ضمن أحد أهم التطورات في الصراع المستمر بالسودان منذ عامين، أعلن الجيش السوداني تمكنه من استعادة السيطرة بشكل كامل على القصر الجمهوري ووزارات ومؤسسات حكومية في العاصمة الخرطوم.
وأكد الجيش السوداني أن السيطرة جاءت بعد معركة عنيفة تمكن خلالها من القضاء على أفراد ومعدات قوات الدعم السريع، والاستيلاء على كميات كبيرة من معداته وأسلحته بالمناطق المذكورة، بحسب بيانه.
وأشار أيضًا إلى مطاردته لمن وصفهم بعناصر العدو في الخرطوم، وأنه مصرّ على الاستمرار في القتال حتى تحرير كامل البلاد من عناصر الدعم السريع، على حد تعبيره.
معركة الخرطوم
في المقابل، أعلنت قوات الدعم السريع أن معركة الخرطوم لم تنته بعد، وأنها موجودة في محيط القصر الجمهوري.
وأضافت “الدعم السريع” أن أفرادها ما زالوا يقاتلون بشجاعة وإصرار من أجل تحرير جميع المواقع التي استعادها الجيش وصولًا إلى تحرير كامل الوطن، على حد تعبيرها.
لكن التراجع الأخير جاء بالرغم من تعهد قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو قبل أيام بأن قواته ستبقى في الخرطوم ولن تخرج من القصر الجمهوري.
وبعد ساعات من سيطرة الجيش، استهدفت قوات الدعم السريع القصر الجمهوري بمسيرة، ما أسفر عن مقتل وجرح عدد من أفراد الجيش السودان وعاملين في التلفزيون الرسمي.
وفي منظور خبراء عسكريين، فإن الجيش إذا تمكن من استعادة الخرطوم كاملة، سيمثل ذلك انتصاراً كبيرا للقوات المسلحة السودانية، ولحظة محورية في الصراع المتواصل منذ عامين.
لكن التطورات العسكرية تأتي في ظل تسبب الحرب الطويلة بأزمة إنسانية كبيرة، وفق الأمم المتحدة التي اتهمت كلًا من قوات الجيش والدعم السريع بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان.
ما هي دلالات السيطرة على القصر الجمهوري؟
وفي هذا الإطار، يرى الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية صلاح خليل أن القصر الجمهوري يمثل رمزًا لسيادة الدولة السودانية، كما أنه يُعد انتصارًا كبيرًا للجيش.
وفي حديث للتلفزيون العربي من القاهرة، يوضح خليل أن السيطرة على القصر الجمهوري تعني بداية لتفكيك ميليشيات الدعم السريع التي حاولت كثيرًا أن تقوم بعملية تدمير للبنية التحتية وممتلكات الشعب السوداني، حسب قوله.
وتابع أن السيطرة على القصر تمثل قوة للدولة السودانية وليس فقط للجيش، مشيرًا إلى أن هذا الأخير استخدم تكتيكًا وخططًا إستراتيجية محكمة قصيرة المدى للسيطرة على القصر الجمهوري.
ويضيف صلاح خليل أن هزيمة قوات الدعم السريع، جاءت بعد القضاء على قياداتها الأولى، وهروب من تبقى منهم.
أعلن الجيش تمكنه من استعادة السيطرة بشكل كامل على القصر الجمهوري – القوات المسلحة السودانية
من المستفيد من الحرب في السودان؟
من جهته، ذكر رئيس مركز “سدرا للدراسات” عبد الكريم جبريل القوني أن القصر الجمهوري كان تحت سيطرة الدعم السريع لأكثر من عامين، وتساءل: “هل كان لذلك أي أهمية إستراتيجية عسكرية طيلة هذه الفترة؟”.
وفي حديث للتلفزيون العربي من جوهانسبرغ، يضيف القوني أن الشعب السوداني لا يريد هذه الحرب، بل يريد وقفها في أي وقت.
وفيما أشار إلى أن الحرب في السودان لا زالت مستمرة، يلفت القوني إلى أن قوات الدعم السريع موجودة في كل الأماكن التي كانت موجودة فيها، وانسحبت انسحابًا تكتيكًا تقتضيها عملياتها العسكرية، حسب رأيه.
وقال القوني: إن “قائد قوات الدعم السريع لم يصرح منذ أن عرفه الناس أي تصريح كان فيه كذب على الشعب السوداني”، مشيرًا إلى أن دقلو كان قد أكد في وقت سابق أن قواته لن تخرج من الخرطوم، وهي ما زالت موجودة في العاصمة.
وأردف أن ليس هناك مصلحة للسودانيين في هذه الحرب العبثية، مشيرًا إلى أن المستفيد الوحيد هم من أسماهم فلول النظام السابق.
ما هي العوامل التي ساعدت على تقدم الجيش؟
من ناحيته، يعتبر الكاتب الصحافي السوداني بابكر عيسى أن ما حدث في القصر الجمهوري هو تحرير شهادة وفاة للدعم السريع، لأن هذه الخطوة هي عملاقة بالنسبة للقوات المسلحة السودانية.
وفي حديث للتلفزيون العربي من العاصمة القطرية الدوحة، يضيف عيسى أن القصر الجمهوري يمثل رمزية ودلالة عميقة في وجدان الشعب السوداني.
وتابع أن القوات المسلحة السودانية استخدمت تكتيكًا عسكريًا ذكيًا في مهاجمة القصر الجمهوري رغم التحصينات الكبيرة لقوات الدعم السريع، لتحقيق هذه الاختراق، ورفع علم السودان فوق القصر.
ويشير عيسى إلى أن هذه الخطوة سيكون لها ما بعدها في عملية الدفع المعنوي للقوات المسلحة السودانية.