اقتحم أكثر من 3 آلاف مستوطن متطرف باحات المسجد الأقصى، اليوم الأحد، فيما وصف بأكبر اقتحام عددي خلال يوم واحد للمسجد المبارك منذ احتلاله في ظل تصاعد غير مسبوق في انتهاكات المستوطنين بذكرى ما يسمى “خراب الهيكل” وإجراءات أمنية مشددة في القدس ومحيط الأقصى.

وتقدم وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير المسجد الأقصى أفواج المقتحمين، صباح اليوم الأحد، وسط حراسة أمنية مشددة من قِبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، ودعا لاحتلال قطاع غزة التي تشن إسرائيل حربا مدمرة ضده منذ 22 شهرا، كما شارك في الاقتحامات عضوا الكنيست (البرلمان) عن حزب الليكود عميت هليفي وشارين هاسكل، ووزير “تطوير النقب والجليل” يتسحاق فاسرلاوف.

وأظهرت صور وصول وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس إلى حائط البراق غربي المسجد الأقصى. وقال إن “إسرائيل، ورغم انتقادات كارهيها حول العالم، ستقوّي سيطرتها وسيادتها على القدس وجبل الهيكل إلى الأبد”.

وأغلق باب المغاربة، في الجدار الغربي من المسجد الأقصى، اليوم بعد اقتحام 3969 مستوطنا ومستوطنة، مقارنة بـ2958 اقتحموه في المناسبة ذاتها من العام الماضي، و2180 عام 2023 وفقا لإحصائيات دائرة الأوقاف الإسلامية في المدينة المقدسة، ويعد هذا الاقتحام هو الأكبر منذ احتلال المسجد الأقصى عام 1967.

وسمحت شرطة الاحتلال بوجود 6 أفواج من المتطرفين داخل المسجد الأقصى دفعة واحدة، إذ أدخلت من باب المغاربة فوجا يضم عشرات المستوطنين كل 10 دقائق، ونُصبت لهؤلاء المظلات أمام باب المغاربة من الخارج لحمايتهم من أشعة الشمس خلال انتظارهم بالطوابير، ووفرت لهم الجماعات المتطرفة المواصلات المجانية ومرشدين رافقوهم خلال الاقتحام.

طقوس غير مسبوقة

ورصدت الكاميرات أداء ما يُعرف بـ”صلاة بركة الكهنة” من قِبل مجموعات من المستوطنين داخل الأقصى، في تجاوز واضح للمنطقة الشرقية التي كانت تقتصر عليها هذه الطقوس سابقا، حيث امتد أداؤها إلى مواقع عدة داخل باحات المسجد.

و”صلاة بركة الكهنة” هي صلاة توراتية خاصة يقوم الحاخام خلالها بمرافقة تلاميذه ويرفعون فيها أيديهم ويبسطونها فوق رؤوسهم، مع تلاوة فقرات من “سِفر العدد” في التوراة.

وشهدت الاقتحامات ارتفاعًا في أعداد المستوطنين الذين تنافسوا على رفع أصواتهم أثناء أداء الطقوس، في حين سُمعت أصوات صلواتهم خارج أسوار المسجد، تحت غطاء أمني مكثف.

وفي الأثناء، واصلت قوات الاحتلال المتمركزة عند أبواب البلدة القديمة بالقدس عرقلة وصول الأهالي إلى داخل البلدة القديمة تزامنا مع اقتحامات المستوطنين للمسجد.

ضوء أخضر من حكومة متطرفة

واعتبر إمام وخطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري ما يجري في المسجد الأقصى من اقتحامات انتهاكا لحرمته ولحرية العبادة.

وقال، في حديث مع الجزيرة، إن الاحتلال يحاول فرض وقائع جديدة بهدف السيطرة على الأقصى، ودعا الدول العربية للضغط على سلطات الاحتلال لوقف ممارساتها.

من جانبها، قالت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية، الأحد، إن اقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، للمسجد الأقصى في مدينة القدس الشرقية المحتلة، جرى بضوء أخضر من حكومة متطرفة تسعى للسيطرة على المقدسات الإسلامية.

وفي بيان لها، اعتبرت الوزارة اقتحام الأقصى “خطوة تضرب بعرض الحائط مشاعر المسلمين في أنحاء العالم كافة، وليس في فلسطين وحدها”.

