيتي
ومن خلال التركيز على 58 قناة نهرية توفرت لها بيانات طبوغرافية عالية الدقة، قام الباحثون بقياس الارتفاع الفائق وميزة الانحدار قبل الانشقاقات. ووجدوا أن الارتفاع الفائق يفسر بشكل أفضل الانقلابات بالقرب من الجبال، في حين أن ميزة المنحدرات تفسر بشكل أفضل تلك القريبة من مصبات الأنهار.
ويلفت إدموندز إلى أن الكثير من الرواسب تتدفق من الجبال وتتراكم في الأنهار حتى ترتفع بشكل كبير وتنتشر.
تأثير الانحدار والارتفاع
ووجد الباحثون أن هذين العاملين، ميزة المنحدر والارتفاع الفائق، يعملان معًا بطريقة عكسية. فكلما أصبح النهر أكثر ارتفاعًا، كلما قلت ميزة الانحدار التي يحتاجها للانقلاب، والعكس صحيح.
وينقل “سينس نيوز” عن إليزابيث هاجيك، عالمة الجيولوجيا في ولاية بنسلفانيا: “إنها المرة الأولى التي يتمكن فيها أي شخص من إثبات ذلك باستخدام البيانات”.
ووجد الباحثون أن التقلبات حدثت عندما تجاوز المنتج الرياضي للعاملين قيمة العتبة. طالما تتوفر قياسات طبوغرافية دقيقة لقناة النهر، وهو الأمر الأكثر احتمالاً بالنسبة للأنهار الأكبر حجمًا وفي الأماكن ذات السماء الصافية، فمن المحتمل أن تتمكن من استخدام مقياس العتبة هذا لتحديد المكان الذي من المحتمل أن تحدث فيه الانجرافات، كما يقول عالم الجيومورفولوجيا فامسي غانتي من جامعة كاليفورنيا- سانتا بربارا والذي لم يشارك في الدراسة.
خوارزمية حاسوبية تتنبأ بمسارات الأنهار
وطور الباحثون خوارزمية حاسوبية تسلط الضوء على المكان الذي يمكن أن يتجه إليه النهر على الخريطة، مع الأخذ في الاعتبار انحدار التضاريس وزخم النهر. وعندما تم تكليفها بالتنبؤ بمسارات 10 انقلابات سابقة، تمكنت الخوارزمية من التقاط مسار كل منها بشكل صحيح.
ويهدف الباحثون إلى تطوير خرائط لمخاطر الأنهار في العالم أو المناطق المعرضة للخطر.