في خطوة لافتة ضمن مسار الانتقال السياسي في سوريا بعد الإطاحة بحكم بشار الأسد، أصدر الرئيس السوري أحمد الشرع قرارًا بتشكيل لجنة من سبعة خبراء قانونيين، منهم سيدتان، لصياغة مسودة الإعلان الدستوري الذي سيحدّد ملامح المرحلة الانتقالية في سوريا.
وجاء في البيان الصادر عن رئاسة الجمهورية أن هذه الخطوة تأتي “انطلاقًا من تطلعات الشعب السوري في بناء دولته على أسس القانون، وبناء على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني”، في إشارة إلى المؤتمر الذي عقد الأسبوع الماضي، والذي ركزت إحدى ورشه على القضايا الدستورية.
“مواد مسربة”
وضمت اللجنة شخصيات قانونية بارزة، منها أستاذ قانون دستوري وعميدا كلية الحقوق في جامعتي دمشق وحلب وأستاذة قانون عام وخبير في القانون الدولي.
وبعد ساعات من الإعلان عن اللجنة، بدأت وسائل إعلام بنشر مواد مسربة قالت إنها ضمن مسودة الإعلان الدستوري المرتقب، ما أثار تساؤلات عن مدى استقلالية اللجنة عن التوجيهات الرئاسية.
وبحسب تصريحات أعضاء اللجنة، فإن “هناك محددات عامة وضعتها الرئاسة، وإن دورها سيكون تقنيًا بالأساس، يركز على الصياغة القانونية”، وهو ما يوحي بأن القرارات السياسية الكبرى قد حسمت سلفًا، بينما تقتصر اللجنة على وضع الإطار القانوني لها.
قرار تشكيل اللجنة لم يحدّد أيضًا إطارًا زمنيًا لإنجاز العمل، وترك الباب مفتوحًا أمام تساؤلات واسعة عن طبيعة المرحلة المقبلة واتجاهاتها السياسية والدستورية.
نقاشات موسعة
وقد دخلت المنصات السورية في نقاشات موسعة بشأن اللجنة وطريقة تكليفها وعملها ومستقبلها. وكتب ياسر مشهور: “الاستقرار الحقيقي لا يتحقق عبر القرارات الفوقية، بل عبر توسيع قاعدة المشاركة، حتى لو بدا ذلك وكأنه تنازل عن بعض الصلاحيات”.
وأردف: “في اللحظات الحرجة يكون التنازل المدروس الطريق الوحيد لضمان استقرار أوسع، وبناء دولة يشعر الجميع بأنها تمثلهم حقًا”.
أما الكاتب أحمد أبازيد فقال: “في مرحلة انتقالية صعبة ومعقدة في بلد ما زال مهددًا بالاحتلال والتقسيم، فإن خوف السلطة من وجود مراكز قوى متعددة قد يكون مدخلًا لنفوذ آخر.. التوافق الوطني لا يمكن بناؤه من دون قوى سياسية واجتماعية هي الضامن لعدم هدم هذا التوافق وليس الأفراد”.
من جانبه، كان لمهند العلواني رأي آخر يقول به: “المبالغة في المثالية في وقت تهدّد البلد جديًا بالتقسيم سيؤدي إلى التعطيل وسيدخل البلاد في دوامات نحن بغنى عنها. الرؤية للقيادة منذ البداية هي محاولة ضمان تمثيل واسع قدر الإمكان مع المحافظة على ديناميكية الفريق العامل، وهذا يتطلب قدرًا ما من تركيز السلطات”.