تغيرت روزنامة تونس وبات يوم السابع من أبريل/ نيسان، تاريخًا يحمل دلالات وطنية خاصة بالنضال الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي.
وبدأت القصة صبيحة يوم أمس الإثنين السابع من أبريل عندما تجمع آلاف الطلاب في مظاهرات منددة بالعدوان الإسرائيلي على غزة.
الفارس ترجل عن جواده
وفي المدرسة العليا للعلوم وتكنولوجيات التصميم بمنطقة الدندان بالعاصمة، صعد الطالب فارس خالد إلى بناية شاهقة العلو لتعليق علم فلسطين تضامنًا مع الاحتجاجات الطلابية التي عمت محافظات تونس.
وصعد فارس ولكنه لم يعد بل ترجل نحو مثواه الأخير، إذ سقط إثر انزلاق قدمه وفارق الحياة بعد ثوان من وقوعه على الأرض.
الحادثة رغم قسوتها، أخذت بُعدًا إنسانيًا ووطنيًا؛ إذ حوله الطلاب إلى رمز للوفاء بالعهود تجاه القضية الفلسطينية. ووصفوا ما حل به وقالوا: “إن فارسًا ترجل عن جواده في سبيل الدفاع عن غزة” ولهذا أطلقوا عليه لقب “شهيد العلم الفلسطيني”.
وكان وقع الحادث المفاجئ ثقيلًا على ذوي فارس ولكن حاول والده التماسك وخرج في مقطع فيديو يرثي ولده، وقال: “هنيئًا له التحاقه بالمقاومة الفلسطينية”. أما والدته فجلست قرب نعشه تبكيه وتقول: “زفوه بالأعلام”.
وانتشر نبأ وفاة الطالب فارس خالد، بهذه الطريقة المشرفة كما وصفها التونسيون، بسرعة في كل أنحاء العالم وقوبل بردود فعل محلية وعربية، ونعته مؤسسات رسمية وسفارات عربية، منها سفارة فلسطين في تونس التي أصدرت خطابًا عزت فيه أسرة الشهيد وعبرت عن خالص مواساتها لذوي الفقيد.
“راية لا تنكس”
وأصدر المكتب التنفيذي الوطني للاتحاد العام التونسي للشغل، أيضًا بيانًا جاء فيه: “استشهاد فارس خالد في يوم تضامن عالمي وهبة طلابية نصرة لفلسطين ولغزة، يؤكد بلا مراء أن شعب تونس لن يتخلى عن فلسطين ولن يرضى لشعبها غير أرضها وطنًا.. مضى خالد وهو يرفع راية لا تنكس”.
كذلك أصدر مكتب العمل الشبابي في حركة حماس بيان نعي لفارس ووصف قيامه برفع علم فلسطين بالعمل البطولي وقال: “إذ نرفع أسمى آيات العزاء والمواساة إلى عائلته الكريمة ورفاقه ومحبيه، فإننا نحتسبه عند الله شهيدًا بإذنه وندعو له بالرحمة والمغفرة ولأهله وذويه بالصبر والسلوان”.
وقبل ساعات خرج التونسيون في جنازة مهيبة لتشييع فارس إلى مثواه الأخير.
وقد عبّر رسام الكاريكاتور محمود عباس عن تعاطفه مع الشهيد من خلال صورة تظهر فارس وهو ملفوف بالعلم الفلسطيني.
وقوبل موقف فارس خالد الوطني بتفاعل واسع على منصات التواصل.
“قضية تستحق التضحية”
الكاتب والباحث الأكاديمي بن سعيد قال: “فارس أصبح رمزًا للشباب التونسي المتضامن مع القضية الفلسطينية تاركًا خلفه رسالة مفادها أن هناك قضايا تستحق التضحية”.
وكتب خالد وهو ناشط تونسي: “عندما تزغرد أم فارس خالد وهو مسجى فأعلم أن النصر قادم يومًا ما، زغاريد القضية تنطلق من تونس إلى غزة كأنها تخترق حواجز ومعابر العار لقد كان يومًا مليئًا بالرسائل ختامها زغاريد تزف شابًا تونسيًا آمن بحق شعب مظلوم في الحياة بحرية”.
وقال عبد القاهر: “نعرف هذا الألم مرت علينا فترة إبان الانتفاضة كان العلم الفلسطيني عزيزًا يسقط حوله الفتيان وهم يتسلقون القمم ليبقى عاليًا شامخًا قاهرًا للاحتلال”.
أمّا صانع المحتوى صدام عكرمي فقال: “فارس خالد.. كأن اسمه كان وعدًا تحقق.. فكان فارسًا في الموقف وخالدًا في الذاكرة”.