وأكدت أن “المقدسات الإسلامية أصبحت عرضة لانتهاكات عصابات المستعمرين (المستوطنين الإسرائيليين) اليومية، الذين يعملون بغطاء حكومة يمينية، تسعى بشكل حثيث إلى السيطرة على مقدساتنا الإسلامية والمسيحية، من خلال خطة ممنهجة ومحددة بشكل واضح”.

واعتبرت ما يقوم به الاحتلال داخل المسجد الأقصى من خلال مسؤوليه السياسيين، انتهاكا لقدسيته ولملكية المسلمين الخالصة له، وهذا يقتضي العمل بشكل جاد على إيقافه، والحد منه بشكل كامل وبكل قوة.

ودعت وزارة الأوقاف إلى توافد أبناء الشعب الفلسطيني على المسجد الأقصى وشد الرحال إليه، والمرابطة فيه بشكل دائم وفق برنامج محدد ودقيق.

كما طالبت المؤسسات الدولية المعنية بحقوق الإنسان ومتابعة الأماكن الدينية، “بالعمل على كف يد الاحتلال الذي أصبح يعبث بأرضنا ومقدساتنا دون رقيب، خاصة في ظل هذه الحكومة اليمينية العنصرية التي تعطي الضوء الأخضر لهذا المتطرف وأعوانه لاقتحام المسجد الأقصى”.

وفي بيان آخر، قالت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية، الأحد، إن المستوطنين الإسرائيليين اقتحموا المسجد الأقصى 27 مرة خلال يوليو/تموز الماضي، فيما منع الجيش الإسرائيلي رفع الأذان في المسجد الإبراهيمي بمدينة الخليل 51 وقتا.

مستوطنون يؤدون طقوسا عند إحدى بوابات المسجد الأقصى بالتزامن مع الاقتحامات (أسوشيتد برس)

إدانات

وأدانت دول عربية وحركتا المقاومة الإسلامية (حماس) والجهاد الإسلامي الأحد، اقتحام بن غفير، المسجد الأقصى برفقة مستوطنين وتحت حماية الشرطة الإسرائيلية.

واعتبرت الرئاسة الفلسطينية، في بيان الأحد، اقتحام المسجد الأقصى، واعتداءات المستوطنين الإسرائيليين على الفلسطينيين بالضفة الغربية المحتلة تصعيدا خطيرا “يعكس إرهابا منظما بحماية تل أبيب”.

بدورها، أعربت الخارجية السعودية في بيان عن “إدانة المملكة بأشد العبارات الممارسات الاستفزازية المتكررة من قِبل مسؤولي حكومة الاحتلال الإسرائيلي بحق المسجد الأقصى المبارك”. وقالت الوزارة إن الممارسات الإسرائيلية الاستفزازية بحق المسجد الأقصى تقوّض فرص السلام وتؤجج الصراع في المنطقة.

من جانبه، أدان بيان للخارجية الأردنية اقتحام بن غفير الجديد للمسجد، تحت حماية الشرطة الإسرائيلية، مؤكدا أنه “لا سيادة لإسرائيل على المسجد الأقصى”.

وشددت على أن ذلك يمثل “انتهاكا صارخا للوضع التاريخي والقانوني القائم في المسجد الأقصى، ومحاولة لتقسيمه زمانيا ومكانيا، وتدنيسا لحرمته”، محذرة من “عواقب استمرار هذه الانتهاكات المستفزة واللا شرعية للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس”.

من جانبها، استنكرت حركة حماس في بيان لها الاقتحام، معتبرة أنه يأتي في ظل حرب التجويع الممنهجة التي يواجهها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وعمليات القتل والإرهاب في الضفة بيد جيش الاحتلال وقطعان مستوطنيه، وفقا للبيان.

كما حمّلت حركة الجهاد الإسلامي “حكومة الاحتلال وشركاءها في الإدارة الأميركية المسؤولية الكاملة عن تبعات هذه الانتهاكات”، وأدانت الحركة وقوف الأمة العربية والإسلامية متفرجة على هذه الجرائم والمجازر التي تُرتكب بحق فلسطين وشعبها ومقدساتها دون أن تحرك أنظمتها وشعوبها ساكنا، وفقا للبيان.

شاركها.
Exit mobile version