وزير الدفاع الأميركي في مرمى نيران الجمهوريين والديمقراطيين
أصبح وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث في مرمى نيران الجمهوريين والديمقراطيين معاً، وارتفعت الأصوات المطالبة بإقالته بعد نشر محادثاته مع مسؤولين كبار في البيت الأبيض ووكالات الاستخبارات على تطبيق «سيغنال»، كشف فيها عن الإطار الزمني الدقيق للهجوم العسكري على الحوثيين، والأسلحة المستخدمة، والتسلسل العملياتي للهجمات.
ولا تزال عاصفة فضيحة محادثات «سيغنال» تتسع في الدوائر السياسية الأميركية، في مقابل دفاع الرئيس ترمب ومسؤولي البيت الأبيض بأن المحادثة لم تتضمن تفاضل سرية أو معلومات حساسة حول خطة الحرب والضربات الأميركية ضد جماعة الحوثي.
وللمرة الأولى يخرج المشرعون الجمهوريون عن خط الرئيس السياسي الصارم، معلنين أن مشاركة وزير الدفاع بنشر تفاصيل حساسة عسكرية قبل توجيه الضربات ضد الحوثيين في اليمن يعد ضربة قوية ضده.
وقال السيناتور كيفن كرامر الجمهوري عن ولاية داكوتا الشمالية، العضو بلجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ: «أعتقد أن عليهم التأكد من عدم تكرار ذلك، أتمنى أن يخبرونا بأنه لن يتكرر أبداً. إنها أول ضربة في المراحل الأولى من عمر الإدارة».
وقال زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ جون ثون الجمهوري من ولاية ساوث داكوتا، إن «وزير الدفاع هيغسيث وغيره من كبار المسؤولين في إدارة ترمب بحاجة إلى الاعتراف بأنهم ارتكبوا خطأً جسيماً، وعليهم إدراك ذلك، والاعتراف بالخطأ وإصلاحه حتى لا يتكرر».
وأعرب عدد كبير من الجمهوريين أنهم ليسوا «مرتاحين» لما جرى في هذه الدردشة الجماعية على منصة «سيغنال» التي ضمت الصحافي جيفري غولدبيرغ رئيس تحرير مجلة «أتلانتيك»، وشددوا على أنه يجب التحقيق في الأمر. وقارن الجمهوريون بين وزراء الدفاع السابقين مثل روبرت غيتس، وجيم ماتيس، مشيرين إلى أنهم لم يرتكبوا مثل هذا الخطأ الفادح الذي ارتكبه هيغسيث.
وازدادت الانتقادات ضد هيغسيث بعد إصراره وتحديه في تصريحاته للصحافيين يوم الاثنين أنه لم يرسل أي رسائل نصية حول أي خطط عسكرية مما آثار موجة من الاستياء بين المحللين ووسائل الإعلام اليمينية الموالية للإدارة، مثل «فوكس نيوز» التي نشرت مقاطع فيديو لتعليقات هيغسيث، وصوراً لنص المحادثات على «سيغنال» التي أشار فيها إلى توقيت الضربة والسلاح المستخدم، لكنّ كثيراً من الجمهوريين الذين صوتوا لصالح تعيين هيغسيث وزيراً للدفاع اكتفوا بالقول إنه ارتكب خطأً جسيماً، ورفضوا فكرة إقالته. قال السيناتور ليندسي غراهام الجمهوري من ساوث كارولاينا، في بيان إنه سيواصل دعم «جميع أعضاء فريق الأمن القومي للرئيس ترمب».
ترمب يدافع
وقلل الرئيس ترمب، الثلاثاء، من مخاطر هذه التسريبات، ووصفها بأنها «الخلل الوحيد خلال شهرين من ولايته». ودافع مرة أخرى، الأربعاء، عن وزير الدفاع هيغسيث، وقال: «هيغسيث يقوم بعمل عظيم، ولم تكن له أي علاقة بهذا»، على الرغم من لقطات الشاشة التي تظهر وزير الدفاع وهو يشارك خطط الضربات الأميركية في اليمن مع محادثة «سيغنال». وتابع ترمب: «هيغسيث؟ كيف تُقحم هيغسيث في الأمر؟ لا علاقة له بالأمر. انظروا، إنها مطاردة ساحرات».
