استبقت قيادات بارزة في مدينة مصراتة، الواقعة غرب ليبيا، وقوع انتكاسة أمنية بالعاصمة، تتعلّق بـ«هدنة طرابلس»، وأكّدت دعمها لقوات «فض النزاع» برئاسة محمد حصّان، التي تعمل على الفصل بين المتقاتلين بالعاصمة.
وكانت قوات «فض النزاع» بالعاصمة، التي تُمارس مهامها عبر نقاط تماس بين المتقاتلين منذ منتصف مايو (أيار) الماضي، قد تعرّضت لهجوم من ميليشيات محسوبة على مصراتة الأربعاء، واستولت على بعض آلياتها، ما دفع رئيس القوات حصّان إلى التهديد بالانسحاب.
وسارعت قيادات بارزة في مصراتة، من بينهم فتحي باشاغا، وسالم جحا، وعثمان الطاهر عيسى، إلى بحث التطورات خلال اجتماع عقدوه مساء الأربعاء في المدينة، التي تُعد مسقط رأس عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة.
وسعى الحاضرون إلى تدارك وقوع أزمة بين مصراتة وطرابلس، مؤكدين رفضهم لما وصفوه بـ«الفتنة والمخطط» الرامي إلى إشعال فتيل الحرب من جديد في العاصمة.
وأمام المخاوف من حدوث فراغ في نقاط التماس بين المتقاتلين، وانهيار الهدنة التي سبق أن رعتها البعثة الأممية والمجلس الرئاسي الليبي، تراجع حصّان عن تهديده بسحب قواته، وقال «نُطمئنكم أهلنا في ربوع ليبيا الحبيبة بأننا ما زلنا، وسنبقى، في صفوف السلام الأولى».
وأضاف حصان في بيان مساء الأربعاء: «متمسكون بمهمتنا في فصل النزاع؛ لأننا لسنا دُعاة حرب، وقوات (فض النزاع) تنتشر حالياً في تمركزاتها داخل عاصمتنا الحبيبة طرابلس».
وتعيش العاصمة الليبية «هدنةً هشّةً»، توافقت عليها السلطات الأمنية والسياسية في طرابلس لاستعادة الاستقرار، بعد قتال عنيف بين قوات موالية لحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة وعناصر مسلحة تابعة لجهاز «قوة الردع الخاصة»، وموالين له.
ومنذ توقف الاقتتال منتصف مايو الماضي، بدأت 7 كتائب وألوية مسلحة المشاركة في فصل المتقاتلين عبر نقاط تماس، تم الاتفاق عليها وسط طرابلس.
سياسياً، قالت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، إن رئيستها هانا تيتيه، تبادلت مع القائم بالأعمال الأميركي في ليبيا، جيريمي برنت، وجهات النظر حول آخر التطورات السياسية والأمنية في البلاد.
واستعرضت المبعوثة خلال اللقاء «خريطة الطريق» نحو الانتخابات، وتوحيد المؤسسات، التي قدّمتها في إحاطتها الأخيرة لمجلس الأمن الدولي في الحادي والعشرين من الشهر الحالي.
وأوضحت البعثة الأممية، مساء الأربعاء، أن لقاء تيتيه وبرنت «ركّز على سُبل دعم المجتمع الدولي لتنفيذ هذه الخريطة بشكل تدريجي؛ وضمان تحقيق نتائج ناجحة». في حين أكّد برنت «أهمية العمل مع المؤسسات الليبية لتنفيذ المرحلة الأولى من (خريطة الطريق)، والانخراط مع باقي الأطراف الرئيسية لتحقيق النتائج المرجوة».
يأتي ذلك، فيما بحث سفير الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا، نيكولا أورلاندو، مع وفد من ممثلي التبو وجهات نظرهم حول «خريطة الطريق» المقدمة من المبعوثة الأممية.
وقال أورلاندو عبر حسابه على منصة «إكس»، مساء الأربعاء، إن اللقاء، الذي جاء بناءً على طلب الوفد، ناقش «مخاوفهم بشأن مشاركة التبو في العملية السياسية»، و«الحاجة إلى تحسين الخدمات الأساسية».
وأوضح السفير الأوروبي أنه شجّع وفد التبو على «المساهمة بشكل إيجابي في العملية السياسية التي تُيسّرها الأمم المتحدة؛ واتفقنا على إطلاق مناقشات فنية حول كيفية مساعدة الاتحاد الأوروبي للمؤسسات بشكل أفضل في دعمها لمجتمعات التبو».
وكانت ستيفاني خوري، نائبة المبعوثة الأممية، قد عقدت بدورها اجتماعاً مع وفد من التبو، دعوا خلاله إلى «تعزيز مشاركتهم السياسية وتمثيلهم في هياكل صنع القرار».
وضم الوفد، المكوَّن من 12 عضواً، شخصيات سياسية وقانونية وقبلية، وأعضاء من المجالس الاجتماعية، إضافة إلى ممثلين عن فئتي الشباب والنساء، ونشطاء في المجتمع المدني، في خطوة عدّتها البعثة تعبيراً واضحاً عن انخراط التبو في جهود رسم مستقبل ليبيا.
وأعرب المشاركون عن قلقهم من «محدودية تمثيل التبو في المؤسسات السياسية على المستويين المحلي والوطني». وقال أحد المتحدثين: «تمثيلنا ليس امتيازاً، بل حق أساسي، وجزء لا يتجزأ من أي عملية سياسية عادلة وشاملة»، مقترحاً إنشاء آلية تواصل وتنسيق فعّالة بين بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ومجتمع التبو.
كما شدّد المشاركون على أهمية ضمان مشاركة فعلية للمكونات الثقافية في المسارات الدستورية، والانتخابية والمؤسسية، مع تأكيدهم ضرورة إدماج هذه المكونات في الحوار السياسي الوطني.
وأضاف أحد ممثلي المجتمع المدني قائلاً: «يجب أن تكون هناك مساحة واضحة للمكونات الثقافية في ليبيا، ونحن نطلب من الأمم المتحدة دعمنا في فتح هذا الباب».
من جهتها، قالت ستيفاني خوري إنه من الضروري أن تحظى جميع المكونات الثقافية بـ«مشاركة فعّالة في العملية السياسية. كل ليبي يجب أن يشعر بأنه جزء من مستقبل هذا الوطن».
وفي ختام الاجتماع، قالت البعثة إن موليه صالح، أحد الحاضرين، ألقى كلمة باللهجة التباوية، سلّط خلالها الضوء على غنى النسيج الثقافي في ليبيا وتنوعه.