بينما أدان العالم هذا الأسبوع مقتل عشرات الفلسطينيين الجائعين بالقرب من مواقع مساعدات تدعمها الولايات المتحدة في قطاع غزة، قامت المجموعة المسؤولة عن توزيع تلك المساعدات بتعيين قائد جديد بهدوء: مسيحي إنجيلي له صلات بإدارة ترمب.

أعلنت «مؤسسة غزة الإنسانية»، التي تأسست العام الماضي، يوم الثلاثاء أن جوني مور، وهو متخصص أميركي في العلاقات العامة، سيكون رئيسها التنفيذي الجديد، بعد استقالة المدير السابق.

جاء تعيين مور في وقت علّقت فيه المؤسسة – التي بدأت توزيع صناديق الطعام الأسبوع الماضي – عملياتها مؤقتاً يوم الأربعاء من أجل العمل على «التنظيم والكفاءة». وقد واجهت المؤسسة استقالات في صفوفها، وفوضى في مواقع التوزيع، وأعمال عنف قريبة، بما في ذلك حادثا إطلاق نار مميتان قُتل فيهما عشرات الفلسطينيين، وفقاً لمسعفين محليين.

إليك ما تجب معرفته عن مور وصلاته بإدارة ترمب:

وجود داخل المكتب البيضاوي

كان مور متحدثاً باسم جامعة ليبرتي، وهي مؤسسة مسيحية تأسست في لينشبرغ، فيرجينيا، عام 1971 على يد القس جيري فالويل، لمدة 12 عاماً، قبل أن ينتقل إلى صناعة الإعلام ويؤسس شركته الخاصة للعلاقات العامة القائمة على الإيمان.

مثّل مور مؤيدين إنجيليين مبكرين للرئيس دونالد ترمب، بمن فيهم جيري فالويل الابن، الذي خلف والده في رئاسة الجامعة، وبولا وايت، التي تقود الآن مكتب الإيمان في البيت الأبيض.

شغل مور منصب الرئيس المشارك للجنة الاستشارية الإنجيلية لحملة ترمب الرئاسية عام 2016. وكان شخصية مؤثرة خلال الولاية الأولى لترمب. وكان ضمن ائتلاف من القادة المسيحيين الذين كانوا يزورون البيت الأبيض بانتظام لحضور جلسات إحاطة سياسية، بالإضافة إلى اجتماعات الصلاة في المكتب البيضاوي.

يهود وعرب في مسيرة من تل أبيب إلى الحدود مع غزة اليوم الجمعة للمطالبة بإنهاء الحرب في القطاع والإفراج عن الرهائن (إ.ب.أ)

تم الاستحواذ على شركة مور للعلاقات العامة «كايروس»، في عام 2022، من قبل شركة «JDA Worldwide»، ويشغل الآن منصب رئيس الشركة الكبرى. عند إعلانه عن صفقة الاستحواذ على وسائل التواصل الاجتماعي، أشار مور إلى عمله في العلاقات العامة بأنه «وظيفته اليومية»، إذ كان له العديد من الأدوار والمشاريع الأخرى المرتبطة بإيمانه واهتمامه بالسياسة الخارجية، بما في ذلك تأليف كتب عن اضطهاد المسيحيين في الشرق الأوسط وأفريقيا.

مدافع قائم على الإيمان عن إسرائيل

قال مور لصحيفة «نيويورك تايمز»، في عام 2017، إنه هو وإنجيليون آخرون ضغطوا على ترمب للاعتراف بسيادة إسرائيل على القدس ونقل السفارة الأميركية إليها. وقال: «لقد كانت قضية ذات أولوية منذ وقت طويل».

يصف مور نفسه بأنه «بنّاء جسور وصانع سلام، يُعرف بعمله المؤثر في تقاطع الإيمان والسياسة الخارجية، خاصة في الشرق الأوسط».

وقد قوبل نقل السفارة بالإدانة من قبل القادة الفلسطينيين والعرب، ورؤساء العديد من الكنائس المسيحية في القدس، وجزء كبير من المجتمع الدولي الذي يرى أن وضع القدس يجب أن يُحسم، من خلال مفاوضات بشأن دولة فلسطينية مستقبلية.

مُشجّع لمايك هاكابي

مور، ككثير من الإنجيليين، ومنهم مايك هاكابي، سفير الولايات المتحدة في إسرائيل، يدعم قيام دولة يهودية استناداً إلى تفسيره للكتاب المقدَّس.