وجاءت تعليقات ترمب بعد لحظات من قوله إن مستشاره للأمن القومي مايك والتز يتحمل المسؤولية، وقال ترمب في مقابلة مع شبكة «إن بي سي»: «لقد تعلم مايك والتز الدرس وهو رجل طيب». وأشارت مصادر مقربة من وزير الدفاع الأميركي إلى أنه لا توجد أي إشارة أن هيغسيث يخطط للاستقالة، وأن الرئيس ترمب لم يطالبه بذلك.
التلاعب بالكلمات
ورغم أن المحادثة تضمنت التوقيت الدقيق للضربات قبل وقوعها، فإن كثيراً من المسؤولين في إدارة ترمب شددوا على أنه لم تكن هناك معلومات سرية في المحادثة. لكن محاولات البيت الأبيض لم تجد صدى إيجابياً لدى المشرعين في الكونغرس، وقال رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ روجر ويكر الجمهوري من ولاية ميسيسيبي إن المعلومات، أياً كان وصفها، كان ينبغي أن تبقى سرية. وأضاف: «يبدو لي أن المعلومات التي نُشرت مؤخراً ذات طبيعة حساسة للغاية، وبناءً على معرفتي، كنت أرغب في تصنيفها سرية».
مطالبات بالاستقالة
وشنّ الديمقراطيون حملة انتقادات واسعة، مطالبين بإقالة هيغسيث، ودعا النائب جو كورتني عضو لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب هيغسيث إلى الاستقالة أو فصله من منصبه، واتهمه بتعريض الطيارين الأميركيين والبحارة ومهمتهم للخطر، ونشر تفاصيل عملياتية حساسة، تشمل التسلسل والأهداف والأسلحة في محادثة جماعية غير محمية. وأضاف أن أي شخص في الجيش لو قام بذلك كان سيواجه محاكمة عسكرية ويتم طرده من الخدمة، والوزير هيغسيث ليس فوق القانون، وعليه الاستقالة أو الطرد. وقال السيناتور الديمقراطي مارك وارنر نائب رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ – الذي صوت ضد تعيين هيغسيث – لشبكة «سي إن إن» إن «هيغسيث أظهر مستوى مرعباً من الغطرسة وعدم الكفاءة».
وانتقد السيناتور كريس مورفي الديمقراطي من ولاية كونيتيكت في تصريحات لشبكة «إم إس إن بي سي» الطريقة السيئة التي تعاملت بها الإدارة الأميركية ليس فقط مع الفضيحة، وإنما أيضاً مع تداعياتها، وقال: «هذا أمر محرج للغاية، ويظهر أميركا بمظهر الضعيف أمام العالم».
ووصف مورفي الوضع بأنه ثلاث فضائح في فضيحة واحدة، مشيراً إلى عدم كفاءة هيغسيث في التعامل مع المعلومات العسكرية الحساسة، وفضيحة في مواصلة إنكار ما فعل، وفضيحة أخرى أنهم لم يتعهدوا بوقف اتصالاتهم على «سيغنال»، أي أنهم سيواصلون التصرف بشكل غير قانوني.
وغرد السيناتور الديمقراطي على موقع «إكس»، مطالباً وزير الدفاع بالاستقالة، وقال: «إذا لم تكن هناك عواقب حينما يتم القبض على كبار قادة الأمن القومي وهم يكذبون على الشعب الأميركي، فإن مصداقية أمتنا سوف تدمر»، ومع نشر النصوص الكاملة لدردشة «سيغنال»، شدّد الديمقراطيون – ومن بينهم زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر وزعيم الديمقراطيين في مجلس النواب كيم جيفريز – على أنه يتوجب على الجمهوريين الانضمام إلى مطالبة هيغسيث بالاستقالة. وقال شومر للصحافيين يوم الأربعاء: «يجب أن يتم طرده».