كروبي يهاجم برلمانيين «يتنافسون في إظهار الولاء لبوتين»

وجه الزعيم الإصلاحي مهدي كروبي سهام نقده إلى نواب في البرلمان يتنافسون على «الولاء المفرط» للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، معتبراً تغلغل الأجهزة العسكرية والأمنية إلى معترك الاقتصاد والسياسة «أصل الفساد والانحدار» في البلاد.

وذكرت مواقع إصلاحية، الخميس، أن تصريحات كروبي جاءت لدى استقباله ابنتي الزعيم الإصلاحي مير حسين موسوي، الذي يخضع برفقة زوجته زهرا رهنورد، للإقامة الجبرية منذ فبراير (شباط) 2011. ورفعت السلطات القيود والإقامة الجبرية عن كروبي في مايو (أيار) الماضي، بعد 14 عاماً.

وأشاد مهدي كروبي بحليفه الإصلاحي مير حسين موسوي، واصفاً إياه بأنه «رئيس وزراء المرشد الأول، الذي نجح في إدارة البلاد خلال سنوات حرب الثمانينات الصعبة».

واستعاد كروبي ذاكرة صيف 2009، حين خاض مع موسوي مواجهة انتخابية مثيرة مع الرئيس المحافظ محمود أحمدي نجاد، ورفض الاثنان نتائج التصويت، قبل أن تتحول نتائج الاقتراع المثيرة للجدل إلى شرارة أطلقت «الحركة الخضراء»، وهي موجة احتجاجات غير مسبوقة هزت أركان النظام على مدى ثمانية أشهر، قبل أن تخمدها القبضة الأمنية والعسكرية.

وقال كروبي: «كنا كلانا نرى الانحراف في تلك الأيام، وشعرنا بالخطر الذي كان يهدد البلاد والثورة، فجئنا لوقف الانحراف الذي زُرعت بذرته عام 2005»، في إشارة إلى ما يعدّه الإصلاحيون تدخلاً من مجتبى خامنئي في نتائج الانتخابات الرئاسية التي أوصلت أحمدي نجاد إلى السلطة على حساب رفسنجاني.

وقال كروبي بنبرة أمل إن البلاد «بحاجة إلى نهاية عاجلة لهذا النهج المأزوم»، الذي قال إنه قوض الحريات وأنتج الانحراف السياسي والاقتصادي في البلاد. وعبر عن تفاؤله بإمكانية إنهاء الإقامة الجبرية المفروضة على موسوي وزوجته.

وانتقد كروبي بشدة تدهور الوضع الاقتصادي، مشيراً إلى أن سعر الدولار «كان 900 تومان عندما فرضت علينا الإقامة الجبرية، واليوم وصل إلى أكثر من 108 آلاف تومان»، مضيفاً أن استمرار هذا المسار «قد يقود البلاد إلى انهيار اقتصادي غير مسبوق».

وقال كروبي إن تغلغل الأجهزة العسكرية والأمنية في مفاصل السلطة، بما في ذلك المجالات الاقتصادية، «كان نذيراً بانهيار المؤسسات الرقابية وانتشار الفساد»، مؤكداً أن «كل التحذيرات التي أطلقها الإصلاحيون قبل أعوام أصبحت واقعاً اليوم».

كما لفت إلى أن الشعب «أدرك الخسائر الجسيمة التي تسبب بها الحكم العسكري غير المباشر»، مضيفاً أن اتهام الإصلاحيين بـ«الفتنة وقلة البصيرة» لم يغير حقيقة أن «ما نشهده اليوم هو نتيجة تلك السياسات الخاطئة».

وفي انتقاد لاذع للبرلمان، قال كروبي إن الانحراف عن مبادئ الثورة وصل إلى درجة أن «بعض العسكريين في البرلمان يتنافسون في الولاء لبوتين»، مضيفاً بسخرية: «حتى لو كان حزب توده الشيوعي في الحكم، لما بالغ في تأييد الروس إلى هذا الحد».

تأتي تصريحات كروبي بعد أقل من أسبوع وجّهها رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، إلى كل من الرئيس الأسبق حسن روحاني، ووزير خارجيته محمد جواد ظريف، على ما وصفه بالإضرار بالعلاقات الاستراتيجية بين طهران وموسكو.

وردد النواب شعار «الموت لفريدون»، في إشارة إلى اللقب العائلي الأول لروحاني. وقال النائب المتشدد أمير حسين ثابتي: «أتمنى أن تتصدى السلطة القضائية لقضايا إساءة التصرف من قبل حسن روحاني، حتى يعود من يفكر في المناصب الأعلى إلى مكانه الحقيقي خلف قضبان السجن». وكان النائب يشير ضمناً إلى اتهامات يرددها خصوم روحاني بشأن سعيه للوصول إلى منصب المرشد، لخلافة خامنئي إذا ما تعذر ممارسة مهامه في حال وفاته أو تعرضه لمحاولة اغتيال من قبل إسرائيل.

