استأنف الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على قطاع غزة فجر الثلاثاء، عبر قصف جوي ومدفعي مكثّف، مرتكبًا مجازر مروعة راح ضحيتها مئات الشهداء والجرحى.
ووفق المصادر الطبية في القطاع، فإن أغلب الشهداء والمصابين أطفالا ونساء كانوا موجودين في خيامهم ومنازلهم ومراكز الإيواء.
كما أسفرت الهجمات الدموية وفق المقاومة، عن استشهاد عدد من رموز العمل الحكومي التابعين لحركة حماس.
وزعمت حكومة الاحتلال أن الجيش هاجم بنى تحتية لحماس وأهدافًا حكومية وبلدية.
كما زعم مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، أن الهجمات جاءت بعد رفض حماس مرارًا وتكرارًا إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين، بالإضافة إلى رفض جميع مقترحات المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف والوسطاء.
انقلاب الاحتلال لفرض شروط تفاوضية جديدة
من جانبها، قالت حركة حماس إن نتنياهو وحكومته المتطرفة اتخذوا قرارًا بالانقلاب على اتفاق وقف إطلاق النار لفرض شروط تفاوضية جديدة، محذرة من مصير مجهول للأسرى الإسرائيليين.
كما أكدت الحركة حرصها على استكمال مراحل الاتفاق. وأعادت التأكيد على أن لا عودة للأسرى الإسرائيليين إلا بوقف الحرب، وطالبت الوسطاء بتحميل نتنياهو والاحتلال المسؤولية كاملة عن خرق الاتفاق والانقلاب عليه.
وفي تماه تام مع الاحتلال الإسرائيلي، أشارت الإدارة الأميركية إلى أن إسرائيل تشاورت معها بشأن غاراتها على غزة.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض إن “حماس والحوثيين وإيران وكل من يسعى لإرهاب إسرائيل والولايات المتحدة سيدفعون ثمنا باهظًا”، وفق قولها.
ويأتي هذا التصعيد الإسرائيلي الأميركي في غمرة توتر متصاعد تشهده المنطقة، ازدادت حدته مؤخرًا عبر شن الولايات المتحدة الأميركية هجمات على اليمن في سياق مواجهة الحوثيين.
المصالح الإسرائيلية
وفي قراءة لدوافع التصعيد الإسرائيلي، يقول الباحث في مركز مدى الكرمل الدكتور إمطانس شحادة: “إن إسرائيل تكذب”، لأنها هي من انسحب من اتفاق وقف إطلاق النار منذ عدة أسابيع، وأعلنت أنها لا تريد الاستمرار بالاتفاق والانتقال إلى المرحلة الثانية منه، بل تريد اتفاقًا جديدًا بشروطها”.
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من حيفا، يشير شحادة إلى أن إسرائيل منعت دخول المساعدات الغذائية والمعدات الثقيلة إلى القطاع.
ويعتبر أن إسرائيل تريد الضغط على حماس بالأدوات العسكرية للتأثير عليها ودفعها للانصياع لشروط تل أبيب.
كما يرى أن ما أدى إلى استئناف الحرب هو مصالح الحكومة الإسرائيلية السياسية ومصالح نتنياهو. ويقول: “إن الإدارة الأميركية السابقة دعمت كل الخطوات الإسرائيلية، وإن إدارة دونالد ترمب تتخذ الموقف نفسه”.
ويلفت إلى أن إدارة ترمب حاولت الضغط على حماس بالمفاوضات بغية التوصل إلى اتفاق جديد، لكن ذلك لم ينجح.
“تفهم أميركي للكذب الإسرائيلي”
من جهته، يشير الكاتب والباحث السياسي وسام عفيفة إلى أن موقف حماس يستند إلى تجربة سابقة في المفاوضات امتدت لأكثر من عام، وتفيد بأنه عندما قرّرت الولايات المتحدة وإسرائيل الدخول في المفاوضات أمكن الوصول إلى اتفاق، فيما لم تسفر العملية العسكرية التي استخدمت شتى الوسائل عن تحقيق أي أهداف.
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من أمام مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح، يلفت عفيفة إلى ما وصفه بأنه “تفهم أميركي للكذب الإسرائيلي”.
ويردف بأن من قرر منذ البداية عدم الذهاب إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار هو إسرائيل.
ويبدي عفيفة استغرابه من موقف ويتكوف، الذي قدم ورقة وافقت عليها حماس بشكل مبدئي، لكن تلك الورقة قدمت رؤية تتعلق بالأسرى ولم تتطرق إلى القضايا المتعلقة باستحقاقات المرحلة الأولى من الاتفاق، لا سيما الانسحاب من محور صلاح الدين والشقّ الإنساني.
مسؤولية أميركية
إلى ذلك، يرى عضو الكونغرس الأميركي السابق جيم موران أن الولايات المتحدة تعد مسؤولة عن الأبرياء من النساء والأطفال، الذين تعرضوا للاستهداف الإسرائيلي في غزة.
ويشير في حديث إلى التلفزيون العربي من فرجينيا، إلى أن الولايات المتحدة تؤمن الدعم العسكري والسياسي لإسرائيل لكي تتمكن من تنفيذ هذا العقاب على الفلسطينيين.
ويلفت إلى أن بنيامين نتنياهو يحاول الحفاظ على موقفه السياسي، وإلّا فسيذهب إلى السجن.
وإذ يثمن موران عمل ويتكوف في سياق التفاوض، يشير إلى أن إسرئيل خرقت وقف إطلاق النار، إذ يعلم نتنياهو أنه يمكنه القيام بما يحلو له والإفلات من العقاب.
ويأمل أن يصغي ترمب للأشخاص الذين يعلمون أن لا حدود لما يمكن أن تقوم به إسرئيل، التي تريد السيطرة على قطاع غزة وعلى الضفة الغربية.