حذّرت تقارير أمنية غربية من هجوم روسي كبير محتمل قد يستهدف العاصمة الأوكرانية كييف، وذلك ردًا على استهداف أوكرانيا العمق الروسي بصواريخ من طراز أتاكمز الأميركية.
ووسط هذه التحذيرات، أعلنت سفارة أميركا في كييف عن إغلاق أبوابها ونصحت رعاياها بالاحتماء فورًا إذا دوت صفارات إنذار من غارات جوية.
وعلى خطاها سارعت سفارات إسبانيا وإيطاليا واليونان إلى تعليق عملها خشية الهجوم الروسي المحتمل، فيما أكدت ألمانيا أن سفارتها تعمل بطاقة محدودة.
وتصر إدارة الرئيس جو بايدن حتى في آخر أيامها على الدعم العسكري المطلق لأوكرانيا في مواجهة روسيا منذ فبراير/ شباط 2022.
وتبدو واشنطن غير مهتمة بتهديدات موسكو باستخدام سلاحها النووي ضد أهداف وصفتها بالحليفة لأوكرانيا.
فسماح واشنطن لكييف باستخدام صواريخ أتاكمز الأميركية لضرب روسيا أعقبه موافقة جديدة لبايدن، على تزويد الجيش الأوكراني بألغام مضادة للأفراد بهدف إبطاء تقدم القوات البرية الروسية.
وكان الرئيس الروسي فلادمير بوتين أعلن عن تعديلات على العقيدة النووية وهدّد برد ملموس ومناسب على القوى الغربية التي تدعم أوكرانيا عسكريًا.
ويحدث هذا التصعيد في الوقت الذي تسود فيه حالة ترقب في موسكو وكييف عما ستؤول إليه مجريات الحرب مع بداية عهدة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب الذي وعد مرارًا بإنهائها وتوعد بوقف الدعم العسكري المفتوح لأوكرانيا.
“صفقات محتملة”
وفي هذا الإطار، رأى ريتشارد وايتز، مدير برنامج التحليل السياسي والعسكري بمعهد هدسون، أنه “عقب استقدام روسيا عشرة آلاف مقاتل من كوريا الشمالية شعرت واشنطن بأن هذا التطور تهديد كبير وبالتالي تريد أن توفر إشارة لكييف من خلال الصواريخ بعيدة المدى لكي تدفع بعيدًا هذا الحشد الكوري الشمالي”.
ولفت في حديث إلى “التلفزيون العربي” من واشنطن، إلى أن “التحول الرئاسي في الولايات المتحدة دفع بايدن لاتخاذ هذه الخطوة مع أمله في أن لا يصعد بوتين مع قدوم ترمب الذي يريد التفاوض معه”.
وقال وايتز إن “ترمب وفريقه لم يكشفوا النقاب عن تفاصيل سياستهم الخارجية والمنهج الذي سيتبعونه في أوكرانيا رغم أن هدفه الرئيس المنتخب يكمن في وضع حد للنزاع في الفترة الأولى من ولايته”.
واعتبر أن حدوث صفقة بين ترمب وبوتين أمر ممكن، موضحًا أنه يمكن للرئيس المنتخب التفاوض مع كل من روسيا وأوكرانيا بشكل منفرد، سعيًا في النهاية إلى إنهاء القتال عبر صفقة ما.
ومضى يقول: ترمب لن يترك الناتو ويهجر الأوروبيين بل لديه خطة بشأن الحلف، لهذا يمكن أن يدعو دول الاتحاد الأوروبي لبناء دفاعاتهم وإيقاف المواجهات مع روسيا في مقابل السعي إلى التركيز على المواجهة مع الصين.
“سبب داخلي أميركي”
بدورها، رأت إيلينا سوبونينا، مستشارة المركز الروسي للشؤون الدولية، أن “استقدام قوات من كوريا الشمالية لا يتناسب مع التصعيد من قبل إدارة بايدن حيث إن موسكو كانت فرحة بفوز ترمب وكانت تعد نفسها لبدء مفاوضات مع الإدارة الأميركية الجديدة لكن بايدن وإدارته خلطوا كل الأوراق”.
وأضافت سوبونينا في حديث لـ “التلفزيون العربي” من موسكو، أن “السبب الرئيسي لتزويد كييف بالصواريخ يعود لسبب داخلي أميركي”، معتبرة أن “بايدن لا يعنيه مصير أوكرانيا ويريد أن يحفر حفرة لترمب”.
واستدركت بالقول: “أوكرانيا هي الضحية وهي من تدفع الثمن من دم مواطنيها”، لافتة إلى أن “التلويح الروسي بالنووي مرتبط بتطورات الأحداث بشكل سيئ”.
وأردفت: “روسيا يمكن أن تستهدف مواقع الطاقة وصنع القرار في أوكرانيا بدون اللجوء إلى استخدام السلاح النووي، ولكن هذا كله مرتبط بمدى إقدام كييف على ضرب مواقع حساسة في روسيا”.
“بوتين ينتظر ترمب”
بدوره اعتبر بيير هاسكي، وهو صحافي مختص بالشؤون الدولية، أن “الأوروبيين يعتبرون أن الانتصار الروسي سوف يهدد أمن القارة الأوروبية وهذا ما أكدت عليه دول مثل بولندا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا وحتى بريطانيا”.
وأضاف هاسكي في حديث إلى “التلفزيون العربي” من باريس، أن “بوتين يشتري الوقت في انتظار تولي ترمب الحكم ويحدوه الأمل أن يقدم الرئيس المنتخب أوكرانيا له على طبق من فضة بينما يحاول الأميركيون إقناع الجانب الأوكراني بعدم الاستسلام وتحسين أوراقه الميدانية قبل الدخول في مفاوضات”.
وبشأن الموقف الأوروبي من احتمال عقد ترمب صفقة ما مع بوتين بشأن أوكرانيا، قال هاسكي: “إن الأوروبيين ليس لديهم القدرة على دعم أوكرانيا من دون مساعدة الأميركيين”.