وانتقدت أطراف إصلاحية الانتقادات التي وردت على لسان قاليباف ضد روحاني وظريف. وقال المحلل الإيراني والدبلوماسي السابق، عبد الرضا فرجي راد، إن «انتقادات قاليباف لروحاني وظريف كانت رسالة من النظام إلى روسيا»، حسبما أورد موقع «رويداد 24» الإخباري المحلي.

وتبادل مسؤولون روس وإيرانيون كبار الزيارات في الأسبوعين الماضيين، لبحث مسار اتفاق التعاون الاستراتيجي الموقع بين البلدين في يناير (كانون الثاني) الماضي. وذلك بعدما وجّه روحاني وظريف في الأسابيع الأخيرة انتقادات لمواقف روسيا في المفاوضات، وكذلك العقوبات على البرنامج النووي الإيراني. وانتقد روحاني مؤخراً التعويل على الصين وروسيا، مشيراً إلى أنهما لم تعارِضا ستة قرارات أممية فرضت عقوبات على إيران.

وحمّل لافروف، ظريف، مسؤولية إدارة آلية «سناب باك» في الاتفاق النووي، ووصفها بـ«الفخ القانوني الواضح». ومن جانبه، اتهم ظريف روسيا بإجبار إيران للدفع لآلية «سناب باك» التي أعيدت بموجبها العقوبات على طهران، وذلك بعدما طرح نظيراه الفرنسي والروسي مشروعاً آخر خلال مفاوضات 2015 للتصويت على الاتفاق النووي في مجلس الأمن كل ستة أشهر.

وجدد ظريف، الشهر الماضي، انتقادات سابقة لروسيا، بسبب «استدراج» قاسم سليماني، مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري» لزيارة موسكو، بهدف عرقلة الاتفاق النووي، ومسار تحسين العلاقات بين طهران والقوى الغربية. وألقى باللوم على الروس في كشف الزيارة. كما شملت انتقادات بيع الطائرات المسيّرة لروسيا.

ويعد ظريف من بين أبرز المسؤولين الذين يوجهون انتقادات إلى موسكو، ويصر في خطابات على توصية المسؤولين بتوخي الحذر في التعامل مع روسيا. وتربط ظريف وروحاني صلات وثيقة بأطراف معادية لروسيا، الذين يتهمون مسؤولين آخرين بالولاء الشديد إلى موسكو وحماية مصالحها في إيران، وتطلق عليهم وسائل الإعلام الإصلاحية تسمية «روسوفيلية».

وحذر ظريف، الثلاثاء، من مخاطر الإفراط في العداء والتبعية لأي من روسيا أو الغرب، مؤكداً ضرورة أن تبقى إيران متمحورة حول مصالحها الوطنية ومستقلة في توجهاتها السياسية.

وقال ظريف، خلال مشاركته في مؤتمر حول السياسة الخارجية، إن على بلاده أن «تبني مستقبلها على أساس الفرص لا التهديدات، بالاعتماد على شعبها، وقدراتها الدفاعية، وعلاقاتها الإقليمية».

وتطرق الوزير الأسبق إلى مخاطر ما سماه «الروسوفوبيا» (الخوف من روسيا) و«الروسوفيليا» (الانبهار بروسيا)، موضحاً: «كانت لنا خلافات مع روسيا في الماضي، لكنها تبقى جاراً مهماً. إن أي نوع من الفوبيا تجاه الشرق أو الغرب خطر. فـ(الروسوفوبيا) خطيرة بقدر(الغربوفوبيا)، والانبهار بأي من الجانبين خطر أيضاً».

وأضاف ظريف: «نحن إيرانيون، لا شرقيون ولا غربيون، بل مؤمنون بإيران وحدها. يجب أن تكون علاقاتنا مع جيراننا منفتحة على المستقبل، وألا نظل أسرى الماضي».

وتعتمد القيادة الإيرانية اليوم بشكل متزايد على ما تسميه «الاقتصاد المقاوم»، وهي استراتيجية تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي وتعزيز التعاون التجاري مع الصين وروسيا ودول الجوار، ضمن استراتيجية «التوجه نحو الشرق»، التي يطالب بتطبيقها المرشد الإيراني منذ سنوات.

وتتمتع موسكو بعلاقات وثيقة مع طهران، ونددت بالضربات الأميركية والإسرائيلية على المواقع النووية الإيرانية في وقت سابق من هذا العام، التي كان هدفها المعلن منع طهران من امتلاك قنبلة نووية.

شاركها.
Exit mobile version