التقى مراسلا الجزيرة هشام زقوت وأنس الشريف للمرة الأولى في وسط قطاع غزة، بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من محور نتساريم الذي فصل القطاع إلى شطرين لأكثر من عام و3 أشهر.
وجرى اللقاء في شارع صلاح الدين، حيث تمكن الشريف من العبور من شمال القطاع إلى وسطه بسلاسة بعد الانسحاب الإسرائيلي الذي جرى وفقا لبنود اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بين إسرائيل وفصائل المقاومة الفلسطينية.
وقال هشام زقوت إن هذه هي المرة الأولى التي يُسمح فيها للمركبات بالانتقال بحرية من مدينة غزة وشمال القطاع إلى وسطه وجنوبه، واصفا اللقاء مع زميله أنس بأنه لحظة مؤثرة تعكس التغيرات الميدانية بعد الانسحاب الإسرائيلي.
من جانبه، أوضح أنس الشريف أن رحلته من شمال القطاع إلى نقطة اللقاء كانت سهلة، حيث انتقل بالمركبة دون أي عوائق، مشيرا إلى استمرار تدفق السيارات والمواطنين بين شطري القطاع بعد إزالة الحواجز العسكرية الإسرائيلية.
وأكد الشريف أن جيش الاحتلال انسحب بالكامل من محور نتساريم باتجاه المناطق الشرقية، مما أتاح حرية الحركة بين شمال غزة وجنوبها بعد فترة طويلة من الانقسام الجغرافي الذي فرضته قوات الاحتلال.
ويأتي هذا اللقاء بعد إعلان الجيش الإسرائيلي، اليوم الأحد، إتمام سحب قواته من محور نتساريم، في إطار تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن القوات انسحبت بالكامل بعد صدور أوامر رسمية بالتراجع عن هذا المحور.
وكان محور نتساريم يشكل عائقا رئيسيا أمام تنقل الفلسطينيين داخل القطاع منذ احتلاله، حيث فصل مدينة غزة وشمال القطاع عن وسطه وجنوبه، مما تسبب في أزمات إنسانية وصعوبات في إيصال المساعدات.
ويتيح فتح الطريق مجددا للفلسطينيين استئناف التنقل بحرية بين مناطق القطاع، وهو ما رصده مراسلا الجزيرة خلال لقائهما في المنطقة التي ظلت لفترة طويلة مغلقة بسبب الاحتلال الإسرائيلي.
تفاعل إسرائيلي
ولقي لقاء مراسلي الجزيرة صدى واسعا في الإعلام الإسرائيلي، حيث أشارت مراسلة الجزيرة نجوان سمري إلى أن بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية نشرت المقطع وتداولته في الصفحات والمواقع الإخبارية الإسرائيلية باعتباره “رمزيا جدا” لما خلفه محور نتساريم من تداعيات.
وأوضحت سمري أن مراسلة هيئة البث الإسرائيلية إلى جانب عدد من صفحات “تليغرام” نشرت المقطع، مشيرة إلى أن هذا اللقاء يعد تطورا لافتا يبرز التحولات الميدانية في القطاع بعد انسحاب الاحتلال من المحور.
وأكدت سمري أن محور نتساريم يمثل نقطة محورية بالنسبة للجانب الإسرائيلي، إذ كان أحد العقبات التي وضعها رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو أمام أي تقدم في إبرام صفقة تبادل أسرى خلال الأشهر الماضية.
وأضافت أن هناك حديثا إسرائيليا سابقا عن صعوبة الانسحاب من هذا المحور، في ظل طموحات اليمين الإسرائيلي والمستوطنين الذين سعوا لإحياء المشروع الاستيطاني في غزة، عبر وضع خطط واضحة لبناء مستوطنات في المناطق الشمالية من القطاع.
ولفتت إلى أنه مع بدء تفكيك منشآت ومعسكرات الجيش الإسرائيلي في محور نتساريم، تصاعدت ردود فعل غاضبة داخل الأوساط اليمينية المتطرفة التي سبق أن عقدت خلال الحرب مؤتمرات رسمية -وليس مجرد ندوات أو نقاشات- تحت عنوان “إعادة الاستيطان في غزة”.
وأشارت سمري إلى أن هذه المؤتمرات شارك فيها عدد من الوزراء الإسرائيليين، بمن فيهم شخصيات من اليمين المتطرف، وكان أحد هذه المؤتمرات قد عُقد في القدس.
وتابعت أن المستوطنين لم يخفوا طموحاتهم بشأن إعادة الاستيطان، إذ كانت مجموعات منهم تصل إلى منطقة “بئيري”، حيث المدخل المؤدي إلى محور نتساريم، بهدف القيام بجولات استطلاعية.
كما كانت دانييلا فايس، وهي من أبرز قادة المستوطنين، قد دخلت قطاع غزة عدة مرات تحت حماية الجيش الإسرائيلي، رغم فرض قيود على دخول المدنيين، مما يعكس مدى تمسك هذه الأوساط بمشروع الاستيطان.
ولا تقتصر رمزية محور نتساريم على انتهاء العمليات العسكرية البرية، بل تمتد إلى إيقاف طموحات اليمين الإسرائيلي في إعادة الاستيطان داخل القطاع، وهو ما كان البعض يعتقد أنه سينجح، لكنه لم يتحقق.