يرى بعض الإنجيليين أن دعمهم لإسرائيل جزء مهم من إيمانهم بالنبوءات التوراتية. وفي حديثه لصحيفة «واشنطن بوست» في عام 2018، قال مور إنه نصح مسؤولي البيت الأبيض بأن «مَن يبارك إسرائيل سيُبارَك».

رحَّب مور بترشيح هاكابي، قائلاً على وسائل التواصل الاجتماعي، في نوفمبر (تشرين الثاني)، إن «تعيين صهيوني غير يهودي مدى الحياة سفيراً أميركياً لدى إسرائيل يبعث برسالة قوية إلى أصدقاء أميركا وأعدائها».

وقد سار هاكابي (69 عاماً) ومور (41 عاماً) في مسارات متشابهة كشخصيات عامة ومبدعين في الإعلام المسيحي، ووُصِفا بأنهما صديقان في وسائل الإعلام الإسرائيلية. ولم تردَّ السفارة على طلب للتعليق على علاقتهما.

فلسطينيون يحملون مساعدات غذائية وزَّعتها «مؤسسة غزة الإنسانية» في رفح يوم الجمعة (أ.ب)

الوجه الجديد لمنظمة غزة المضطربة

فرضت إسرائيل حظراً على دخول الإمدادات إلى قطاع غزة في مارس (آذار)، متهمة حركة «حماس» بسرقة المساعدات الإنسانية. وقد رُفع هذا الحظر جزئياً، الشهر الماضي، بعد تحذيرات المجتمع الدولي من مجاعة واسعة النطاق في القطاع.

صمم الإسرائيليون نظاماً جديداً لإنشاء مواقع توزيع مساعدات تُدار من قبل متعهدين أمنيين أميركيين داخل القطاع. وكان الهدف، بحسب المسؤولين، هو تجاوز «حماس»، التي تتهمها إسرائيل بسرقة المساعدات المخصصة للمدنيين.

لكن إطلاق عملية «مؤسسة غزة الإنسانية» كان فوضوياً؛ فقد استقال رئيسها السابق قبل ساعات من بدء المبادرة، في أواخر الشهر الماضي، مشيراً إلى نقص في الاستقلالية. ويوم الثلاثاء، قالت شركة « «Boston Consulting Group، وهي شركة استشارية أميركية، إنها انسحبت من مشاركتها مع المؤسسة، وإنها وضعت أحد الشركاء العاملين على المشروع في إجازة، وستُجري مراجعة داخلية لعملها.

وقد انتقدت منظمات إنسانية نهج المؤسسة في توزيع المساعدات بسبب غياب الاستقلالية عن إسرائيل، التي يتمركز جنودها بالقرب من المواقع، وقد أطلقوا ما وصفه الجيش الإسرائيلي بـ«طلقات تحذيرية»، في عدة مناسبات. كما رفضت الأمم المتحدة أي دور لها في هذه الجهود، قائلة إن إسرائيل تُسيّس وتُعسكر المساعدات الإنسانية، مما يعرّض الفلسطينيين للخطر.

ومع ظهور تقارير عن الفوضى في مواقع توزيع المساعدات خلال الأسبوع الأول من المشروع، قال مور إن الجهد «يعمل»، ويجب أن «يُحتفى به».

عندما أبلغت السلطات الصحية في غزة عن وقوع وفيات نتيجة إطلاق نار بالقرب من أحد مواقع المؤسسة، أعاد مور نشر بيان من هاكابي يتهم فيه وسائل الإعلام و«حماس» بنشر معلومات مضللة.

يذكر مور أنه خدم لمدة 18 عاماً في «وورلد هلب»، وهي منظمة إنسانية مسيحية، ضمن خبراته التطوعية، بالإضافة إلى تعيينه الجديد في «مؤسسة غزة»، وأدواره في العديد من المجالس الاستشارية، بما في ذلك ائتلاف المسلمين لأميركا وجامعة حيفا في إسرائيل.

وفي بيان عن تعيينه، قال مور إنه سيساعد في «ضمان أن تفهم الجهات الإنسانية والمجتمع الدولي الأوسع ما يحدث على الأرض». وقد رفضت المؤسسة طلباً لإجراء مقابلة.

ظهر هذا المقال في الأصل في صحيفة «نيويورك تايمز».

شاركها.
Exit mobile version