في العاصمة دمشق، وفي مدن سوريا كافة، خرجت مسيرات احتفالية في أول جمعة تلي سقوط النظام السابق، “جمعة النصر” كما سمّاها السوريون.
ورفع المتظاهرون، وحتى في المناطق التي كانت محسوبة شعبيًا على النظام، علم الاستقلال السوري، مرددين شعارات توحيد البلاد. وهو ما دعا إليه القائد العام لإدارة العمليات العسكرية في سوريا، أحمد الشرع، من خلال تأكيده على ضرورة عمل جميع السوريين من أجل بناء وطنهم.
وفي غضون ذلك، تـتواصل ردود الفعل الدولية بشأن ما يجري في سوريا.
ومن العاصمة التركية أنقرة، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني لبينكن، الذي يقود زياراتٍ مكوكيةً في المنطقة، إن هناك توافقًا دوليًا على ما هو مطلوب من الحكومة القادمة في سوريا.
الحاجة لحكومة تعزّز الاستقرار في سوريا
وأكد بلينكن خلال لقائه نظيره التركي هاكان فيدان، على ضرورة تشكيل حكومة تعزّز الاستقرار في سوريا، وتشمل جميع الأطراف، ولا تـشكّل أي تهديد لجيرانها.
ومن جانبه، أشار وزير الخارجية التركي إلى أن استقرار سوريا ومنع هيمنة تنظيم الدولة وحزب العمال الكردستاني من أولويات بلاده.
وتأتي هذه التطورات المتسارعة في ظل صدور قرار عربي يدين توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا وجبل الشيخ ومحافظتَي القنيطرة وريف دمشق، ويعتبر ذلك مخالفًا لاتفاق فك الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل عام 1974.
إلى ذلك، يُنتظر أن تُعقد غدًا اجتماعات في العقبة الأردنية لبحث الوضع السوري وسبل تحقيق عملية انتقالية بمشاركة أطراف عربية، بالإضافة إلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وتركيا.
“مرحلة ولادة لسوريا الجديدة”
وفي هذا السياق، اعتبر الباحث في مركز حرمون للدراسات المعاصرة عمر إدلبي أن الاحتفالات التي شهدتها المدن السورية تعبّر عن أماني السوريين بأن تكون هذه المرحلة “مرحلة ولادة لسوريا الجديدة”.
ولفت إلى أن هذه الولادة يجب أن تكون مبنية على نظرة مستقبلية وخطة عمل ومنهجية واضحة بشأن تشكيل النظام السياسي الجديد في سوريا قائم على مشاركة الجميع، الأمر الذي استدعى من المتظاهرين التشديد على الوحدة الوطنية وتجاوز إرث الماضي من الصراع والاقتتال الداخلي، بحسب إدلبي.
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من الدوحة، أشار الباحث إلى أن التطلع للمستقبل “لا يستوي من دون محاسبة من ارتكب الجرائم بحق السوريين وبدّد الفرص أمام انتقال سلمي للسلطة، كان يمكن أن ينجح لو استجاب نظام الحكم في سوريا”.
اجتماعات العقبة
وفي ما يتعلق بالاجتماعات المرتقبة في العقبة، أوضح نائب رئيس الوزراء الأردني الأسبق الدكتور جواد العناني أن الاجتماعات التي ستُعقد في العقبة ستحضرها جميع الدول العربية المجاورة لسوريا.
كما ذكر في حديث للتلفزيون العربي من عمّان، أن “تركيا والولايات المتحدة الأميركية ستحضران بدورهما هذه الاجتماعات”.
ففيما تحدث عن “مخاوف” لدى الكثير من الأطراف بشأن الجهة الحاكمة الآن في سوريا، أشار إلى أن هذه الأخيرة أبدت روحًا إيجابية تجاه التعاون ولا يجوز إدارة الظهر لمثل هذا الموقف، ويجب إعطائها فرصة.
واعتبر أن اجتماع العقبة سيكون إحدى الفرص المهمة التي يمكن من خلالها التوصل إلى مبادئ يتم الاتفاق عليها.
“رغبة دولية بأن تسير الأمور في سوريا بسلاسة”
ومن جهته، أشار الكاتب السوري عمر قدور إلى أن “المواقف الدولية والإقليمية تتوافق على التغيير في سوريا وفق القرار الدولي 2254، وهو أمر يريده عدد كبير من السوريين، ويتمثل بقيام عملية سياسية انتقالية بمساعدة دولية وليس إشرافًا دوليًا”.
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من باريس، رأى قدور أن الدعم الإقليمي العربي لسوريا أمر مطلوب من أجل تطبيق القرار الدولي، الذي ينص على الانتقال السياسي التشاركي في سوريا دون أن يقصى أي طرف.
ولفت إلى وجود رغبة دولية بأن تسير الأمور في سوريا بسلاسة، وهو ما ظهر في الرغبة الدولية بتجنيبها المسار الأصعب، معتبرًا أنه كان من الممكن أن يكون سقوط النظام دمويًا ويجر عمليات ثأر.