على وقع مطالبات برفع العقوبات، كشفت مصادر دبلوماسية عن تسليم واشنطن قائمة شروط إلى دمشق مقابل الإعفاء من بعض العقوبات.
وفي التفاصيل كشفت وكالة “رويترز” استنادًا إلى مصادر دبلوماسية عن أول اتصال مباشر بين دمشق وواشنطن في عهد دونالد ترمب، خلال لقاء خاص في بروكسل بين وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني وناتاشا فرانشيسكي نائبة مساعد وزير الخارجية الأميركي، حيث سلَّمت الولايات المتحدة إلى سوريا قائمة شروط مقابل إعفاء أو تخفيف جزئي لبعض العقوبات المفروضة عليها، من دون الإشارة إلى نوعية التخفيف المقدَّم ودون تحديد جدول زمني لتلبية هذه الشروط.
وتشير الوثيقة إلى طلب أميركي بتدمير سوريا لأي مخازن أسلحة كيماوية متبقية فيها، والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب والتعهد بعدم تولي بعض المقاتلين الأجانب مناصب قيادية في الإدارة السورية، وتفكيك الوحدات العسكرية التي تضم هؤلاء المقاتلين، إلى جانب تعيين منسق اتصال لدعم جهود واشنطن للعثور على الصحفي الأميركي أوستن تايس الذي فُقد في سوريا منذ ما يزيد عن عشر سنوات.
من جهتها، تشجع المندوبة الأميركية في مجلس الأمن السلطات السوريةَ على التواصل مع المجتمع الدولي لدعم العملية الانتقالية الشاملة.
وتشير إلى أن سوريا تمرّ بمرحلة مفصلية بعد سقوط نظام الأسد، مشدّدةً على أن إقصاء أو عدم مشاركة جميع المكونات السورية يعني فشل التجربة الجديدة.
بدوره، رأى المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون أنَّ السوريين يطالبون بعدالة شاملة مؤكدًا على ضرورة الدعم الدولي الجدي للسماح بالتعافي الاقتصادي.
مطالب “سهلة التنفيذ”
وفي هذا السياق، يشير كبير المحررين في صحيفة “نيوزويك” بيتر روف إلى أن الولايات المتحدة اقترحت رفع العقوبات مقابل البحث عن الصحفي أوستن تايس والتأكد من عدم دخول مقاتلين أجانب إلى سوريا، معتبرًا أنها أمور مهمة للشعب السوري.
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من واشنطن، يلحظ روف أن البيت الأبيض لم يعلن عن مهلة زمنية لتنفيذ المطالب، معتبرًا أن المطالب الأميركية سهلة التنفيذ وربما يتطلب بعضها تنسيقًا مع الأمم المتحدة.
ويقول: “نأمل أن نرى نهاية لإراقة الدماء وأن نرى سوريا تعود إلى عائلة الأمم الديمقراطية وسنرحّب بها”.
خشية من “ابتزاز”
من جهته، يعتبر الباحث في مركز الشرق للدراسات سعد الشارع أن تسمية المطالب الأميركية بشروط يمثل إشكالية لدى الإدارة السورية.
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من دمشق، يقول الشارع: “إنه من الغرابة أن نتوقع أن لا تكون المطالب الأميركية بهذا المستوى”.
ويلفت إلى أن هذه المطالب تحمل عدة أبعاد ومنها أن الإدارة الأميركية ربما تكون جادة في خلق حالة تعاون مع الإدارة السورية الجديدة خاصة أن بعض هذه المطالب يتضمن تعاونًا مباشرًا ولا سيما قضية الصحافي الأميركي أوستن تايس، وفي عملية تنسيق الولايات المتحدة الأميركية في سوريا لقتال الإرهاب المتمثل بتنظيم الدولة.
من جهة أخرى، يشير الشارع إلى “خشية لدى الإدارة السورية من أن يكون الأمر أشبه بعملية “ابتزاز”، بحيث لن يتم رفع العقوبات إذا لم تُنفّذ المطالب بشكل جزئي أو كلّي.
وفي الوقت نفسه، يعتبر الباحث في مركز الشرق للدراسات أن “تسريب هذه المطالب قد يفتح بابًا جديدًا للمحادثات التي ستجري بين الإدارتين في الأيام القادمة وربما قد تكون مباشرة”.
انقسام أميركي
من جانبه، يرى مدير وحدة تحليل السياسات بالمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات مروان قبلان
أنه “ليس هناك إجماع في إدارة ترمب على كيفية التعامل مع الوضع الجديد في سوريا”، مشيرًا إلى “انقسام داخل الإدارة الأميركية بين تيارين أحدهما يفضّل الانخراط مع الإدارة السورية الجديدة، فيما يأخذ التيار الآخر موقفًا أكثر تشددًا”.
وفي حديث إلى التلفزيون من الدوحة، يعتبر قبلان أنه في الملف السياسي لا تغيير بالموقف بين إدارة ترمب وإدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما، لافتًا إلى أن أهمية ما جرى في بروكسل يتمثل بكونه “أول اتصال على المستوى السياسي بين إدارة ترمب والإدارة السورية الجديدة”، رغم أن الاتصالات الأمنية العسكرية لم تنقطع بدليل أن الاتفاق بين الإدارة السورية وقوات سوريا الديمقراطية جرى بوساطة أميركية.
قبلان يصف الاتصال الأول على الصعيد السياسي بين الإدارتين “بالتطور الإيجابي”، معتبرًا أن التيار الأميركي الذي يدفع باتجاه الانخراط مع الإدارة السورية ربما حقّق خطوة باتجاه الدفع بمقاربته إلى الأمام.