على مدار نحو عامين، يواجه سائقو الشاحنات المصريون اختباراً قاسياً عند معبر رفح، المنفذ البري الوحيد لقطاع غزة بعيداً عن السيطرة الإسرائيلية المباشرة، حيث تحوّل نقل المساعدات الإنسانية رحلة طويلة مثقلة بالانتظار والرفض الإسرائيلي المتكرر، وسط ظروف معيشية صعبة على الحدود. وفقاً لشبكة «سي إن إن».
مدحت محمد، وهو أحد السائقين الذين ينقلون مواد غذائية مثل العسل والمربى والفول، قال إنه انتظر أسبوعين كاملين عند الجانب المصري من المعبر قبل أن يُطلب منه العودة من دون السماح له بعبور نقطة التفتيش الإسرائيلية. وأضاف: «يسألوننا لماذا نحمل هذه الكميات؟ ولمن؟».
ويؤكد سائقون أن العملية تستهلك أسابيع من أعمارهم بعيداً عن أسرهم، في حين لا يُسمح سوى لنحو 15 إلى 20 شاحنة يومياً بالعبور من أصل 200 تخضع للتفتيش. ويصف محمود الشيخ، الذي يعمل في نقل المساعدات منذ اندلاع الحرب قبل نحو عامين، التجربة بأنها «مهينة» سواء للسائقين أو للفلسطينيين الذين ينتظرون هذه الشحنات بشغف، مشيراً إلى أن الأوضاع الحالية «هي الأصعب منذ بداية الأزمة».
ويُقيم مئات السائقين في ظروف شاقة قرب المعبر، فيما يشبه «حفرة رملية»، مع خدمات أساسية شبه معدومة، بينما يتقاضى الواحد منهم نحو 650 جنيهاً مصرياً يومياً (نحو 13 دولاراً)، يضطر إلى إنفاقها على مياه الشرب والاستحمام والطعام؛ ما يترك القليل لإعالة أسرته. ومع ذلك، يواصلون مهمتهم «لأن الناس في غزة يتضورون جوعاً»، حسب الشيخ.
مساعدات مرفوضة
وبينما يؤكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أن نحو 5 آلاف شاحنة محملة بالمساعدات ما زالت عالقة في الجانب المصري، تقول السلطات الإسرائيلية إنها لا تضع قيوداً على دخول المساعدات من مصر. لكن مسؤولي الإغاثة المصريين يتحدثون عن عراقيل متكررة ومعايير متناقضة في التفتيش الإسرائيلي، تصل أحياناً إلى رفض شحنات سبق أن حصلت على موافقات مسبقة.
أوضحت أمل إمام، رئيسة الهلال الأحمر المصري، أن مئات الطرود، بينها أسرّة عناية مركزة وأسطوانات أكسجين وألواح طاقة شمسية رُفضت مرات عدة «لأسباب واهية»، مشيرة إلى أن العملية أشبه بـ«التجربة والخطأ» وتُكبّد المنظمات الإنسانية أعباء مالية إضافية.
وتزامناً مع صور المجاعة وسوء التغذية في غزة، اندلعت احتجاجات أمام بعثات دبلوماسية مصرية بالخارج الشهر الماضي، متهمة القاهرة بالتواطؤ في تعطيل دخول المساعدات. وردّت القاهرة بتنظيم جولة إعلامية لمعبر رفح، أكدت خلالها أن المعبر «مفتوح من الجانب المصري على مدار الساعة»، محمّلة إسرائيل المسؤولية عن إغلاقه.
إجراءات مرهقة
وحسب شهادات سائقين وعاملين في مجال الإغاثة، فإن إجراءات التفتيش الإسرائيلية عند معبر كرم أبو سالم المجاور قد تستغرق نحو 18 ساعة، تشمل الفحص بالأشعة السينية والتفتيش اليدوي المتكرر، وهو ما يصفه السائقون بأنه «مرهق ومهين».
ورغم كل هذه الصعوبات، يؤكد العاملون في الهلال الأحمر المصري أنهم لن يتوقفوا: «إذا استسلمنا نحن… فمن سيفعل؟».