صادف اليوم الذي يجب أن يفتح فيه الاحتلال الإسرائيلي حواجز نتساريم أمام النازحين من شمال غزة للعودة، نفس اليوم الذي تنتهي فيه مهلة الستين يومًا المنصوص عليها في الاتفاق بين الاحتلال وحزب الله، والتي بموجبها يجب أن ينسحب جيش الاحتلال من المناطق التي دخلها جنوب لبنان خلال الحرب، وبالتالي يتمكن النازحون من العودة لمنازلهم وقراهم.
لكن، على الجبهتين، لم يلتزم الاحتلال بأي من المنصوص عليه في الاتفاقين. ففي غزة يتجمع الآلاف من النازحين الراغبين في العودة إلى شمال القطاع في شارع الرشيد قرب محور نتساريم، لكن قوات الاحتلال المتمركزة هناك، لا تسمح لهم حتى الآن بالمرور.
وبات الفلسطينيون العائدون للشمال ليلتهم في الشوارع في انتظار لحظة فتح الطريق.
أمّا الحجة التي يسوقها الاحتلال في تبرير عدم فتح الطريق أمام النازحين للعودة إلى شمال القطاع، فهي عدم تسليم المقاومة للمحتجزة أربيل يهود، كما ربط فتح الطريق أمام النازحين، بتسلمها من المقاومة.
الجنوبيون يواجهون رصاص الاحتلال
وفي جنوب لبنان أيضًا، لم يختلف المشهد كثيرًا عمّا جرى قرب محور نتساريم في غزة، فالأهالي بيَّتوا النية منذ يوم أمس على العودة أفواجًا إلى قراهم جنوبي البلاد، وأيضًا لم يسمح لهم جيش الاحتلال بذلك.
لكن أفواجًا من العائدين وصلت إلى حدود بلدات لبنانية يتمركز فيها جيش الاحتلال، خصوصًا البلدات الموجودة على الشريط الحدودي، فأطلق النار تجاههم، ما أدى إلى استشهاد أكثر من عشرين شخصًا حتى الآن، بينهم جندي في الجيش اللبناني، كما أصيب العشرات.
ومن بين مشاهد محاولات العودة اللبنانية، برز مشهد سيدة تقف بثبات فاتحة ذراعيها، في مواجهة رصاصات يطلقها جنود الاحتلال تجاه مجموعة من العائدين إلى بلدة مارون الراس.
إصرار على العودة
وقد تفاعلت مواقع التواصل الاجتماعي بشكل كبير مع مشاهد إصرار الفلسطينيين واللبنانيين على العودة إلى مناطقهم.
ويقول عبد الرحمن عن مشهد انتظار آلاف الفلسطينيين العودة: “شعب كهذا ينتظر بفارغ الصبر العودةَ إلى الشمال المدمَّر بالكامل تقريبًا، ويعني حرفيًا العودة نحو المجهول؛ هذا شعب لا يستطيع ترمب أن يجبَره على شيء، لا هجرة نحو مصر، ولا هجرة نحو المريخ”.
أمّا محمود فيقول: “الآن أصبح الضامن الوحيد للوجود الفلسطيني ومن خلفه الوجود الاستراتيجي العربي كاملًا، هو تمسك هؤلاء الناس بالعودة إلى أرضهم والبقاء فيها والدفاع عنها”.
ويعلّق حسن على مشاهد العودة في لبنان ويقول: “مشاهد التلاحم بين المقاومة والشعب والجيش في لبنان لدى عودة الأهالي إلى مناطقهم في الجنوب تسـرُّ الناظرين وتؤكد بما لا يقبل الشك؛ نجاح الوحدة في الدفاع عن الأرض”.
أما أحمد، فيرى أن عودة النازحين لابدّ أن تتم الآن، وإلا فإنّ تحققها في الأيام القادمة سيكون أمرًا صعبًا. ويقول: المراحل صعبة وحرجة جدًا جدًا، وإذا لم تتمَّ عودة النازحين في هذه الأيام فإن الأيام القادمة ستكون العودة فيها مستحيلة، لأن الكيان الإسرائيلي يريد أن يفرّغ الشريط الحدودي لعمل منطقة عازلة بين لبنان وفلسطين، وأميركا تساعده وتسانده للقيام بذلك.