اتهمت لجنة تحقيق دولية مستقلة تابعة للأمم المتحدة إسرائيل، اليوم الثلاثاء، بارتكاب «إبادة جماعية» في قطاع غزة منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 «بهدف القضاء» على الفلسطينيين، بينما قالت إسرائيل إنها «ترفض رفضاً قاطعاً التقرير المشوه والخاطئ»، داعيةً إلى «حلّ لجنة التحقيق هذه فورا».
وقالت رئيسة لجنة التحقيق الدولية نافي بيلاي في مقابلة مع «وكالة الصحافة الفرنسية»: «خلصنا إلى أن إبادة جماعية تحدث في غزة ولا تزال جارية، وأن المسؤولية تتحملها دولة إسرائيل».
وأضافت: «تقع المسؤولية عن هذه الجرائم المروعة على عاتق السلطات الإسرائيلية على أعلى المستويات التي قادت حملة إبادة جماعية منذ ما يقرب من عامين بهدف محدد هو القضاء على الفلسطينيين في غزة».
واستشهدت اللجنة بأمثلة منها حجم عمليات القتل، وعرقلة المساعدات، والنزوح القسري، وتدمير مركز للخصوبة لدعم النتائج التي خلصت إليها بشأن الإبادة الجماعية، لتضيف صوتها إلى جماعات حقوق الإنسان وغيرها من المنظمات التي توصلت إلى نفس النتيجة.
يعد التحليل القانوني للجنة، المؤلف من 72 صفحة، أقوى استنتاجات للأمم المتحدة حتى الآن، لكن اللجنة مستقلة ولا تتحدث رسميا باسم الأمم المتحدة. ولم تستخدم المنظمة الدولية مصطلح الإبادة الجماعية بعد، لكنها تتعرض لضغوط متزايدة لتفعل ذلك.
وتواجه إسرائيل قضية أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي تتهمها بالإبادة الجماعية. وترفض إسرائيل هذه الاتهامات، وتشير إلى أن من حقها الدفاع عن النفس عقب الهجوم الذي شنته حركة «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، والذي أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 251 رهينة، وفقا لأرقام إسرائيلية.
وأدت الحملة العسكرية الإسرائيلية التي تلت ذلك في غزة إلى مقتل أكثر من 64 ألف فلسطيني، وفقا لوزارة الصحة في غزة، في حين يقول مرصد عالمي للجوع إن جزءا من القطاع يعاني من المجاعة.
وتُعرّف اتفاقية الأمم المتحدة بشأن الإبادة الجماعية لعام 1948، التي تم إقرارها في أعقاب أعمال القتل الجماعي التي ارتكبتها ألمانيا النازية بحق اليهود، الإبادة الجماعية بأنها الجرائم المرتكبة “بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية”. ولاتخاذ قرار بوجود إبادة جماعية، يجب ارتكاب فعل واحد على الأقل من بين خمسة أفعال.
وتوصلت لجنة الأمم المتحدة إلى ارتكاب إسرائيل أربعة منها هي: القتل، والتسبب في أذى جسدي أو نفسي خطير، وتعمد فرض ظروف معيشية تهدف إلى تدمير الفلسطينيين كليا أو جزئيا، وفرض تدابير تستهدف منع إنجاب الأطفال.
وساقت اللجنة أدلة تضمنت مقابلات مع ضحايا وشهود وأطباء ووثائق مفتوحة المصدر تم التحقق منها وتحليل صور الأقمار الصناعية التي تم جمعها منذ بدء الحرب.
تجريد الضحايا من إنسانيتهم
خلصت اللجنة أيضا إلى أن تصريحات لنتنياهو ومسؤولين آخرين تعد «دليلا مباشرا على نية الإبادة الجماعية». وأشارت إلى رسالة كتبها إلى جنود إسرائيليين في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، شبه فيها عملية غزة بما وصفته اللجنة بأنها «حرب مقدسة للإبادة الشاملة» في العهد القديم.
ويذكر التقرير أيضا بالاسم الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت.
وقالت بيلاي، وهي من جنوب أفريقيا وترأست محكمة الأمم المتحدة المعنية برواندا حيث قُتل أكثر من مليون شخص عام 1994، إن الوضعين متشابهان. وأضافت «عندما أنظر إلى وقائع الإبادة الجماعية في رواندا، أجدها مشابهة لهذا للغاية. إنكم تجردون الضحايا من إنسانيتهم. إنهم حيوانات، ولذلك، بلا وخز من ضمير، يُمكن قتلهم».
وأشارت محكمة العدل الدولية إلى تصريحات إسرائيلية أخرى فيما يتصل بغزة والفلسطينيين عندما أصدرت أمرها المتعلق بتدابير طارئة في عام 2024، لكنها لم تذكر نتنياهو بالاسم.
وقالت بيلاي، التي ستتقاعد في نوفمبر تشرين الثاني، «آمل أن يؤدي تقريرنا إلى انفتاح عقول الدول أيضا”».