عمَّت مظاهر الفرحة والاحتفالات في كثير من المناطق اللبنانية، بسقوط الرئيس السوري بشار الأسد. وشهد كثير من المناطق والشوارع، لا سيما ذات الغالبية السُّنية، مظاهر احتفالية.
ففي منطقة طريق الجديدة، معقل الطائفة السُّنيّة في بيروت لم يختلف المشهد عمّا كان عليه في شوارع طرابلس، أكبر المدن السُّنية في لبنان، كما في عكار وفي شارع الحمرا في بيروت. ومنذ فجر يوم الأحد، صدحت التكبيرات في جوامع طريق الجديدة. الشبان نزلوا إلى الشوارع مطلقين العنان لأغاني الثورة السورية التي علت أصواتها في كل مكان. محلات الحلويات غصّت بالزبائن الذين قرروا شراء الحلوى للاحتفال وتوزيعها على الطرقات وفي منازلهم.
وفي ساحة النور التي لطالما كانت ساحة الاحتفالات والاحتجاجات، تجمّع طرابلسيون، مطلقين شعار «ثوار أحرار… حنكمل المشوار»، وحاملين أعلام الثورة السورية، في حين قرّر البعض الآخر إطلاق الرصاص ابتهاجاً.
كذلك، انتشر مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي لتجمعات لشباب في منطقة خلدة، يرقصون على وقع أغاني الثورة السورية.
وكما في الشارع الإسلامي، كذلك في الشارع المسيحي. «كنا ننتظر هذه الفرحة، لكن لم نكن نتوقَّع أننا بتنا قريبين منها إلى هذه الدرجة»، بهذه الكلمات تعبّر ميريام ماجد جبيلي عن فرحتها بسقوط الرئيس السوري. هي التي عاشت 6 سنوات من طفولتها بغياب والدها الذي اعتُقل في سجن «صيدنايا» سيئ السمعة. وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «فرحة كل المعتقلين كانت فرحتي. مع رؤية كل معتقل يخرج من السجن كنت أشعر بأنني الطفلة التي تنتظر والدها ليخرج إلى الحرية، بحرية هؤلاء شعرت بأنني ثأرت لأبي، الذي عاش ظلم هذا النظام كما عاشه كثيرون مثله». وتضيف ميريام، التي دعت أصدقاءها للاحتفال بهذا اليوم: «أنا التي ترعرعت على أخبار هذا النظام المجرم، وما تعرَّض له أصدقاء وأقرباء كثر من ظلم على أيديه. رأيت اليوم فجأة أنَّ أبواب السجون تُفتَح، شعرت وكأننا لم نكن جاهزين لكل هذا الفرح، وتمنيت لو كان والدي، الذي توفي قبل 3 سنوات، حياً ليعيش معنا هذه اللحظات».
في المقابل، أعاد سقوط النظام السوري الأمل إلى العائلات التي لا تعلم شيئاً عن أبنائها المعتقلين في السجون السورية منذ سنوات، بحيث قرّر بعضهم الذهاب إلى سوريا للبحث عن أقاربه. ويقول حسين الذي يأمل أن يلتقي والده الذي اعتُقل وكان عمره 5 سنوات: «والدي معتقل في سجون النظام السوري منذ 40 عاماً، وغداً سأتوجه إلى دمشق في محاولة للبحث عنه، على أمل معرفة أي شيء عن مصيره، أو لعلّي ألتقي معتقلين التقوه، ويعرفون أي شيء عنه».
وهذه الفرحة تجسّدت في منطقة عكار عبر ردة فعل عبَّر عنها بعض الأشخاص مما يسمى «محور الممانعة» في لبنان، حيث تم تداول مقطع فيديو، على مواقع التواصل الاجتماع، يظهر مجموعة من الشبان اللبنانيين وهم يقتحمون مكتب حزب «البعث العربي الاشتراكي» في منطقة عكار شمال لبنان.
وعبّر الشبان عن غضبهم من النظام السوري وأذرعته السياسية، عبر رمي صور الرئيس السوري بشار الأسد على الأرض.
ولم تقتصر «الاحتفالات» بسقوط النظام على وسائل التواصل الاجتماعي، بل صدرت دعوات فردية وحزبية من قبل جهات معارضة للنظام السوري في لبنان، للتجمُّع في هذه المناسبة واستذكار الشخصيات اللبنانية التي اغتيلت، وفق ما يؤكد جزء من اللبنانيين، على يد النظام السوري.
وبعد ظهر الأحد، سجّل لقاء صغير بين شخصيات سياسية معارضة في وسط بيروت، وتحديداً في «ساحة الصحافي سمير قصير» الذي يَتَّهم المعارضون في لبنان النظامَ السوري باغتياله عام 2005.
وفي الشوف، أمّت وفود شعبية حاشدة قصر المختارة، (مقر رئيس «الحزب الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط)، وضريح المعلم الشهيد كمال جنبلاط؛ «احتفاءً بسقوط النظام السوري»، وسط هتافات للحرية وصلاة عند الضريح، بحسب ما أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام».
ودعا حزب «الكتائب» للقاء عام مساء يوم الاثنين في مقر رئيسه في منطقة بكفيا، في المتن، حيث ستكون للنائب سامي الجميل كلمة تليها مسيرة باتجاه مدافن بكفيا للصلاة أمام أضرحة الشيخ بيار، والشهيدَين بشير وبيار الجميل، (رئيس الجمهورية السابق والنائب السابق).
دعوة للقاء عام في مقر رئيس الكتائب في بكفياحيث سيكون للرئيس كلمة متلفزة تليها مسيرة باتجاه مدافن بكفيا للصلاة أمام أضرحة الشيخ بيار والشهيدين بشير وبيار الجميّلالإثنين 9 كانون الأولالساعة 5 مساء pic.twitter.com/ofh1dCSim5
— Lebanese Kataeb Party (@LebaneseKataeb) December 8, 2024
وكان النائب في حزب «الكتائب» نديم الجميل، قد دعا إلى التجمع في الأشرفية مساء الأحد، وكتب على حسابه على منصة «إكس»: «لمناسبة سقوط طغاة الشام، قتلة الرؤساء والأحرار، يدعوكم الرئيس (والده رئيس الجمهورية الراحل) بشير الجميل للاحتفال مع الأعلام اللبنانية في ساحة ساسين مساء الأحد».