رحل نظام الأسد عن سوريا، لكنَّ ثقل العقوبات الاقتصادية الموروثة من عهده؛ لا يزال مطبقًا على حياة السوريين.
فمنذ عقود، يواجه اقتصاد سوريا تحديات جمّة، نتيجة العقوبات الغربية المفروضة على البلاد، بدءًا من عام 1979 مع تصنيف سوريا “دولة داعمة للإرهاب”، ثم عام 2004 بتطبيق “قانون محاسبة سوريا واستعادة السيادة اللبنانية”.
ومع بداية الثورة السورية عام 2011، أصبحت العقوبات أكثر شمولًا، ليأتي “قانون قيصر” نهاية عامِ 2019، بتوقيع من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ويحكم القبضة الاقتصادية على البلاد.
وظهرت ملامح هذه القبضة في قرارات تجميد أصول الحكومة السورية والمسؤولين السوريين وحظر التعامل مع البنك المركزي والمؤسسات المالية السورية، وحظر الاستثمار في قطاعات النفط والغاز والطاقة وقطاعات أخرى.
وتسبّب ذلك في سقوط الناتج المحلي الإجمالي للفرد السوري من عتبة 2700 دولار عام 2010 إلى 300 دولار فقط عام 2023.
كما أوصل معدلات التضخم في البلاد عام 2023 إلى حدود 135%. وسجّلت العملة السورية أثقل فارق بينها وبين الدولار الأميركي عام 2024 بـ16 ألف ليرة للدولار الواحد.
وقد طالبت الإدارة الجديدة للبلاد الحكومات الغربية برفع العقوبات المفروضة على سوريا، لتمكين للإصلاح الاقتصادي في البلاد.
واعتبر قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع أن سبب فرض العقوبات قد سقط مع سقوط نظام الأسد.
ورغم التطمينات التي تلقَّتها إدارة الشرع، فإن تصريحات مسؤولين في واشنطن وبروكسل وعواصم غربية أخرى، رهنت رفع العقوبات بمدى التزام السلطة الجديدة في دمشق بتطبيق معايير الإصلاح.
رفع العقوبات يدفع بدوران العجلة الاقتصادية
وتؤكد تقارير اقتصادية دولية، أن رفع العقوبات مع تهيئة بيئة سياسية واقتصادية مستقرة، وتفعيل التبادل التجاري الإقليمي، وتشجيع فرص الاستثمار الأجنبي المباشر، يمكن أن يؤدي إلى تحسّن كبير في الوضع الاقتصادي في البلاد.
ويشير نائب رئيس غرفة تجارة دمشق محمد حلاق إلى أن رفع العقوبات المفروضة على سوريا “سيساهم في دوران عجلة الاقتصاد بالشكل الصحيح”، لافتًا إلى أن قانون قيصر جمّد التحويلات المالية ما دفع بالحكومة السابقة لاتخاذ إجراءات ساعدت النظام على زيادة ثرائه ورفعت فقر المستهلك”.
وقال في حديث إلى التلفزيون العربي في استوديوهات دمشق إن السوق يعاني نقصًا في السيولة حيث لا يملك غالبية السوريين أي مدخرات لإنفاقها. ولفت إلى أن المساعدات التي تتدفق من الخارج توفر بديلًا للمواد الاستهلاكية التي يشتريها المواطن السوري.
واعتبر حلاق أن تجار دمشق يتعرضون لانتقادات كبيرة، مشيرًا إلى أن “وفرة المادة والتنافسية تساهمان في خلق بيئة أعمال صحية”.